الأرجح أن الذين تابعوا الاحتفال الباريسي المشوب بالحذر، برأس السنة للعام 2016، لاحظوا أن الأنوار التي ملأت ساحة «قوس النصر» كانت فعليّاً أضواء الهواتف الذكيّة والكاميرات الرقميّة التي حملها الجمهور ليمسك بصريّاً بتلك اللحظة العابرة وتفاعلاتها. ووفق ما نقلت وسائط الإعلام كافة، وجدت تلك الصور طريقها بسرعة البرق إلى شبكات التواصل الاجتماعي. وحدث شيء مشابه أيضاً في دبي. إذ سبقت كاميرات الجمهور الرقميّة وسائط الإعلام في بث صور الحريق الكبير في فندق «العنوان» قرب «برج خليفة». ثم ترافقت كاميرات الجمهور مع نظيراتها في وسائط الإعلام العام، لتنقل الصور المبهرة لاحتفالات دبي برأس السنة 2016، مع تفاصيل فرح الجمهور الذي تجاوز حريق الفندق، ليبتهج ببهاء العرض الناري الكبير في «برج خليفة» و»برج العرب» و»جزيرة النخلة» وغيرها. واستطراداً، بات نافلاً القول أن الجمهور المعاصر بات يصنع تلفزته الخاصة في كل لحظة ومكان ومناسبة. لم تعد تلك الحقيقة خافية. ولعل الذاكرة الأقرب إليها عربيّاً هي الحراكات الشعبيّة في ما عُرِف باسم «الربيع العربي». ففي ذلك «الربيع» الذي بات مأساة دامية، برزت الأشرطة التي يصورّها الجمهور بالكاميرات الرقميّة، بوصفها إعلاماً بديلاً بامتياز، لإعلام السلطات الرسميّة، خصوصاً أقنيتها التلفزيونيّة. «الربيع» وصوره المتقلّبة يصح القول إن «ثورة 25 يناير» لم تستمر شهوراً ولا سنوات، لكن أيامها الكثيفة كانت كافية لتدفع إلى «يوتيوب» و»فايسبوك» ما لا يحصى من الأشرطة التي صوّرتها أيدي الناس. ومع تطاولها سنوات ربما لم تكن في الحسبان، تحوّلت الأشرطة التي تصورّها كاميرات الناس إلى إعلام بديل، توجّب عليه في البداية أن يواجه تلفزة السلطة السوريّة، ثم انضافت إليه «داعش» الذي لا يملك تلفزة (لحد الآن)، لكنه ضخّ أشرطة مصوّرة بكاميرات رقميّة بكثافة عددية ضخمة. ويصعب عدم القول بأن القسوة والدمويّة فرضت نفسها على كاميرات إعلام الجمهور. من ينسى أشرطة «مجزرة الكيماوي» في سورية؟ خارج العالم العربي، يمكن ملاحظة الظاهرة نفسها، لكن ربما بقسوة متفاوتة. وفي كل مكان، صار الجمهور مصوّراً حاضراً لالتقاط الحدث ولحظته العابرة. بالعودة إلى باريس، كانت أشرطة الجمهور حاضرة في التقاط لحظات الإرهاب الداعشي في مسرح «باتكلان» ومطعم «بون بيير» والدائرتين 10 و11، وبثّها عبر شبكات ال»سوشيال ميديا». وفي السياق عينه، تبدو شركة «كانون» Canon العالميّة كأنها لاقت ذلك الميل الواسع، عبر الدفع أخيراً بكاميرتي فيديو متخصّصتين في التصوير التلفزيوني، وتتميّزان بأنهما سهلتا الاستعمال إلى حدّ أنهما تعطيان للهواة إمكان صنع أفلام متلفزة بجودة توازي الأفلام التي يصنعها المحترفون، بل أن إحداها تمكّن من تسهيل عملية التصوير السينمائي/ التلفزيوني، سواء جرت في الاستوديو أم خارجه. وحملت تلك الكاميرا اسم «إيوس سي 300 مارك» EOS C300 Mark، فيما سُمّيَت الأخرى «إكس سي 10» XC10، وهي أكثر صلاحية من زميلتها لصنع أشرطة فيديو ذات طابع تلفزيوني. آفاق ال «درون» بلغة التقنيّة، تنتمي الكاميرتان إلى فئة اسمها «4 كي» 4K، وهو مصطلح يشير إلى أن دقة صورهما تفوق كاميرات التصوير التلفزيوني/السينمائي العالي الدقّة (أتش دي» HD) بأربعة أضعاف. ولأن التلفزيون العالي الدقة «أتش دي» هو الأكثر تقدّماً حاضراً، يمكن القول إن كاميرتي «كانون» تعطيان الجمهور القدرة على صناعة أشرطة تلفزيونيّة عاليّة الدقة، بل أنها تفوق نظيراتها التلفزيونيّة بأربعة أضعاف. ولذا، لم تتردّد «كانون» في القول إن كاميرتيها تمثّلان ثورة حقيقية في صناعة الأشرطة التلفزيونيّة. وتتميّز الكاميرتان بخفة نسبيّة في الوزن، وبتصميم مدمج يسمح بالتحكّم بهما بسهولة تامة. ويلفت تماماً أن الكاميرتين تقدران على بث أفلامهما مباشرة عبر شبكات ال»واي- فاي»، ما يعني أن أفلام الجمهور صارت تصنع بصور واضحة تفوق ال «أتش دي»، وهي قابلة للبث مباشرة عبر الإنترنت. وكذلك تعطي الكاميرتان دعماً مباشراً لظاهرة «تلفزة الإنترنت»، وهي مختلفة عن الأفلام التي يبثها الجمهور عبر ال»ويب». ويلفت أيضاً أن الكاميرتين تتعاملان مع معطىً مستجد في صنع أفلام الجمهور، وهو التصوير باستخدام طائرات موجّهة من دون طيّار («درون» Drone) الذي يمثّل إضافة جديدة إلى تقنيات التصوير من الجو وهي كانت تعتمد على الطوافات في الغالب. وبفضل تقنياتها المتقدّمة في التصوير المتحرّك، تستطيع الكاميرتان التقاط صور وأفلام عالية الجودة والدقة، من الجو. وكذلك تمكنهما ميزة البث المباشر عبر شبكات ال «واي- فاي» وال«واي- ماكس»، من بث الأفلام والصور عبر الإنترنت مباشرة، مع الإشارة إلى وجود مواقع متخصّصة بتجميع الصور التي يلتقطها الهواة بواسطة طائرات ال«درون». وبالعودة إلى دبي، شكّل «جيتكس دبي- 2015» بوابة ذهبية لعبور ال«درون» إلى دول الخليج العربي، بل الأسواق العربيّة، ما يفتح آفاقاً واسعة أمام كاميراتي «كانون».