انكشف امس مخطط اسرائيلي سري يهدف الى السيطرة على ما يسمى «الحوض المقدس» من خلال اقامة شبكة حدائق وطرق لتطويق البلدة القديمة في القدسالشرقيةالمحتلة وإحداث تغيير جذري في الوضع القائم فيها. وكشفت جمعية «عير عميم» الإسرائيلية التي ترصد النشاط الاستيطاني في القدسالمحتلة، مخططاً حكومياً رسمياً وسرياً بالتعاون مع جمعيات استيطانية في المدينة لإقامة تسع «حدائق ومتنزهات وطرق ومواقع أثرية ستغير جذريا الوضع القائم في المدينة». وبحسب التفاصيل التي أوردتها صحيفة «هآرتس»، يتبين أن المخطط يندرج في إطار المشروع الاستيطاني الأشمل للسيطرة على «الحوض المقدس» في البلدة القديمة الذي شرعت منذ سنوات في السيطرة عليه من خلال تحويل مواقع أثرية تاريخية فلسطينية إلى مواقع يهودية مقدسة، وأخذت تعتبره «موقعاً استراتيجياً» وتصر على إبقائه تحت سيطرتها في إطار أي اتفاق على التسوية الدائمة، وليس قبل ذلك. وذكرت الصحيفة أن تنفيذ المخطط السري أنيط ب «سلطة تطوير القدس» التي قدمت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تقريراً الى رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت جاء فيه أن الهدف من المشروع إقامة سلسلة كاملة من الحدائق المحيطة بالبلدة القديمة. وأضافت أن الحدائق ستبدأ من الجهة الجنوبية وتتحرك نحو الشمال الشرقي، وتمر ب «مدينة داود» وجبل الزيتون، وتلف أسوار البلدة القديمة، وتتواصل حتى جبل سكوبس، وتنتهي بالاتصال بالمنطقة المعروفة ب «إي 1» شمال مستوطنة «معاليه أدوميم». واستنتجت جمعية «عير عميم» من المخطط أنه «يهدف أساساً الى اقامة اتصال جغرافي لمواقع أثرية تاريخية يهودية لربطها بالمستوطنات الاستراتيجية حول مدينة القدس، مثل منطقة «إي 1». وأضافت أن المخطط الجديد يلتقي مع مخطط آخر وضعته البلدية الإسرائيلية للقدس أواخر العام 2007 لتنفيذ أعمال تطوير بوتيرة عالية في المواقع الأثرية الأهم في القدس. ويشمل المخطط إقامة قطار هوائي ومتنزه وأنفاق «تحمل سمات حديقة ألعاب توراتية» تشغلها جمعيات استيطانية، وتقوم على أساس إقصاء السكان الفلسطينيين من أماكن سكنهم، وإقامة «القدس القديمة» التي تضم مدينة داود وجبل الزيتون وقصر المندوب السامي، حسب ما كتب مدير إحدى الجمعيات الاستيطانية، وهو من المتدينين المتشددين، في رسالة إلى الجهات الرسمية المعنية بالمشروع. ورأى المدير العام لجمعية «عير عميم» المحامي دانئيل زايدمان أن تنفيذ المخطط سيحدّ من إمكان التوصل إلى تسوية جغرافية في القدس «إذ سيحصرها في شقيها الشمالي والجنوبي، ويستثني المناطق المحيطة بالبلدة القديمة من خلال نقل السيطرة العملية عليها إلى الجمعيات الاستيطانية». وأضاف أن هذه السياسة تؤجج الصراع وتهدد بتحويله من صراع قومي قابل للسيطرة والحل، إلى صراع ديني لا رجاء منه. وزاد أنه بغض النظر عن الموقف الأفضل من الحل المنشود لقضية القدس، فإن «المخطط يعكس عدم مسؤولية كبيرة، إذ أن تسليم المفاتيح في منطقة حساسة كهذه في لب الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي الى جهات يمينية متطرفة هو عمل أحمق ينطوي على احتمال اشتعال حقيقي للوضع». وأضاف أنه على رغم الأبعاد الخطيرة لهذا المخطط الذي يحظى بدعم رئيس الحكومة السابق «إلا أنه يتم تحت ستار من السرية وبلا شفافية أو أن يتداوله الرأي العام، ومن خلال إخفاء الأمر من جهات معنية لها وزنها الكبير». وعقبت جمعية «إلعاد» الاستيطانية على أقوال زايدمان بالقول إن «الحوض المقدس هو موقع أثري وتراث قومي ودولي يضم كنوزاً أثرية عن القدس منذ 4000 عام». ويأتي كشف هذا المخطط السري عشية توجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى شرم الشيخ للقاء الرئيس حسني مبارك، وهي زيارة استبقها نتانياهو باعلان رفضه الانسحاب من الجولان السوري المحتل، فيما أفادت أوساطه القريبة أنه سيؤكد للرئيس المصري، ولاحقا للرئيس باراك اوباما في اجتماعه معه الاثنين المقبل في واشنطن، أولوية الملف النووي الايراني الذي يعتبره «العائق في طريق السلام في الشرق الأوسط»، فضلاً عن أنه يهدد الدول العربية المعتدلة بشكل لا يقل عن تهديده الدولة العبرية.