بعد أيام على تكريسه «المرشح المفترض» للجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأميركية، تبنّى رجل الأعمال دونالد ترامب التوسُّع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية إلى أقصى الحدود، مشيراً إلى أنه «يجب ألّا يتوقف». وفي وقت استمر الفتور الجمهوري حول ترشيح ترامب في ظل تأكيد زعيم الحزب في مجلس النواب بول رايان أنه «غير جاهز بعد لتأييده»، اتخذ المرشح الرئاسي موقفاً غريباً، إذ اعتبر أن بريطانيا «ستكون أفضل حالاً» من دون الاتحاد الأوروبي، لكنه أشار إلى أن هذا رأيه الشخصي وليس «توصية». وقال الثري الأميركي لشبكة «فوكس نيوز»: «أعتقد بأن الهجرة كانت أمراً رهيباً لأوروبا. والكثير من هذه الأمور أتى نتيجة عمل الاتحاد الأوروبي... إن البريطانيين أفضل حالاً من دون هذا الأمر، وهذا رأي شخصي ولن أجعله توصية. إنه مجرد شعور». من جهة أخرى، ضرب ترامب بعرض الحائط تعهده سابقاً وساطة نزيهة في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقال في مقابلة مع صحيفة «دايلي ميل» البريطانية رداً على سؤال حول التوسُّع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية: «على إسرائيل أن تستمر فيه. عليهم أن يثابروا على ذلك ولا أعتقد بأن عليهم أن يتوقفوا». وكان ترامب قال في خطابه أمام لجنة العلاقات الإسرائيلية - الأميركية (أيباك) أنه يؤيد نقل السفارة الأميركية إلى القدس. ومن ضمن التغييرات في صورة ترامب، محاولة تودّده إلى الأقلية اللاتينية أمس، بعدما تعهّد ترحيل كثيرين من أبنائها وبناء جدار فاصل مع المكسيك. ونشر ترامب على صفحاته الإلكترونية صورته وهو يتناول سَلَطَة «تاكو»، وأرفقها بعبارة «أنا أحب اللاتينيين»، في بادرة لم تلقَ استحسان الجميع، إذ أثارت التغريدة التي نشرها في هذا الشأن، مشاعر غضب وحيرة وسخرية بين بعض مستخدمي مواقع التواصل وبينهم المرشحة الديموقراطية الأوفر حظاً للانتخابات هيلاري كلينتون. وكتبت كلينتون على «تويتر» ساخرة: «أنا أحب اللاتينيين - ترامب قبل 52 دقيقة. سيجري ترحيلهم - ترامب بالأمس» إلى جانب صورته وهو يتناول «تاكو». وأثارت الصورة تعليقات ساخرة بسبب مواقف ترامب من الأقلية ومعارضة 75 في المئة منها ترشيحه. واستمرت مشاكل المرشح الجمهوري داخل حزبه مع تردُّد زعيم مجلس النواب بول رايان في دعمه وإعلان المرشح السابق ميت رومني أنه لن يشارك في المؤتمر الحزبي في تموز (يوليو) المقبل. وقال رايان لشبكة «سي أن أن»: «كي أكون صريحاً بالكامل، لستُ جاهزاً بعد لفعل ذلك لكنني آمل به وأريده. وأعتقد بأن المطلوب هو أن نوحّد صفوف هذا الحزب». ووظّفت هيلاري كلينتون هذه الانقسامات الجمهورية في إعلانات تلفزيونية تنال من رصيد ترامب وتعيد تصريحاته حول منع المسلمين من المجيء إلى الولاياتالمتحدة واستهزاء الجمهوريين به. غير أن كلينتون لم تحسم ترشيحها بعد في أوساط الديموقراطيين، على رغم تقدُّمها بعدد المندوبين أمام السيناتور اليساري بيرني ساندرز. وتنتظرها معارك انتخابية قاسية خلال الأسبوعين المقبلين في ولايات غرب فيرجينيا وأوريغون وكنتاكي حيث يتقدم منافسها. ويتوقّع الديموقراطيون حسم السباق بين كلينتون وساندرز في معركة كاليفورنيا في 7 حزيران (يونيو)، حيث التنافس على أصوات أكثر من 500 مندوب، وتظهر الاستطلاعات تقدم كلينتون. أوباما إلى ذلك، حض الرئيس الأميركي باراك أوباما مواطنيه ووسائل الإعلام في بلاده على «التدقيق عن كثب في سجل حافل» لترامب، وألا تُشتِّت انتباههم مظاهر «الإثارة والسيرك» المواكبة لحملة انتخابات الرئاسة. وشدد على «ضرورة أن نتعامل بجدية مع التصريحات التي أدلى بها (ترامب) في الماضي»، مؤكداً أن رئاسة الولاياتالمتحدة «هي وظيفة مهمة، وليست تسلية». وتابع: «هذه ليست حلقة في برنامج تلفزيون الواقع»، في إشارة إلى تقديم المرشح الجمهوري برنامجاً شهيراً من هذا النوع يحمل اسم «ذي أبرينتيس». وامتنع أوباما عن دعوة ساندرز الذي يسعى إلى الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي لخوض انتخابات الرئاسة، إلى الانسحاب من السباق لمصلحة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. واستدرك أن «الجميع يعلم الوضع الحسابي» لحملته، في إشارة إلى تخلّف ساندرز عن منافسته، لكنه اعتبر أنه أنجز «عملاً رائعاً»، من خلال إثارته مسائل مهمة خلال حملته الانتخابية.