أبدى جون كيري، أول وزير خارجية أميركي يزور متحف نصب السلام في هيروشيما الذي يشكل شهادة محزنة على القصف النووي الذي دمر المدينة وأسفر عن 140 ألف قتيل في 6 آب (أغسطس) 1945، تأثره العميق أمام «قوة الصور التي تقطع الأحشاء والأدلة التي تؤرخ ما حدث»، وحض الرئيس باراك أوباما على زيارة المكان. ويمتلئ متحف هيروشيما بصور ضحايا الهجوم النووي الأميركي الذين أصيبوا بحروق بالغة، كما يعرض ملابسهم الممزقة والملطخة بدماء، إلى جانب تماثيل تذكارية تصف حالهم واللحم يذوب من أطرافهم. ولم يقدم كيري اعتذارات رسمية من الولاياتالمتحدة عن أول قصف ذري في التاريخ، لكنه دعا أمام الصحافيين إلى «عالم بلا أسلحة نووية»، كما فعل بيان «إعلان هيروشيما» لوزراء خارجية دول مجموعة السبع، والذي أدرج الاستفزازات المتكررة لكوريا الشمالية «بين تحديات جعل العالم أكثر أماناً». وعلّق كيري: «ما يفعله الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يخالف المسار الذي يريد العالم أن يتبعه». ودوّن في الكتاب الذهبي للمتحف: «يجب أن يرى كل العالم قوة هذا النصب ويشعر بها». وأكد كيري الذي قاتل في حرب فيتنام قبل أن يصبح مشككاً في نزعة التدخل لدى الولاياتالمتحدة ويؤيد نزع السلاح، أن «هذا المكان يذكرنا بقوة وقسوة بأن واجبنا لا يقتصر على إنهاء تهديد الأسلحة النووية بل أن نفعل كل ما هو ممكن لتجنب الحرب». وبعد زيارتهم المتحف الذي يعكس حجم الكارثة وقسوتها، توجه وزراء خارجية دول مجموعة السبع إلى الحديقة المحيطة به، ووضعوا أكاليل من الورود أمام القوس الذي يشرف على قبر دوّنت عليه أسماء الضحايا مع وعدٍ حُفر على الحجر: «ارقدوا بسلام. لن نسمح بتكرار هذه الفاجعة». واستقبلهم حشد من التلاميذ لوّحوا بأعلام الدول السبع (الولاياتالمتحدةواليابان وكندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا)، وسلموهم عقداً لطيور من ورق ترمز إلى السلام. وبناء على اقتراح من كيري، زار الوزراء موقع قبة القنبلة النووية، وهو أطلال للمبنى الوحيد الذي بقي قائماً قرب موقع انفجار القنبلة، والمدرج على لائحة التراث العالمي في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو). واعتبر وزير الخارجية الياباني فومي كيشيدا يوم 11 نيسان (أبريل) 2016 «يوماً تاريخياً» لبلده. وكان قصف هيروشيما بقنبلة ذرية ثم مدينة ناغازاكي بعد ثلاثة أيام، حين سقط 74 ألف قتيل، سرّع استسلام اليابان وانتهاء الحرب العالمية الثانية. وقال رجل الأعمال جون ميورا (43 سنة) الذي كان في الحديقة: «لا نشعر بكراهية أو غضب تجاه الولاياتالمتحدة، ونريد أن نري رئيسها بنفسه ما حدث». وطغت هذه الزيارة التي لا سابق لها لوزير الخارجية الأميركي ونظيريه في القوتين النوويتين الأخريين في مجموعة السبع، فرنسا وبريطانيا، على محادثات الوزراء في شأن القضايا الراهنة الكبيرة، وأهمها الإرهاب في إطار الملف السوري ومكافحة تنظيم «داعش» وطموحات بكين في بحر الصين الجنوبي. وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي دعا مجموعة السبع إلى عدم مناقشة الخلافات التاريخية أو النزاعات على الأراضي، إذ لن يحل ذلك المشكلة، بل سيؤثر على الأمن الإقليمي».