التفت الاتحاد الاوروبي صيف 2009 إلى المعاناة التي يعيشها سكان جنوب منطقة الخليل وبخاصةٍ البدو واللاجئين، بحيث أدى شحُّ الأمطار شتاءً إلى نقص كبير في الماء خلال الصيف، ما دعا الاتحاد الأوروبي إلى تزويد تلك المناطق في شكل فوري بمستوعبات للمياه من «تنك»، تخفف من معاناتهم وتساعدهم في البقاء على قيد الحياة. ثم بدأت حملة مشاريع لبناء خزانات ضخمة للمياه لتزويد التجمعات السكانية وبخاصة تجمعات البدو، على أن يكون لكل مشروع شبكة تمديد خاصة ونقاط تعبئة تقلص المسافات الطويلة وتسهل المهمة على البدو بإيصال المياه إلى مناطق تجمعهم. وأشارت منسقة الإعلام في مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية (ايكو) فدوى بارود، إلى أن تكلفة مجمل المشاريع الخاصة بتزويد منطقة جنوب الخليل بالمياه تبلغ 6 ملايين يورو تغطي نفقات بناء خزانات خاصة لجمع المياه وشبكات توزيع ونقاط تعبئة توفّر مما ينفقه البدو على شراء المياه من مستوطنة كريات أربع ونقلها. وتحتكر هذه المستوطنة خزان المياه الضخم الذي يغذي منطقة الخليل بأكملها، ولا يسمح للفلسطينيين إلا بشراء الفائض من المياه عن حاجة المستوطنين. وأصبحت التجمعات الفلسطينية تعيش تالياً حالة صعبة لندرة المياه، فلا يجد سكانها ماء للشرب أو لحاجة ما يملكون من مواشٍ يفقدونها يوماً بعد يوم بسبب العطش. وأشارت بارود إلى أن هذه المشاريع لا تكفي لسد احتياجات سكان جنوب الخليل كافةً، لكنها تحل جزئياً المشكلة لديهم. ومن أبرز المشاريع التي نفذها الاتحاد الاوروبي جنوب الخليل، مشروع تزويد «مسافر بني نعيم»، وهي منطقة في بلدة بني نعيم جنوب الخليل، بالمياه، ويستفيد منها ألفا نسمة من البدو واللاجئين. وتكلف المشروع 130 ألف يورو لبناء خزان كبير للمياه وتنفيذ شبكة تمديد ونقطة لتعبئة المياه، إضافة الى خيم ومراحيض متنقلة للبدو بخاصة القاطنين في أماكن نائية من المنطقة، بحسب مدير مكتب جنوب الخليل في مؤسسة «العمل ضد الجوع في الأراضي الفلسطينية» محمد العمايرة. وأوضح العمايرة أن المؤسسات الانسانية تعمل في هذه المناطق المهشمة والفقيرة التي تعاني ظروفاً سياسية واقتصادية صعبة، لتحسين مستوى المعيشة لدى السكان. وأشار إلى أن هذه المؤسسات نجحت في تنفيذ مشاريع أهمها الخاصّة بالمياه، والمدعومة من الاتحاد الأوروبي، والتي ساهمت الى حد ما في تخفيف معاناة السكان. ويتحدث تيري فوبيرت، من مؤسسة «أوكسفام» الإغاثية الدولية، الذي ينسق بين المؤسسات الدولية ومؤسسات الأممالمتحدة العاملة في مجال المياه في الأراضي الفلسطينية، عن خطة متكاملة أعدت الصيف الماضي، لتجاوز مشكلة الجفاف التي تعاني منها منطقة جنوب محافظة الخليل في الضفة الغربية، وتأمن تمويل تنفيذ خطة الطوارئ هذه بدعم من الاتحاد الأوروبي، عبر المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية (إيكو). وأضاف أن المعاناة بسبب الجفاف في المنطقة كبيرة للغاية، فالمواطن الفلسطينيجنوب الخليل لا يحصل على أكثر من 15 ليتراً من المياه في اليوم، أي أقل بكثير من الحد الأدنى من حصة الفرد من المياه والمقدرة بمئة ليتر يومياً وبالحد الأدنى 70 لتراً، وفق المعايير الدولية، إضافة إلى كونه ينفق ما يزيد عن 40 في المئة من دخله لتأمين المياه التي هي حق أساس له وفق القوانين والشرائع الدولية. وأشار إلى أن أكثر من 120 تجمعاً سكانياً في الضفة الغربية يعاني من غياب أية وسائل لتوصيل المياه، وأن