لاحت بوادر تطور مثير على قضية شبكة التجسس الروسية التي اعلن أخيراً، كشف نشاطها في الولاياتالمتحدة، اذ ترددت معطيات عن «صفقة» محتملة لتبادل الجواسيس بين موسكووواشنطن، وتزامن التطور مع اعراب موسكو عن قلقها بسبب تصميم واشنطن المضي في خططها لنشر درع صاروخية في شرق اوروبا. تزامن ذلك مع انتقاد موسكو وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بسبب ما وصفته ب «احتلال روسي» لقسم من جورجيا. وبعد مرور ايام التزمت خلالها موسكو الصمت حول ملف شبكة التجسس، بدا ان القضية قد تشهد تطوراً لافتاً سيشكل اذا تحقق تراجعاً عن الموقف الروسي الرسمي الذي نفى صحة «المزاعم» بتورط مواطنين روس في نشاط تجسسي. اذ اعلنت مؤسسات حقوقية روسية ان «صفقة لتبادل الجواسيس يتم ترتيبها على الأرجح» بين «موسكو من جهة وبريطانيا او الولاياتالمتحدة أو الطرفين معاً من جهة أخرى،» كما قال ارنست تشورني وهو مدير مركز حقوقي متخصص يتابع ملفات اشخاص مسجونين في روسيا لتهم التجسس لبلدان غربية. وأوضح تشورني ان الحديث يدور بالدرجة الأولى عن خبير نووي روسي هو ايغور سوتياغين الذي حكم عليه في العام 2004 بالسجن 15 سنة بعد ادانته بالتجسس لمصلحة واشنطن. وأوضح تشورني أن موسكو «تسعى الى مبادلته بأشخاص مهمين بالنسبة الى روسيا» من دون ان يوضح ما اذا كان المقصود هم افراد الشبكة المحتجزين لدى الولاياتالمتحدة او اشخاص آخرين. في الوقت ذاته، اوضحت محامية سوتياغين آنا ستافيتسكايا ان عملية التبادل المحتملة تشتمل على اطلاق 11 شخصاً من روسيا بينهم سوتياغين ذاته في مقابل استرداد 11 شخصاً معتقلين لدى اجهزة اجنبية. وزادت ان سوتياغين «ابلغ ذويه بهذا التطور اخيراً». وأثارت هذه التصريحات تكهنات بأن «الصفقة» ربما تكون مع واشنطن ولندن معاً، باعتبار ان عدد افراد الشبكة المحتجزين في الولاياتالمتحدة عشرة وليس 11 شخصاً. الى ذلك افاد مركز حقوقي ان سوتياغين نقل قبل يومين في شكل مفاجئ من سجنه في احد الأقاليم النائية الى مركز توقيف في موسكو، ما عزز فرضية العمل لإنجاز اتفاق المبادلة. وكان سوتياغين وهو خبير نووي مسؤولاً عن قسم السياسة العسكرية والسياسية في معهد دراسات كنداوالولاياتالمتحدة عندما اعتقل في العام 1999، واعتبرته المحكمة مذنباً بجريمة «الخيانة العظمى» لنقله معلومات سرية الى شركة بريطانية كانت تعمل كواجهة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في روسيا. لكن منظمات حقوقية اعتبرت سوتياغين «سجيناً سياسياً» خصوصاً انه اكد ان المعلومات التي نقلها الى الشركة «حصل عليها من مصادر علنية مثل وسائل الإعلام». في غضون ذلك صعدت موسكو من موقفها المعارض لنشر «الدرع» الأميركية في بولندا ولوح نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف إلى ما وصفه «رد فعل مبرراً» قد تقوم به موسكو، مشيراً الى ان موسكو ترى أن الحجج والمبررات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لنشر عناصر «الدرع» في أوروبا «غير مقنعة». وكرر موقف بلاده الذي يشدد على أن «التهديد الصاروخي الذي تشير إليه واشنطن في هذه المسألة غير موجود أصلاً لأن إيران لا تملك ولن تحصل قريباً على صواريخ بالستية عابرة للقارات تستطيع تهديد أوروبا والولاياتالمتحدة بها». واعتبر أن الاتفاقية الأميركية - البولندية التي تم توقيعها اخيراً، لنشر «الدرع» تسبب قلقاً لدى روسيا وتدعونا الى التساؤل: «من أي خطر تحاول الولاياتالمتحدة حماية أوروبا من طريق نشر منظومات دفاع صاروخية مركزة على الأرض؟».