بضائع تالفة واخرى اغطيتها ممزقة تكدست منذ حوالى ثلاث سنوات في ساحات وشبه مخازن في مدينة سديروت وقرى اسرائيلية محيطة بها لمستوردين من غزة منعتهم اسرائيل من ادخال بضائعهم الى القطاع بعد ان فرضت الحصار عليه صيف 2007. وفي المنطقة الصناعية في مدينة سديروت الاسرائيلية الحدودية يغطي غبار صحراء النقب بضائع الغزيين في مجمع ضخم يستخدم كمخزن مؤقت، ومثله تنتشر مخازن في قرى اوفيكيم ونتيفيم واشكلول الاسرائيلية الحدودية ايضا. وقال سائق الشاحنة جمال الهزيل الذي يعمل بين ميناء اشدود ومعبر كرم ابو سالم على الحدود مع غزة ان "هذه البضائع خرجت من الميناء وعلقت بين غزة واسرائيل, وقمنا بتخزينها عندنا". وجمال الهزيل (28 عاما) عربي اسرائيلي من بلدة راهط في النقب. وقال لوكالة فرانس برس انه يتولى "التخزين لحوالى عشرة تجار", موضحا ان "سعر التحميل بالشاحنات يشمل التخزين والبضائع تخرج بدون حاويات على نقالات خشب لنضعها في المخازن". وتكسد في المخزن مئات الاصناف من البضائع مثل عبوات الشامبو وبلسم الشعر ومظلات واحذية وحفاضات نسائية وعلب البان (العلكه) التي تنتهي صلاحيتها في تموز/يوليو 2010. والى جانب البان الذي "سيذهب الى حاويات الزبالة اذا لم يستخدم حتى هذا التاريخ", على حد قول الهزيل "هناك مواد غذائية كثيرة انتهت صلاحيتها القيتها في النفايات واخرى تتلف نتجة الظروف الطبيعية من شمس وريح ومطر". وفرضت اسرائيل حصارا محكما على قطاع غزة منذ ان سيطرت حركة حماس عليه منتصف حزيران/يونيو 2007. وتابع الهزيل ان "بعض التجار قاموا بتخزين بضائعهم في مخازن قريبة من ميناء اشدود ويدفعون مبالغ باهظة كاجرة ارضية التخزين وهي مؤمنة ضد السرقة اوالحريق ولكنها غير مؤمنة ضد التلف او انتهاء الصلاحية". وتحدث عن تجار آخرين "يقومون بتزين البضائع في الضفة الغربية او ينجحون في تسويقها هناك". واشار الى كميات كبيرة من مادة الجص (الجبصين) مكدسة تحت اشعة الشمس في الساحة الخارجية للمخزن. وقال ان "هذه المواد كلفت صاحبها نحو سبعين الف دولار. اخرجناها من المخزن لرميها في الزبالة", مشيرا الى ان هذه المادة "لا يمكن تحزينها لثلاث سنوات في المخازن لانها تتاثر بالحرارة والرطوبة". كما تحدث عن تاجر "خزن عندنا منتوج العصائر ولم يقبل ببيعها في الضفة الغربية بسعر مخفض لانه كان يامل ان تسمح اسرائيل بادخالها في اي لحظة للقطاع. وقد سمح لنا في النهاية ببيعها قبل اسبوع من انتهاء صلاحيتها لكن ما ان وصلت الضفة حتى صادرتها الجمارك الفلسطينية لانتهاء صلاحيتها". وبالقرب من الحدود مع غزة بالقرب من معبر كرم ابو سالم عند قرية اشكول الاسرائيلية, قال شمعون ترجمان الذي خزن لتجار من قطاع غزة ان "النيران شبت في المخازن قبل نحو عام والتهمت كل البضائع". واضاف "لا احد يعرف سبب الحريق. ربما كانت شظية قذيفة من الطائرات. كنا عشرة اشخاص حاولنا اطفاء الحريق ولم نستطع". وتابع ترجمان لوكالة فرانس برس ان البضائع كانت "لحوالى اربعين