نصف هذه التجمعات التي يقطنها نحو 150 ألف فلسطيني، تقع في المنطقة المصنفة «ج» وفق اتفاقات أوسلو، أي الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية. رئيس بلدية بني نعيم، رضوان المناصرة، يؤكد أن مشكلة المياه التي تعاني منها البلدة يتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عنها لأنه يسيطر على موارد المياه. ويشير إلى أهمية المشروع الأوروبي في تأمين المياه لمنطقة «مسافر بني نعيم»، باعتبارها سلة غذاء فلسطين الثانية، وأن المشروع مكّن نحو ألفي نسمة من سكان «المسافر» من الحصول على مياه للزرع إضافة إلى مياه الشرب. المواطن الفلسطيني باسم طرايرة، مزارع من «مسافر بني نعيم»، أشاد بمشروع إيصال المياه إلى منطقة سكناه، عبر بناء الخزان الكبير على مدخل البلدة، ومد شبكة للمياه من العيون إلى الخزان، ومن الخزان إلى المنازل. وأكد أن هذا الإجراء يأتي من باب تخفيف الضرر، وهو مشروع مهم وحيوي، وإن كان لا يسد كل احتياجات المنطقة من المياه. ويؤثر نقص المياه في المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية في المنطقة، بخاصة أن البدو في «مسافر بني نعيم» يعتمدون مثل غيرهم في شكل أساسي في مصدر رزقهم على الثروة الحيوانية، وحول ذلك يقول رئيس مجلس قروي «خلة المسافر»، ومنسق شؤون البدو في المنطقة الشيخ خميس الحناجرة: غالبية سكان مسافر بني نعيم من البدو اللاجئين من عشيرتي الحناجرة والعزازمة. نحن نعاني ليس فقط من حرية الحركة بسبب الاحتلال والمستوطنات المحيطة بنا، بل من شح كبير في المياه يؤثر سلباً في الثروة الحيوانية لدينا، ما أجبر غالبية الأسر البدوية في المنطقة على بيع ماشيتها، باستثناء أسرتين أو ثلاث أسر بالحد الأقصى، مشيراً إلى أن مشروع الاتحاد الأوروبي أمّن لسكان المنطقة مياهاً للشرب، إضافة إلى خيم جديدة، ومراحيض متنقلة، وساهم تالياً في حل جزء كبير من مشكلة المياه في المنطقة، مؤكداً أن المشروع الأوروبي وفّر عليهم المال والجهد في ما يتعلق بالحصول على المياه. وفي هذا الإطار، يؤكد تيري فوبيرت، أن المشروع، الذي نفّذته سبع مؤسسات إنسانية، للحد من مشكلة المياه الكبيرة في المنطقة، ساهم في توفير تكاليف نقل المياه من مناطق أخرى في محافظة الخليل، أو حتى مستوطنة كريات أربع، وانخفض تالياً سعر كوب المياه من 45 شيكل للكوب الواحد إلى 13 شيكل (الدولار 3.7 شيكل)، بخاصة أن 80 في المئة من تكاليف المياه تذهب إلى وسائل نقلها من مصادرها إلى منطقة «المسافر» أو غيرها من المناطق التي أنجز الاحتلال الأوروبي مشاريعه جنوب الخليل، وهذا يساهم في شكل جزئي في حل مشكلة المياه في المنطقة، ومع مواصلة الجهود قد يتم حل جزء أكبر من المشكلة. وأعلن فوبيرت أن العمل يجري على تنفيذ 15 مشروعاً مقترحاً في المنطقة للمساهمة في حل مزيد من مشكلة المياه، إلا أنها لا تزال تنتظر الحصول على الموافقة الإسرائيلية، التي قد تتطلب مزيداً من الوقت. أوروبا جارتنا مشروع إعلامي مشترك متعدد الوسائط بين «الحياة» وتلفزيون «ال بي سي» وصحيفة «لوريان لوجور» الناطقة بالفرنسية، يموله الاتحاد الاوروبي ويهدف إلى تسليط الضوء على مشاريع الاتحاد وبرامجه في منطقة حوض المتوسط عبر تقارير تلفزيونية ومقالات صحافية تنشرها «الحياة» اسبوعياً وتحمل علامة المشروع. المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد الاوروبي. للاطلاع زوروا موقع: www.eurojar.org