نيويورك - أ ف ب - قد يكلف إصلاح نظام القطاع المالي الأميركي، الذي تبناه مجلس الشيوخ الأميركي أخيراً، والذي يفترض وضع اللمسات الأخيرة على نصه قبل إقراره، مصارف «وول ستريت» كثيراً، كونه يحد من بعض نشاطاتها التي تدر أرباحاً كبيرة. وقال مسؤول في مصرف أميركي كبير في «وول ستريت» طلب عدم كشف اسمه: «هذا الأمر لا يصب في مصلحتنا». وأوضح محللون في مصرف «ميريل لينش» الأميركي أن «الإصلاح قد يكلف مصارف وول ستريت بين 30 و50 في المئة من عائدات المضاربات، ما سيُترجم بتراجع ربح كل سهم في البورصة قد تصل نسبته إلى 20 في المئة». وأفادت وكالة «ستاندرد أند بورز» للتصنيف المالي بأن «مصارف الاستثمار الأميركية هي التي ستتأثر أكثر بالقيود المحتملة على عمليات المضاربة والمنتجات المشتقة». وأضافت: «ستساهم هذه الإجراءات في تراجع إيراداتها وأرباحها في شكل كبير في السنوات المقبلة». وتابعت أن مصارف الاستثمار «ستستمر في الإفادة من التحسّن الدوري في نشاطات الدمج والشراء»، وسترى أن نمو أعمالها «تباطأ لكنه لم يتوقف» نتيجة القواعد الجديدة. وكانت الشركات المالية الكبرى نشرت مجموعات من جماعة الضغط، في محاولة للتأثير على النقاش التشريعي بحسب مركز البحوث المستقل «سنتر فور بابليك إنتغريتي» الذي يقدر أن المبالغ التي دفعتها المصارف للدفاع عن مصالحها في الكونغرس بلغت 1.3 بليون دولار. لكن انعكاسات الشكوى التي أطلقتها هيئة الرقابة على البورصة الأميركية بحق مؤسسة «غولدمان ساكس» المصرفية، المتهمة بخداع زبائنها، ساهمت في ترجيح كفة الرأي العام الأميركي والبرلمانيين لصالح الإصلاح المعمق. وينصّ مشروع القانون، الرامي إلى تفادي تجدد الأزمة المالية الخطيرة التي وصلت إلى ذروتها في خريف عام 2008، على إنشاء هيئة تابعة لمجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي) لحماية المستهلك الأميركي مالياً، كما يمنع إنقاذ المؤسسات المالية الكبرى على حساب دافعي الضرائب. ويقضي مشروع القانون بفرض ضوابط اكثر صرامة على سوق المنتجات المالية المشتقة، حتى لا يجري التداول بها، إلا في مواقع شفافة وليس في إطار صفقات بالتراضي، كما يحظّر على المصارف طرح سندات خاصة بمقايضة أخطار الإفلاس، تقضي بتبادل أصول أو أموال. والاحتمال الذي لم يدرج في المشروع الذي تبناه مجلس الشيوخ، ويصر عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما، هو مَنع المصارف من القيام بمضاربات إسمية، وهو يثير قلقاً، خصوصاً أن هذه المضاربات تشكل قسماً متنامياً من نشاطات عدد من المؤسسات المالية. وحصل «غولدمان ساكس» في الربع الأول من السنة على 80 في المئة من إيراداته من نشاطاته التداولية الاسمية في السوق، والمبلغ المتبقي جاء من خدمات استثمار أو إدارة ثروات. وتحسّنت أوضاع «بنك أوف أميركا»، أكبر مصرف أميركي، خلال الفترة نفسها بفضل «نشاط كبير في الأسواق» وإيرادات «قياسية» جراء المضاربات. وسيؤثر الإصلاح في شكل كبير في مصرفي «غولدمان ساكس» و «مورغان ستانلي» الاستثماريين، وفي شكل أقل على «سيتي غروب» و«جاي بي مورغان» و«بنك أوف أميركا».