اتخذ التباعد السياسي في الولاياتالمتحدة منحى شعبوياً أمس، إذ بدأ نواب ديموقراطيون اعتصاماً مفتوحاً في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، احتجاجاً على شلل في ملف اقتناء الأسلحة. تزامن ذلك مع دخول المرشحَين المفترضين للرئاسة هيلاري كلينتون ودونالد ترامب حرباً إعلامية مفتوحة، إذ تراشقا اتهامات بالكذب والفساد. وفي تحرك هو الأول منذ عقود في الكونغرس، نظمت الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب اعتصاماً، إذ احتلّت الباحة الداخلية للمقرّ، في انتظار إتاحة الجمهوريين إقرار تشريعات تحدّ من انتشار الأسلحة، بعد مجزرة أورلاندو التي أوقعت 49 قتيلاً. لكن الأكثرية الجمهورية ترفض المسّ بحق التسلّح الوارد في الدستور، علماً أن الكونغرس لم يصدر أي تشريع رئيس في شأن تقييد انتشار الأسلحة، منذ عام 1994. ووصف الرئيس الجمهوري لمجلس النواب بول ريان الاعتصام بأنه «دعائي»، لكنه أعطى مؤشرات إلى إمكان التصويت على التشريعات، بعد عطلة الكونغرس في 4 تموز (يوليو) المقبل، فتقلّص حجم الاعتصام بعدما جلس النواب الديموقراطيون 24 ساعة في الممرات، وعطّلوا عمل المجلس. لكن جون لويس، وهو نائب ديموقراطي قاد الاحتجاج وكان أحد الزعماء المطالبين بالحقوق المدنية في ستينات القرن العشرين، تعهد متابعة المعركة قائلاً: «قطعنا شوطاً وحققنا تقدماً وعبرنا جسراً، لكن ما زال علينا عبور جسور (أخرى). عندما نعود في تموز سنبدأ مجدداً، الشعب الأميركي يرغب في أن نفعل شيئاً». وكاد النواب الديموقراطيون والجمهوريون يشتبكون، بعدما اقترب النائب الجمهوري لوي غوميرت من زملائه الديموقراطيين، وصرخ «الإسلام الراديكالي»، فصرخت في وجهه النائب الديموقراطية كورين براون، قبل أن يبعدهما زملاؤهما. وطغى اعتصام الديموقراطيين على أجواء الحملة الرئاسية بين ترامب وكلينتون، على رغم تصعيد محتدم بين الجانبين، فبعدما طرد مدير حملته وتراجع في استطلاعات الرأي وفي الولايات الحاسمة، حاول ترامب تعديل استراتيجيته وتركيز هجومه على وزيرة الخارجية السابقة، إذ اعتبر أنها «كاذبة من طراز عالمي، وقد تكون أكثر شخصية فاسدة في تاريخ الولاياتالمتحدة»، واتهمها ب «إتقان سياسة الربح الشخصي والسرقة»، محمّلاً إياها مسؤولية الفوضى في الشرق الأوسط، وزاد: «قراراتها نشرت الموت والدمار والإرهاب في كل مكان مسّته». وردت حملة كلينتون متهمة البليونير النيويوركي بالكذب والنفاق واليأس، وسخرت من استناده إلى «نظريات مؤامرة». كما نشرت نصاً بتصريحات مغلوطة استخدمها ترامب في حملته. وساعد كلينتون أمس دعم شخصيات جمهورية لها في الوسطين الاقتصادي والسياسي، بينها برنت سكوكروفت (91 سنة)، وهو مستشار سابق للأمن القومي في إدارتي الرئيسين الجمهوريين السابقين جيرالد فورد وجورج بوش الأب. وأعلن المدير المالي لحملة ترامب أن الأخير أعفى الحملة من قروض قيمتها 50 مليون دولار قدّمها لها، وسط استمرار تململ جمهوري من حملته، وتردد أثرياء الحزب في دعمه مادياً، وعودة الحديث عن إمكان تسمية شخصية أخرى في المؤتمر الحزبي الشهر المقبل، إذا استمر تراجعه في استطلاعات الرأي. وتتقدّم كلينتون بفارق ثماني نقاط في ولاية فلوريدا الحاسمة، كما تنافس ترامب في ولايات محسوبة على الجمهوريين تقليدياً، مثل نيفادا وجورجيا وكارولينا الشمالية. وأوردت صحيفة «بوليتيكو» أن السيناتور عن ولاية فيرجينيا تيم كاين يتصدر الأسماء المرشحة لمنصب نائب الرئيس إلى جانب كلينتون، بسبب رصيده الطويل في الكونغرس وإتقانه الإسبانية وشعبيته بين الأميركيين البيض، ما قد يساعد الوزيرة السابقة في الانتخابات، علماً أن بيرني ساندرز، المنافس السابق لكلينتون على الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي، أقرّ بانعدام حظوظه، ويُنتظر أن يدعم المرشحة علناً في الأسابيع المقبلة.