يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اليوم زيارته الرسمية الأولى إلى مصر التي وُصفت ب «التاريخية»، وتستمر عدة أيام، وستكون زاخرة بالاتفاقات التي من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين. وسيكون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في استقبال خادم الحرمين الشريفين في مطار القاهرة، ليستهل الملك زيارته بمحادثات مع الرئيس المصري، تتناول موضوعات سياسية مهمة، فضلاً عن التعاون الاقتصادي بين البلدين. واستعدت القاهرة لاستقبال الملك سلمان، بترتيبات مُدققة، واستقبلت أمس وفداً يضم أكثر من 120 مسؤولاً سعودياً للإشراف على الترتيبات النهائية لجدول الزيارة، التي تلقى اهتماماً رسمياً وإعلامياً وشعبياً غير مسبوق. وإضافة إلى حضور الملك سلمان والرئيس السيسي توقيع عدة اتفاقات وبروتوكولات بين البلدين، من المقرر أن يتفقد خادم الحرمين الشريفين عدة مشروعات إنمائية بتمويل سعودي في مناطق عدة في مصر، وسيرافقه الرئيس السيسي في بعض جولاته. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تأتي في توقيت مهم جداً، من أجل تنسيق الرؤى حول مختلف قضايا القضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين، اللذين يتمتعان بثقل كبير على مستوى تحقيق الأمن القومي العربي. واعتبر سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر مندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية السفير أحمد عبد العزيز قطان زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر «زيارة تاريخية غير مسبوقة، وتؤكد أن العلاقة بين البلدين علاقة وطيدة، بدأت منذ العام 1926 وحتى يومنا هذا، وهي تشهد تطوراً ونمواً عاماً بعد عام في كافة المجالات». وأكد قطان في بيان أن «المملكة ومصر هما ركيزتا وجناحا هذه الأمة، وبهما سيعود الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، وأن وحدة الرؤى والمواقف بين الرياضوالقاهرة أحد العوامل الهامة التي تحفظ استقرار الأمة العربية بأكملها». وكتب قطان في حسابه على موقع «تويتر»: «عند تأسيس المملكة كانت مصر بكل تاريخها وثقلها البشري في مقدمة الدول التي أرست دعائم الشراكة. المملكة، حكومة وشعباً، تقف بجوار شقيقتها مصر في مواجهة كل ما يحاك ضدها. كان للأمير سعود الفيصل (وزير الخارجية السابق) رحمه الله دوراً هاماً في توضيح ثورة يونيو للعالم أجمع». ولزيارة الملك سلمان لمصر شقان: اقتصادي وسياسي. وقال مسؤول سياسي ل «الحياة» إن تلك الزيارة ستشهد محادثات على مستوى القمة، وبين كبار المسؤولين في الدولتين، حول القضايا الإقليمية المهمة، مثل سورية والعراق وليبيا واليمن والدور الإيراني «المُعوق» في كل تلك الملفات. وأضاف: «من المنتظر أن تشهد المحادثات طرح وجهتي نظر البلدين إزاء التعامل مع تلك الملفات والتدخلات الدولية والإقليمية في المحيط العربي، علماً بأن مصر والسعودية متفقتان على ضرورة الحفاظ على وحدة دول الإقليم». وأضاف: «من الأمور المهمة في تلك الزيارة أنها تدحض أي حديث سلبي عن العلاقات بين القاهرةوالرياض، فجدول الزيارة وجولات الملك في مصر، ستُظهر عمق العلاقات بين البلدين». أما على الصعيد الاقتصادي، فمن المقرر أن يشهد خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري مراسم التوقيع على 24 اتفاقاً ومذكرة تفاهم تم ترتيبها في إطار مجلس التنسيق المصري – السعودي، الذي يعقد اجتماعه السادس بالتزامن مع الزيارة. وسيوقع الصندوق السعودي للتنمية مع وزارة التعاون الدولي 12 اتفاقاً ومذكرة تفاهم تتعلق بمشروعات للتنمية في شبه جزيرة سيناء بقيمة تصل إلى نحو 1.5 بليون دولار، من بينها مشروع إنشاء جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز في مدينة الطور في جنوبسيناء، بتكلفة تصل إلى نحو 300 مليون دولار، وهي الجامعة التي يُنتظر أن تُفتتح في 2018. وقال مسؤول مصري ل «الحياة» إنه يجري الترتيب لزيارة الملك لمدينة الطور، بمرافقة الرئيس السيسي من أجل وضع حجر الأساس لجامعة «الملك سلمان بن العزيز». وتشمل المشاريع التي تمولها السعودية في سيناء أيضاً مشروعات تدشين طرق وتجمعات سكنية وزراعية وخدمية في سيناء، كما سيتم توقيع اتفاق لتطوير مستشفى قصر العيني، بتمويل سعودي. وانطلقت في القاهرة أمس أعمال اللجنة المشتركة المصرية السعودية برئاسة وزيري التجارة في البلدين طارق قابيل وتوفيق فوزان، وحضور عشرات من كبار رجال الأعمال في البلدين، ضمن تحضيرات زيارة خادم الحرمين، والتي ناقشت زيادة الاستثمارات السعودية في مصر، وتعزيز حركة التجارة بين البلدين، تنفيذاً لتوجيهات الملك سلمان بدعم مصر في مجال الاستثمار. وبحثت الاجتماعات تذليل العقبات الجمركية والضريبية من أجل تحقيق هذا الهدف. ومن المنتظر أن يزور خادم الحرمين الشريفين الأزهر الشريف، حيث يستقبله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وأعضاء هيئة كبار العلماء. وقال وكيل مشيخة الأزهر عباس شومان ل «الحياة» إن الملك سلمان سيتفقد خلال زيارته للأزهر أعمال الترميمات التي تتم في الجامع الأزهر وبعض المشروعات الأخرى التي تُنفذ بنفقة سعودية، لافتاً إلى أن السعودية نفذت ترميماً شاملاً للجامع، وترميماً للمشيخة القديمة، فضلاً عن إنشاء مبنى لقناة الأزهر وتطوير مطبعة المصحف، كما تكفلت المملكة بإنشاء مدينة كبرى للبحوث الإسلامية للطلاب الوافدين، وإنشاء بعض المباني السكنية في المدينة الحالية، إضافة إلى إنشاء عدة مبان لتوسعة كليات في الجامعة. وقال شومان: «كل هذه المشروعات تمت وتتم بنفقة سعودية، تنفيذاً وإشرافاً، ويُسعدنا تفقد الملك سلمان لتلك الأعمال». كما يزور خادم الحرمين الأحد المقبل البرلمان المصري، في زيارة هي الأولى له للبرلمان المصري. وقال وكيل البرلمان سليمان وهدان انه «من المُحتمل أن يُلقي خادم الحرمين خطاباً في البرلمان خلال تلك الزيارة التاريخية والاستثنائية التي تأتي تجسيداً حقيقياً للعلاقات القوية بين البلدين»، واصفاً الملك سلمان بأنه «قامة وقيمة عربية كبيرة». وأشار إلى أن حضور خادم الحرمين إلى البرلمان المصري في أول دور انعقاد له بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 «له دلالة خاصة ودعم لموقف مصر ومباركة لاكتمال خريطة الطريق، كما أن للزيارة مدلولاً إقليمياً ودولياً». ومن المنتظر أن يتفقد الملك سلمان بعد زيارة البرلمان في وسط القاهرة أعمال تطوير مستشفى قصر العيني الفرنسي التي تتم بتمويل سعودي. وتفقد وفد من مراسم رئاسة الجمهورية ومسؤولين سعوديين مبنى البرلمان المصري من أجل وضع اللمسات النهائية لاستقبال الملك بمراسم رسمية.