أعلن وزير الثقافة والإعلام القطري السابق الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري ترشحه باسم دولة قطر إلى منصب الأمانة العامة لمنظمة التربية والثقافة والعلوم «يونسكو» في احتفال رسمي في مركز سيركل ديزاليه في باريس بحضور شخصيات سياسية وديبلوماسية وثقافية عربية وفرنسية وعالمية وفي مقدمها الأمينة العامة لليونسكو البلغارية ايرينا بوكوفا التي سيشغر منصبها بدءاً من تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 وسفير قطر في باريس الشيخ مشعل آل ثاني ومندوب قطر الدائم لدى اليونسكو علي زينل. وألقى الكواري محاضرة عرض فيها أبعاد ترشحه للمنصب الثقافي العالمي وقدم انطلاقاً من خبرته في مجال العمل الثقافي والتنمية الثقافية، ما يشبه برنامج عمل ضمّنه رؤيته إلى الدور الذي تؤديه المنظمة مقترحاً توسيع دائرة اهتماماتها وتفعيل حضورها عالمياً. وأشار إلى أن «علاقات التعاون بين قطر واليونسكو أخذت في العام 2003 منحى جديداً بتعيين الشيخة موزة بنت ناصر مبعوثاً خاصاً لليونسكو في مجال التعليم الأساسي والعالي. ويعلم الجميع التزام قطر تجاه التعليم: مؤتمر القمة العالمي من أجل التعليم (وايز) و«علّم طفلاً» و«التعليم فوق الجميع» كلها مبادرات أتاحت الفرصة لأكثر من 10 ملايين طفل وطفلة للالتحاق بالتعليم في المناطق الأكثر هشاشة وتهميشاً في العالم. والعلاقات بين اليونسكو وقطر قوية بالفعل ومبنية على الصداقة، وكلما احتاجت اليونسكو إلى التعاون في مجالات التربية والثقافة كانت قطر جاهزة للرد بالإيجاب. ولن أعدد الشراكات الكثيرة بين بلادي واليونسكو بل أكتفي بالتذكير بأن الدوحة تشرفت باستضافة الدورة 38 للجنة التراث العالمي سنة 2014. وتؤمن قطر إيماناً راسخاً بمبادرات اليونسكو، وكانت أول بلاد في العالم تقدم هبة لصندوق الطوارئ للتراث التابع لليونسكو». وقدم الكواري أفكاراً تمثل منطلقه في العمل الثقافي قائلاً: «ليس هذا الزمان ولا المكان لتقديم برنامج مكتمل، لكنني أرغب في أن أتقاسم معكم بعض الأفكار الرئيسية التي أؤمن بها. التعليم للجميع، وتطوير العلوم، والحفاظ على التراث العالمي برامج تشكّل النواة الصلبة لعمل اليونسكو. وإذ يوجد اليوم سبعة بلايين نسمة على كوكب الأرض، يجدر بنا أن نتساءل: كم من بينهم لا يجيدون القراءة والكتابة؟ تواجه اليونسكو مسؤولية ذات أبعاد تاريخية. ومن واجبنا أن نتحرك بقوة لتأكيد التزامنا تجاه التعليم. إنّها سبب من الأسباب الرئيسة لوجود اليونسكو أصلاً، بل اليوم أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «يتعيّن على كل البلدان أن تساند اليونسكو في تطوير عملها الرامي إلى تعليم المرأة في كل أنحاء العالم، مع الانتباه إلى عدم نسيان تلك المناطق التي ترزح تحت براثن الجهل. ذلك الجهل الذي يولّد كل أصناف التطرف ويعيق أي تقدم اقتصادي. من دون تعليم لا وجود للحوار، وقبل كل شيء لا وجود للمستقبل