يقول القراصنة الصوماليون الذين يحتجزون زوجين بريطانيين منذ تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي إن الرهينتين في «منطقة آمنة» بعيدة من ملاحقة مسلحي «حركة الشباب المجاهدين» الذين كانوا يطاردونهم منذ صباح الإثنين. وكان مسلّحو حركة «الشباب»، وهي أقوى حركة إسلامية مسلحة في الصومال، يلاحقون القراصنة الإثنين في إحدى الغابات القريبة من مدينة هارارديري التي تُعد معقلاً للقراصنة على الساحل الشرقي الصومالي، رغبة منهم في إلقاء القبض على الرهينتين ومحتجزيهما القراصنة. ويقول مصلح يري، القائد الميداني لجماعة الخاطفين، في اتصال هاتفي مع «الحياة» من منطقة قريبة لمدينة جالكايو، إن جماعته استخدمت سيارة ليلة الإثنين لنقل الرهينتين - بول وراشيل جاندلار - إلى منطقة تبعد من مدينة هارارديري بمساقة 200 كيلومتر. ويوضح إنهم عزموا على الخروج من هارارديري ونقل الرهينتين إلى خارجها مساء الأحد بعدما وصلتهم أخبار تقدم مسلحي «الشباب» إلى المدينة. وكشف يري عن حصول مفاوضات بين القراصنة و «حركة الشباب» حول نقل البريطانيين إلى حوزة أفراد الحركة، قائلاً إنها وعدت بدفع مليوني دورلار - أي أكثر مما وعدته أول من أمس بمئتي ألف دولار أميركي، بينما يتمسك القراصنة بطلبهم الحصول على 2.5 مليون دولار قبل أن يسلموا الزوجين إلى «الشباب». ويقول يري: «سنسلّم البريطانيين إلى «الشباب» شرط أن نحصل على المبلغ الذي طلبناه. لأننا لا نريد أن نعاني أكثر مما عانيناه حتى الآن». ويقول إن الرهينتين قطعا مسافة 7 إلى 8 كيلومتر في الساعة مشياً على الأقدام أمس في إحدى الغابات، قبل أن يتم نقلهما مرة ثانية بسيارة إلى منطقة قريبة من مدينة جالكايو، التي تقع على بعد 750 كليومتراً شمال العاصمة. وأكد سكان مدينة هارارديري دخول مسلحين من «الشباب» وهم على متن عربتين إلى مقر القراصنة ليلة الأحد بعد دحرهم مسلحي ميليشيات جماعة «أهل السنة والجماعة» الصوفية من القرى القريبة من المدينة في الأيام الماضية. الإ أن السكان أوضحوا إن «الشباب» خرجوا من هارارديري بعد نصف ساعة من دخولهم إليها. وكانت ميليشيات الطرق الصوفية تحارب «الشباب» و «حزب الإسلام» في مناطق في وسط البلاد منذ أواخر 2008. وحققت جماعة «أهل السنّة» بعض المكاسب الميدانية في البداية، إلا أنها انحسرت في الأشهر الأخيرة بعدما دب انشقاق في صفوفها وبعدما دفعت «حركة الشباب» بتعزيزات إلى مناطق وسط الصومال التي أصبحت قاعدة خلفية للصوفيين على رغم إنتشار السلفية في بقية مناطق البلاد. وإذا ما وقع الزوجان البريطانيان في يد «الشباب» فإنه من الصعب التكهن بما سيفعلون بهما (قتلهما أم الإفراج عنهما أم طلب فدية). وكان بعض أفراد «حركة الشباب» خطفوا بضعة أجانب في السابق في الصومال ولم يطلقوا سراحهم إلا بعد حصولهم على فديات بملايين الدولارات. وأكد سكان في مدينة هارارديري أن القراصنة بدأوا منذ الإثنين بمغادرة معقلهم، مستخدمين سياراتهم ومتجهين إلى معاقل أخرى مطلة على الساحل الصومالي، شمال العاصمة، مثل مدينة هوبيو التي لم يصل إليها الإسلاميون بعد. وتمثل معاقل القراصنة أرضاً رخوة لأعمال وتصرفات لا يقبل بها المواطنون الصوماليون المحافظون مثل الاتجار بالمخدرات والدعارة وأعمال القرصنة، وهي أمور تعارضها «حركة الشباب» وتعاقب مقترفيها. ويوضح يري أن القراصنة لم يخبروا الرهينتين بالتطورات الجديدة والأسباب التي حملتهم على نقلهما من مكان احتجارهما السابق، مضيفاً أن الرهينتين ليسا في صحة جيدة، إذ تعاني الإمرأة من اكتئاب شديد، بينما الزوج يعاني من حمّى بين حين وآخر. واختطف القراصنة الرهينتين من يختهما في المحيط الهندي في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي. وطلب القراصنة في بداية الأمر سبعة ملايين دولار أميركي إلا أنهم خفّضوا المبلغ إلى 2.5 مليون دولار. وترفض السلطات البريطانية دفع فدية لإطلاقهما، قائلة إن الأمر يشجع القراصنة على مثل هذا التصرف. وفي مقديشو، قال مسؤولون إن شاحنة مفخخة يقودها «انتحاري» انفجرت أمس خارج قاعدة عسكرية للقوات الافريقية في العاصمة الصومالية، ما أدى إلى جرح أربعة أشخاص بينهم جنديان من قوات السلام الافريقية. وأعلنت «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» مسؤوليتها عن الهجوم.