مع تأخر مجلس النواب الأردني في فتح مشروع قانون الانتخاب للمناقشة والإقرار، والمعروض على دورته الحالية، تتسع ساحة الجدال السياسي، وتتسع الخلافات في شأن تقويم أثره في مدى إصلاح الحياة السياسية في البلاد. وكانت الحكومة أقرت قانون الانتخاب في أيلول (سبتمبر) الماضي، ونص على بنود خلافية، علماً أنه جاء بعد نحو 23 عاماً من تطبيقات النظام الانتخابي ذي الصوت الواحد الذي تزامن إقراره مع بدء مفاوضات السلام الأردنية - الإسرائيلية. وينص القانون الجديد بنسخته الحكومية على اعتماد المحافظة كدائرة انتخابية، والصوت المتعدد للقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الدائرة، وهو قانون إن راق لقوى سياسية كالت له المديح، فإن رموزاً سياسية أردنية «محافظة» لا تزال تشهر موقفها وترفض نعته ب «القانون الإصلاحي» نظراً إلى ما انطوى عليه من «ثغرات وعيوب». والحال أن شخصيات حليفة للنظام بدأت «تعلن رفضها» الصيغة التي تبنتها مراكز القرار. وإن كان آخرها رئيس مجلس الأعيان السابق عبدالرؤوف الروابدة، فإن شخصيات من العيار الشعبي الثقيل سبقته. مسلسل الانتقادات لصيغة قانون الانتخاب الأردني كسر حدة الصوت القائل أنه «قانون توافقي، ويحظى بالإجماع»، إلا أن المخالفين يؤكدون أن الرأي العام انساق وراء بريق مغادرة الصوت الواحد، ولم ينتبه إلى «عورات» القانون الجديد التي لن تبتعد عن مخرجات الصوت الواحد. آخر الانتقادات جاء من الروابدة عندما شن هجومه السياسي على القانون قبل مغادرته موقعه السياسي في السلطة التشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، واستكمل حملة انتقاداته خلال ندوة ازدحمت بالحضور مساء أول من أمس، والراغبين بقياس مزاج الرجل بعد خروجه من موقعه. وباغت الروابدة جمهوره عندما قال: «إنا قلباً وقالباً ضد قانون الانتخاب وقانون الإدارة اللامركزية»، مضيفاً أنه يستطيع أن يُفرّق «بين الإرادة السياسية، وتنفيذ الإرادة السياسية بصورة خاطئة»، ومشيراً إلى أن ما جرى «هو تزوير للإرادة السياسية»، في إشارة إلى ما أقرته الحكومة بصيغ القانونين. واستمر الروابدة بمفاجأة الحضور بكشفه حوارات مسكوتاً عنها في قانون الانتخاب تناولت جوانب تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية، وتمثيل المسيحيين، والمرأة، عازياً ذلك إلى ما اعتبره «فجوة بين النظرية والتطبيق» لدى صانع التشريعات. لكن مساحة القلق التي بعثها الروابدة أمام مستمعيه كانت حديثه عن «قوى أيديولوجية استغلت غياب الإسلاميين واستفردت بالمشهد وسعت إلى حماية مصالحها»، موجهاً كلامه إلى الليبراليين وعدد من الرسميين المحسوبين على الخط اليساري والقومي، ومنهم وزير الشؤون البرلمانية والسياسية خالد كلالدة الذي جاء وزيراً على أكتاف الحراك الشعبي الأردني إبان قيادته تيار اليسار الاجتماعي. وفي مواصلة لمسلسل النقد السياسي لقانون الانتخاب، اعتلى منصة الحديث المراقب العام السابق لجماعة «الإخوان المسلمين» سالم الفلاحات الذي كشف «رفض فئة كبيرة من أبناء الحركة الإسلامية القانون»، معلقاً مصير مشاركتها في الانتخابات المقبلة ب «تعديلات جوهرية مرتبطة بالإرادة السياسية وليس بالقانون نفسه». وقاطعه الكاتب والمحلل السياسي من صحيفة «الدستور» اليومية الأردنية عريب الرنتاوي مؤكداً أن «قيادات من الصف الأول في الحركة الإسلامية أكدت له أنباء مشاركتها في الانتخابات إذا أقر القانون بصيغته الراهنة».