يطوي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الأسبوع الجاري عشر سنوات كاملة في هذا المنصب، منها سبع سنوات متتالية قد تضاف إليها ثلاث سنوات أخرى متتالية في حال عدم تبكير الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة أواخر عام 2019، وسط شبه إجماع المعلقين في الشؤون الحزبية بأنه لا يبدو في الأفق المنظور من يهدد حكمه، سواء في حزبه أو خارجه. وعلى رغم أن غالبية من الإسرائيليين تصل الى نحو 60 في المئة تعرب عن عدم رضاها من إداء نتانياهو، إلا أن غالبية من 40 في المئة وأكثر ترى أنه الأنسب لهذا المنصب، فيما يبتعد منافسوه عنه مسافة كبيرة. ولخص كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع، الذي لا يكف عن مهاجمة نتانياهو في مقالاته الأسبوعية، الوضع الحالي في الساحة الحزبية بكلمات بسيطة: «نتانياهو، في ولايته الرابعة، هو الزعيم. يمكن أن تحبه أو لا تحبه، لكن لا يمكن إنكار الحقيقة، إنه الزعيم الآمر الناهي في الدولة... لا يوجد أي من رجال السياسة الذي يهدده الآن، لا في الحكومة ولا في المعارضة». ونجح نتانياهو، منذ عودته إلى كرسيه الأثير أواخر آذار (مارس) عام 2009، بعد أن جلس عليه لثلاث سنوات ونيف (1996-1999)، في إقصاء أشد منافسيه على زعامة حزبه «ليكود» من خلال تهميشهم ومنحهم مناصب وزارية ليست ذات أهمية، ما دفع بمنافسه الأبرز جدعون ساعر إلى اعتزال العمل السياسي، فيما تورط منافسه «التاريخي» سيلفان شالوم في شبهات التحرش الجنسي، فأعلن هو أيضاً مغادرته الحلبة السياسية. وهكذا لم يكن صدفة أن نتانياهو كان المرشح الوحيد لزعامة الحزب في الانتخابات الداخلية التي أجريت قبل شهرين. وفي غياب مرشحين من الوزن الثقيل، يرى معلقون أن نتانياهو سيبقى زعيماً لمعسكر اليمين (بما في ذلك المتدينين) طالما رغب في ذلك، إذ نجح في «تطويع» زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت وضمه تحت كنفه في الحكومة وزيراً مطيعاً، في الوقت الذي أبقى زعيم «إسرائيل بيتنا» المتطرف أفيغدور ليبرمان خارج حكومته، مستغلاً الضربة القوية التي تلقاها الأخير في الانتخابات البرلمانية قبل عام أفقدته الكثير من نفوذه داخل معسكر اليمين المتطرف. ويتفق معلقون على أنه في ظل مواصلة انزياح الشارع الإسرائيلي نحو اليمين، ورفض غالبيته تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين بداعي «انتفاضة السكاكين» والتطورات في المنطقة، سيبقى اليمين في الحكم سنوات كثيرة أخرى. ويلفت هؤلاء إلى أن محاولات زعيم حزب «يش عتيد (يوجد مستقبل)» يئير لبيد الظهور بمظهر الزعيم البديل لا تسجل نجاحاً على رغم إطلاقه في العام الأخير تصريحات متشددة ضد الفلسطينيين تلتقي ومواقف نتانياهو، لكن الإسرائيليين ما زالوا يرون فيه ممثلاً للوسط أو اليسار، ولا يميزون بينه وبين زعيم حزب «العمل» أو «المعسكر الصهيوني» الذي اعتُبر حتى الأمس القريب «معسكر السلام» اسحق هرتسوغ، على رغم أن الأخير صعّد هو أيضاً تصريحاته في الفترة الأخيرة وأعلن أن حل الدولتين ليس قابلاً للتطبيق في المدى المنظور. وأكدت استطلاعات الرأي الأخيرة أنه لو أجريت انتخابات عامة جديدة لحافَظَت أحزاب اليمين والمتدينين على غالبيتها المطلقة في الكنيست. كما أوضحت أن ارتفاع شعبية لبيد لم تأتِ على حساب أحزاب اليمين إنما على حساب «المعسكر الصهيوني»، ما يعني بكلمات أبسط أن انتخابات جديدة ستأتي بنتائج مماثلة للتي جاءت بها انتخابات العام الماضي.