من كبار المستوردين وتشمل كل ما يخطر على البال من كمبيوتر ملابس". واكد انه "القينا كل شىء في الزبالة والبضائع غير مؤمنه". واوضح مسؤول العلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع ان "خسائرالتجار في حريق مخازن ترجمان تقدر بسبعة ملايين دولار تعادل حمولة 125 شاحنة". اما يائير موشيه وهو سائق شاحنة ولدية مخازن كبيرة في منطقتي كيبوتس ماغين وقرية غيفونيم في المنطقة الحدودية نفسها, فيخزن احذية وملابس والعاب اطفال وادوات منزلية. وقال لفرانس برس "رمينا بضائع كثيرة انتهت صلاحيتها وفسدت مثل المواد الغذائية وغيرها". واضاف ان لديه حاليا "حمولة ما بين 500 الى 600 شاحنة". من جهته قال ماهر الطباع لفرانس برس ان "التجار خسروا نحو 15 مليون دولار رسوم تخزين خلال السنوات الثلاث الماضية في المخازن الاسرائيلية". وقدر الطباع ثمن البضائع العالقة منذ منتصف 2007 والمخزنة في اسرائيل والضفة قبل بدء السماح بادخال بضائع الى القطاع قدرها الدكتور الطباع "بنحو مئة مليون دولار". واشار الى "خسائر غير مباشرة" ايضا "تتمثل في فقدانهم وكالات لشركات عالمية لم يستطيعوا تسويق بضائعها" على حد تعبيره. وسمحت اسرائيل منذ الرابع من نيسان/ابريل للمرة الاولى منذ صيف 2008 بدخول خمس شحنات من الاحذية وخمس شحنات من الملابس التجارية يوميا وصل معظها تالفا على حد قول الطباع. واكد مركز "غيشا" الاسرائيلي للدفاع عن حرية الحركة ان شحنات الملابس والاحذية التي وصلت الى قطاع غزة "كانت تالفة ومعفنة اما بالكامل او جزئيا نتيجة التخزين والرطوبة". وقدرت هذه المؤسسة خسائر المستوردين الغزيين بنحو ثلاثين بالمئة من ثمن حمولة كل شاحنة اضافة الى كلفة التخزين التي تتراوح بين 300 و500 دولار في الشهر لكل حاوية". واشارت الى "نحو 750 "كونتينرز" (حاوية) ملابس واحذية والعاب اطفال مخزنة في اسرائيل والضفة الغربية لا احد يعرف متى ستسمح اسرائيل بادخالها بعد ان سمحت الان ادخال بضائع لمرة واحدة". وقال الطباع "توجهنا بالتماس للمحكمة العليا الاسرائيلية وحصلنا على قرار في 11 اذار/ مارس هذا العام بادخال الملابس والاحذية والادوات المنزلية التي سنبدا بادخالها اعتبارا من الاسبوع المقبل". من جهته قال المنسق الاسرائيلي لادخال البضائع غاي انبار لفرانس برس ان "ملابس واحذية دخلت الى غزة خلال الفترة الماضية من خلال منظمات انسانية. لكن تجاريا بدأ ذلك في الرابع من نيسان/ابريل". واضاف "في هذه الفترة بدانا ادخال تجهيزات للكهرباء وتجهيزات للمجاري من مواسير وغيرها لمنطقة تل السلطان في رفح". لكن السائق يائير موشيه قال الخميس ان "الاسرائيليين اوقفوا ادخال الملابس والاحذية لا نعرف لماذا اذ انهم لم يخبرونا". ويقول الفلسطينيون ان 114 سلعة فقط يسمح بدخولها الان الى قطاع غزة عبر معابر مع اسرائيل من اصل اربعة آلاف كانت تدخل قطاع غزة قبل الحصار. الا ان انبار قال انه "لا يعرف عدد البضائع المسموح بها". ___________ * ماجدة البطش