أصلاً». وتناول الظروف الراهنة التي يشهدها العالم اليوم قائلاً: «يمرّ العالم في أوقات عصيبة، وينشر التطرف المشار إليه آنفاً البؤس والإرهاب. وأريد أن أرى منظمتنا ترفع صوتها عالياً ضد تلك الوحشية وأن تلتزم أكثر فأكثر بالعمل المجدي وبالحزم. عندما حدثت عمليات باريس التي لن تمحى من الذاكرة، باريس الثقافة والسلام والتسامح، راسلت أصدقائي في باريس قائلاً إن المصيبة لم تحصل لباريس فقط بل إن هذه هجمة ضد الإنسانية، وهو ما يتأكد في بلجيكا وفي كل بقاع الأرض... ولهذا السبب أصرّ على تنشيط رسالة مخصوصة تضطلع بها اليونسكو، وهي المهمة التي تبدو لي اليوم ذات أهمية متزايدة. لقد أرست اليونسكو منذ تأسيسها حواراً بين الثقافات وبين الحضارات. إنّنا اليوم بحاجة ماسة إلى هذا الحوار الضروري للتعايش. إنني مقتنع تماماً أنّنا نقف عند مفترق تاريخي تكتسي فيه المحادثات متعددة الأطراف صبغة حيوية لحوار الحضارات، وهو ما يتطلب من كل طرف منا القيام بواجباته وتحمل مسؤولياته. أمامنا فرصة فائقة الأهمية لتمتين التعاون متعدد الأطراف، والتذكير بمصيرنا الإنساني المشترك ومد جسور المحبة بين كل الحضارات. إنّها رسالة اليونسكو ومن شأن هذا الالتزام أن يزيدها قوة وصلابة». وتوجه إلى الحاضرين قائلاً: «أرجو أن تقتنعوا بأن هذه الهواجس تسكنني وإنني واع تمام الوعي بفحوى المسؤولية التي ستقع على كاهلي في حال جرى انتخابي مديراً عاماً لليونسكو. وأنا على بينة بما ينتظره الناس من ترشح على غرار ترشحي. وبالإضافة إلى ما سبق، أريد أن يعرف الناس في شكل أفضل مبادرات اليونسكو وأن تقدّرها الأجيال الشابة حق قدرها، وكذلك كبريات الشركات والمؤسسات الخيرية على سبيل المثل. ومن شأن التعريف الجيد باليونسكو وكل أنشطتها أن يزيد من التفاعل ويجلب أعداداً أكبر من الكيانات المساندة والمتعاطفة وينشط جمع التمويلات والهبات لخدمة هذه الأهداف النبيلة التي يعمّ خيرها على كل البشرية. وفي هذا الصدد، نعتزم إطلاق بعض المشاريع الرائدة للسنوات المقبلة تكون في خدمة المحاور الرئيسية لليونسكو: العلوم والثقافة والتعليم. ولن ندخر جهداً للبقاء على اتصال مستمر مع الولاياتالمتحدة الأميركية والعمل على عودة هذا الشعب إلى حضيرة اليونسكو. كل البلدان بحاجة إلى اليونسكو، وفي الوقت نفسه تحتاج اليونسكو إلى كل البلدان. وسوف تتاح لي الفرصة إن شاء الله في الأشهر المقبلة لمناقشة جل هذه المسائل معكم وتطوير مسائل أخرى. وكلي ثقة بأنكم سوف تثرون برنامجي بأفكار ومقترحات أخرى لكي يكون الغد مشرقاً ولكي يشعر الجميع بالأهمية القصوى لمنظمة اليونسكو». وختم كلمته قائلاً: «لا يمكن أن أختتم كلمتي من دون أن أتوجه بالشكر الجزيل للمديرة العامة الحالية لليونسكو، السيدة إيرينا بوكوفا، وإلى فريقها وكل موظفي اليونسكو الذين شيدوا سنة تلو الأخرى هذه المنظمة التي نشاهدها اليوم، والتي أرجو أن يتاح لي شرف إدارتها».