فرضت قوات الجيش والشرطة طوقاً أمنياً مكثفاً أمام مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في حي مدينة نصر شرق القاهرة، مع بدء اللجنة مباشرة أعمالها أمس بفتح باب الترشح في الانتخابات. وتمركزت آليات ومدرعات للجيش والشرطة قرب مقر اللجنة في الهيئة العامة للاستعلامات، واصطف عشرات الجنود خلف حواجز حديد طوّقت المدخل المؤدي إلى اللجنة معززين بكلاب بوليسية للتفتيش. ووقف مواطنون أمام اللجنة رافعين لافتات تؤيد وزير الدفاع السابق المشير عبدالفتاح السيسي في الانتخابات، ورفع بعضهم صوره. لكن مواطنين آخرين توجهوا إلى اللجنة لسحب أوراق الترشح في الانتخابات ليجذبوا عدسات كاميرات الصحافيين والقنوات الفضائية، على رغم أنه لا فرص لديهم لخوض الانتخابات أصلاً، إذ يتطلب قبول أوراق المرشح الحصول على 25 ألف توكيل من ناخبين موزعين على 15 محافظة على الأقل بحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها، في حين أن هؤلاء المرشحين يشكون دفع 20 ألف جنيه (نحو 3 آلاف دولار) كتأمين يُسترد بعد إعلان نتيجة الانتخابات وخصم مصاريف. وظهر أن هؤلاء المرشحين غير المحتملين يتطلعون إلى الظهور الإعلامي ليس أكثر، فمنهم مدير مدرسة سابق وخبير اقتصادي غير معروف ومهندس التفت حولهم عدسات الفضائيات وأجهزة تسجيل الصحافيين للحديث عن مشاريعهم وبرامجهم لتطوير مصر، ولم تفتهم المطالبة بالحياد الإعلامي ومنحهم الفرصة للظهور في وسائل الإعلام لطرح برامجهم. الملابس المهندمة والأسطوانات المدمجة التي تحوي سيرهم الذاتية كانت وسائلهم الدعائية في أول، وربما آخر، زيارة للجنة العليا للانتخابات التي منعوا أصلاً من دخولها، إذ إن تعليمات اللجنة تقضي بدفع مبلغ التأمين واستيفاء شروط الترشح وتقديم كل الأوراق بما فيها آلاف التوكيلات الرسمية، للسماح لطالب الترشح بدخول اللجنة، وتقديم أوراقه. وعلى رغم أن قانون انتخابات الرئاسة اشترط للمرة الأولى حصول المرشح على مؤهل جامعي للسيطرة على تلك الظاهرة التي بدت لافتة في انتخابات الرئاسة الماضية في عام 2012، إلا أنها بدت مُرشحة للتكرار في الانتخابات المرتقبة، خصوصاً أن لهؤلاء المرشحين مهمة موقتة في ظل ندرة المرشحين هذه المرة. وفي انتخابات 2012، تنافس 13 مرشحاً كان الإعلام يتعامل مع غالبيتهم على أنه مرشح محتمل حتى قبل فتح باب الترشح، أما في هذه الانتخابات فحتى بعد فتح باب الترشح، لا يظهر في الأفق سوى السيسي ومؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي. وفي ظل ندرة المعلومات عن حملة السيسي تحديداً سيجد الإعلام في «المرشحين غير المحتملين» ضالته للحديث عن بدء انتخابات الرئاسة. كما أن أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» أيضاً يتصيدون هؤلاء الحالمين للتقليل من جدوى الانتخابات، وإظهار أن المرشحين لخلافة الرئيس المعزول محمد مرسي مجرد «نكرات»، على رغم كونهم غير مرشحين أصلاً. لكن هذا الاهتمام الموقت سينتهي حتماً مع غلق باب الترشح في 20 نيسان (أبريل) الجاري تمهيداً لانطلاق المعركة الحقيقية التي يُتوقع أن تنحصر بين السيسي وصباحي.