تواجه المدن المحررة من تنظيم «داعش» تحديات جديدة على صعيد التعايش بين العشائر، إذ تواجه مدن الأنبار وصلاح الدين صراعات عشائرية تهدد نسيجها الاجتماعي، وسط مخاوف من استغلال تهمة الإرهاب للإطاحة بالخصوم، سعياً وراء النفوذ في مرحلة ما بعد «داعش». وقال مستشار محافظ الأنبار لشؤون العشائر، سفيان العيثاوي، ل «الحياة» أن «هناك بوادر صراع عشائري مبكر في الأنبار حول النفوذ على المناطق المحررة على الرغم من أن غالبية مدن الأنبار ما زالت تحت سيطرة داعش». وأشار إلى أن الصراع مرتبط بالعشائر التي دعمت تظاهرات الأنبار وأخرى وقفت في وجه «داعش». وكشف العيثاوي عن وجود «96 مذكرة قبض صدرت الآن بحق شخصيات عشائرية موالية لداعش ضمن ملف الإرهاب، وهناك مخاوف من أن يتطور الخلاف إلى نزاع مسلح خصوصاً مع عودة السكان المحليين إلى منازلهم ليجدوها قد دُمرت بالكامل، وذلك سينمي الرغبة بالانتقام». ولفت إلى أن «الحل يكمن في تعويض السكان المتضررين من قبل الحكومة لتخفيف الاحتقان العشائري». وفي صلاح الدين، شمال بغداد، لا يزال سكان بلدات العوجة ويثرب وسليمان بيك، ذات الغالبية السنية، يُمنعون من العودة إلى منازلهم على الرغم من تحريرها من «داعش» منذ شهور بسبب رفض سكان البلدات المحيطة بها، ذات الغالبية الشيعية، من عودتهم إلا إذا دفعوا تعويضات مالية تُعرف محلياً ب «الدية العشائرية». وأقر مجلس المحافظة تعويضات للعشائر المحيطة ببلدة يثرب جنوب المحافظة، لكن عدم وصول الميزانية بسبب الأزمة المالية التي تضرب البلاد، أثّر سلباً ولم تُصرف التعويضات حتى الآن، ولا يزال السكان يقطنون في خيام متهالكة للنازحين بالسليمانية في إقليم كردستان. وقال متحدث من عشائر صلاح الدين، مروان ناجي ل «الحياة» أن «المحافظة تحتاج إلى وقفة جادة لإنهاء الصراع قبل أن يتوسع»، مشيراً إلى أن «العقاب يجب أن يطال الشخص نفسه وإنهاء ظاهرة معاقبة العائلة أو العشيرة بجرم شخص واحد منهم». وأضاف أن «التنظيم يحاول استغلال هذه الصراعات التي ظهرت بعد التحرير، لذا يجب أن تتم تسويتها بأسرع وقت، ودمج شباب تلك العشائر في حشود عشائرية لحماية المحافظة، بدلاً من استعدائهم». ويشهد العراق صراعات عشائرية لافتة، بما في ذلك محافظاتالجنوب التي تخلو من «داعش» حيث تشهد مدن البصرة وميسان معارك بين العشائر اضطرت الحكومة الاتحادية على أثرها إرسال قوات كبيرة من الجيش لفضها.