«كيف يمكنني الاستثمار في الأسهم؟» سؤال يطرح في إعلان للبورصة العراقية نشر في صحف محلية خلال الأسابيع الماضية. ثم يُطمئن الإعلان القراء إلى أن العملية سهلة وينصحهم بالاتصال بشركات السمسرة لمعرفة التفاصيل، بينما نقرأ في إعلان آخر لشركة «آسياسيل» العراقية لخدمات الهاتف المحمول: «كن مستعداً فنحن مستعدون». وستُتاح للمستثمرين هذا الشهر فرصة شراء أسهم وسط طفرة اقتصادية يغذيها النفط، إذ تسعى «آسياسيل» إلى جمع 1.35 بليون دولار على الأقل عبر طرح 25 في المئة من أسهمها في سوق بغداد للأوراق المالية، ما سيشكل أكبر طرح عام أولي للأسهم في العراق وواحداً من أكبر عمليات الإدراج في الشرق الأوسط في السنوات الماضية وأهمها في العراق منذ الغزو عام 2003، وسيُنظر إليه كاختبار لثقة المستثمرين في اقتصاد يتعافى من سنوات الحرب والاضطرابات السياسية والعقوبات. ويأمل المسؤولون في أن يُنعش نجاح الطرح البورصة ويجذب استثمارات أجنبية، ويساعد في تحويل البورصة إلى أداة مفيدة للشركات العراقية لجمع الأموال من أجل التوسع. لكن النظام المالي الصغير وغير المتطور يعوق النمو، ما يمكن أن يعرقل إدراج «آسياسيل» ويحول دون بيع بعض الأسهم المطروحة. وقد تواجه البورصة العراقية بعض المتاعب في استيعاب الطرح الجديد، كما قد يجد المستثمرون الأجانب المهتمون صعوبة في تحويل أموالهم للعراق. ضعف المناخ الاقتصادي وأشار خبير الاقتصاد العراقي سعد البياتي إلى أن «ضعف المناخ الاقتصادي بسبب التوترات السياسية ونقص الأمن وهروب رؤوس الأموال يهدد مثل هذا الطرح الأولي الكبير». ولفتت «آسياسيل»، التي تمتلك «اتصالات قطر» 54 في المئة من أسهمها، في بيان الأسبوع الماضي إلى أنها ستبيع 67.503 بليون سهم ب22 ديناراً عراقياً على الأقل (0.02 دولار) للسهم في الطرح العام الأولي الذي بدأ أمس. ويُتوقع أن يكون هذا الطرح هو الأول بين ثلاث عمليات إدراج لشركات اتصالات عراقية، إذ يجب على «آسياسيل» ومنافستيها المحليتين «زين العراق»، و «كورك تيليكوم» التابعة ل «فرانس تيلكوم»، جمع رؤوس أموال عبر عمليات الطرح الأولي كشرط للحصول على رخص تشغيل خدمات الهاتف المحمول من الحكومة وقيمتها 1.25 بليون دولار. ولم تلتزم الشركات الثلاث بموعد نهائي سابق حل في آب (أغسطس) 2011، وتعللت بأن سوق الأوراق المالية لم تكن مستعدة كما يجب حينها، لكنها دفعت غرامات تأخير. ولجأت السلطات إلى شرط الإدراج في البورصة بهدف تشجيع الملكية الخاصة في اقتصاد ما زالت الشركات الحكومية تهيمن عليه، وتوزيع الثروة الناتجة من تعافي الاقتصاد على السكان. وأوضح المدير التنفيذي للبورصة العراقية طه عبد السلام في تصريح الى وكالة «رويترز»، أن «إدراج أسهم آسياسيل في الثالث من شباط (فبراير) المقبل سيكون هدية للسوق من خلال إضافة قطاع الاتصالات لخيارات المستثمرين»، مشيراً إلى وجود نحو 85 شركة مدرجة في البورصة التي هبط مؤشرها الرئيس ثمانية في المئة تقريباً العام الماضي، وتتركز القيمة السوقية بشدة في قطاع المصارف، على رغم وجود أسهم في قطاعات الصناعة والتأمين والفنادق والزراعة. وتوقع زيادة التداول في البورصة، والذي بلغ نحو ثلاثة ملايين دولار يومياً العام الماضي، بما نسبته 10 في المئة تقريباً بفضل الإدراج. المعدل المتوقع للنمو وقد تصبح شركات الاتصالات رهاناً كبيراً في العراق في الأجل الطويل، إذ توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العراقي أكثر من 10 في المئة هذه السنة وتسعة في المئة على الأقل سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة، بدعم من نمو إنتاج النفط، ما من شأنه تعزيز الطلب على خدمات البيانات المتطورة. وأعلنت «آسياسيل» أن صافي دخلها بلغ 474 بليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، في مقابل 505 بلايين في 2011، مؤكدة أنها تستحوذ على 43 في المئة من إيرادات سوق الخليوي وأن عدد مشتركيها بلغ 9.9 مليون. وعلى أساس سعر 22 ديناراً للسهم في عملية الطرح، يُرجّح أن تكون أسهم الشركة مقوّمة بنحو 9.6 أمثال أرباحها المتوقعة العام الماضي. وقد لا يشهد الطرح العام الأولي ل «آسياسيل» السلاسة ذاتها التي تنبئ بها الآفاق الاقتصادية في الأجل الطويل، إذ لا تزيد القيمة السوقية الحالية للبورصة العراقية على 5.6 تريليون دينار (4.8 بليون دولار)، وبالتالي قد لا يُستوعب إدراج «آسياسيل» بسهولة دفعة واحدة، كما يُتوقع أن يضاعف إدراج شركات الاتصالات الثلاث القيمة السوقية للبورصة إلى المثلين تقريباً.