تعول الادارة الأميركية على قمة الرئيس باراك أوباما مع نظيره الأفغاني حميد كارزاي اليوم «لترميم» العلاقة بين الزعيمين، عشية مرحلة سياسية وعسكرية حاسمة لمهمة القوات الاميركية في أفغانستان، تترافق مع تباعد بين الجانبين في موضوع المصالحة بين كابول وحركة «طالبان» ويبدي الرئيس الأفغاني انزعاجاً من تصرف المسؤولين الأميركيين وتصريحاتهم حول الفساد وأداء حكومته في الفترة الأخيرة. وبعد ستة أسابيع على زيارة أوباما الأولى لكابول، تعكس التصريحات الأميركية والتحضيرات التي أعدت لاستقبال كارزاي حسم واشنطن أمرها من اصلاح العلاقة مع الرئيس الأفغاني، بعدما شهدت فتوراً واضحاً في مرحلة ما بعد الانتخابات الافغانية صيف العام الماضي والانتقادات الجمّة التي وجهها مسؤولون أميركيون بينهم المبعوث الخاص ريتشارد هولبروك ومستشار الأمن القومي جيمس جونز حول عدم بذل كارزاي جهوداً كافية لمحاربة الفساد والاتجار بالمخدرات، في مقابل تلويح كارزاي بعدها بالانضمام الى «طالبان». لكن ادراك الادارة عدم وجود بديل حقيقي لكارزاي، واصطدام استراتيجيتها بمطبات عدة بينها بطء حلفائها في ارسال القوات وعدم تحقيق العمليات العسكرية النتائج المطلوبة حتى الآن، مع تأكيد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أخيراً أن قوة «طالبان» زادت العام الماضي، حتمت مضي الأميركيين قدماً في اتجاه تحسين درجة العلاقة القائمة مع كارزاي والتغاضي عن المسائل الخلافية. وتعكس بروتوكولات الزيارة هذا البعد، اذ استقبل المبعوث الاميركي هولبروك الرئيس كارزاي في قاعدة أندروز، علماً انه اعتبر أحد أبرز منتقدي الرئيس الافغاني، ما دفع الاخير بحسب تسريبات اعلامية الى المطالبة العام الماضي بعدم توجه هولبروك الى كابول. ولجأت الادارة الى وساطة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس السناتور جون كيري لرفع «الفيتو» عن المبعوث. كذلك اكد العشاء الرسمي الذي نظمته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على شرف كارزاي والوفد المرافق له في «بيلر هاوس» أهمية الزيارة، الى جانب الاجتماعات التي سيعقدها الوفد الأفغاني في وزارة الدفاع (البنتاغون) والكونغرس أيضاً، علماً ان الوفد الأفغاني يضم الى جانب كارزاي، وزراء الدفاع والداخلية والزراعة والتنمية والمصالحة. ويتوقع أن يستغرق اجتماع كارزاي مع أوباما ثلاث ساعات ويليه مؤتمراً صحافياً. وسيكون موضوع «المصالحة» مع «طالبان» على لائحة المحادثات بين الزعيمين، في ظل تحفظ البيت الأبيض على خطوات كارزاي واستعجاله الملف، في وقت تتمسك واشنطن بأولوية استكمال الضغوط على «طالبان» وسلبها الزخم السياسي والعسكري قبل بحث موضوع المصالحة. وستكون الاستراتيجية الأميركية في الشهور المقبلة على جدول الأعمال، خصوصاً على صعيد الاستعدادات العسكرية لمعركة قندهار في محاولة لضرب النفوذ السياسي والعسكري ل «طالبان» فيها. وتحتاج الادارة الى تعاون كارزاي والقوات الأفغانية لإنجاح خطتها واتمام نشر 30 ألف» جندي اميركي اضافي قبل نهاية الصيف، ثم اعادة المراجعة في الخريف المقبل وتقويم فرص الانسحاب في تموز (يوليو) 2011 كما نصت الاستراتيجية. ويريد الجانب الأميركي معركة ناجحة في قندهار تساعده في تسويق خطة الانسحاب وتعطيه زحماً في الداخل الأميركي وانتخابات الكونغرس المقبلة، خصوصاً مع انخفاض نسبة التأييد للحرب في أوساط الرأي العام وازدياد أعمال العنف ضد الجنود الأميركيين بنسبة 16 في المئة ومقتل 115 جندياً منذ بداية السنة. ودعا خبراء أميركيون بينهم أندرو أكسوم وفي تقرير اصدره «مركز الأمن القومي الأميركي» أوباما الى مراجعة جديدة للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان على المستوى السياسي، وايجاد سبل لتقوية كارزاي انما من دون ربط مصير نجاح الحرب بمصيره، كما يدعو التقرير الى درس امكان صوغ اتفاق استراتيجية في المدى الأبعد تثبت الشراكة بين أفغانستان والولايات المتحدة على النسق الذي أرسته الاتفاقية الأمنية مع العراق.