فيما ينشغل الأردن، على جبهتيه الشمالية والشرقية، في الحرب على الإرهاب، تنشغل جبهته الداخلية بالجدال حول محور الإصلاحات السياسية المنشودة، وهو قانون الانتخاب. فبعدما أحالت الحكومة الأردنية مشروع قانون انتخاب جديد على مجلس النواب، تسربت أحاديث عن تدخلات نيابية «جراحية» على النظام الانتخابي في قانون يوصف على الساحة السياسية الأردنية بأنه «الأكثر جدلاً». وكانت الحكومة الأردنية أقرت نهاية آب (أغسطس) الماضي مشروع قانون الانتخاب، وأحالته على مجلس النواب بصفة الاستعجال لمناقشته وإقراره، إيذاناً باستكمال مراحله الدستورية التي تنتهي بالمصادقة الملكية. ويتخلى المشروع الجديد لقانون الانتخاب عن النظام الانتخابي السابق ذي الصوت الواحد الذي بدأ العمل به في أعقاب اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية عام 1993، ليعتمد مبدأ القائمة النسبية المفتوحة بحسب عدد مقاعد الدائرة الانتخابية. الجدل حول مشروع قانون الانتخاب الذي بدأ داخل أروقة مجلس النواب، يأتي مشفوعاً بتباين حاد في المواقف، وهو ما أكده خالد بكار رئيس «الائتلاف النيابي» الذي يضم نحو 80 نائباً من أصل أعضاء البرلمان ال 150 عضواً. وقال بكار ان «من المبكر الحسم بشكل قانون الانتخاب الجديد، خصوصاً في ظل التباين في المواقف النيابية»، من دون استبعاده الحسم لصالح التوافق النيابي وليس المصالح النيابية. وفيما تسربت من ردهات المجلس أحاديث تتعلق بتعديل جوهر النظام الانتخابي، إذ يدعم أقطاب ورموز سياسية تعديل مبدأ القائمة النسبية المفتوحة لتصبح قائمة نسبية مغلقة على مستوى الدائرة الانتخابية، وهو ما جاء على لسان بكار، أكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة «دفاع الحكومة عن القانون بالصيغة التي أحالتها إلى البرلمان». واضاف الكلالدة القادم من رحم الحراك الشعبي المعارض، في تصريحات خاصة جدية الحكومة في المضي بإقرار مشروع القانون الجديد، مشدداً على أهمية بناء التوافقات. وأشار إلى أن القانون تضمن مطالب القوى السياسية كافة في إصلاح النظام الانتخابي، وسيعكس جدية المملكة في استكمال مسار الإصلاح. وشدد الكلالدة على مضامين القانون الجديد لجهة اعتماده مرتكزات إصلاحية كتوسيع الدائرة الانتخابية، وإقرار مبدأ التمثيل النسبي، ومنح الناخب أصواتاً بعدد مقاعد دائرته، مع مراعاة معايير الجغرافيا والديمغرافيا والتنمية في احتساب عدد المقاعد لكل دائرة، إضافة إلى تجريم ظاهرة شراء الأصوات في الانتخابات وتغليظ العقوبات على ممارسيها. واستبعد نجاح أي فرصة لإحداث تعديلات جوهرية على قانون الانتخاب، مستبشراً بالمرحلة السياسية المقبلة التي تجاوز فيها الأردن قانون الانتخاب ذات الصوت الواحد، الذي ترك آثاراً سلبية على الحياة السياسية في المملكة. ويؤيد 82 في المئة من الأردنيين مشروع قانون الانتخاب الجديد، بحسب استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، فيما عبر 20 حزباً في اجتماع سياسي عقد الشهر الماضي عن رفضهم القانون، مؤكدين أنهم لا يجدون فيه أي بارقة إصلاح سياسي، أو مدخلاً لولوج الحكومات البرلمانية، ويعتبرون أن القانون «يعطي التمثيل الاجتماعي الأولوية على التمثيل البرامجي والسياسي»، وهو بحسبهم «التفاف على خيار الشعب، ورؤية الملك». وكان من بين تلك الأحزاب حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، الذي قاطع الانتخابات في مواسم عدة بذريعة الإبقاء على قانون الصوت الواحد، فيما لم يعلن حتى اللحظة موقفاً حاسماً حيال مشاركته في الانتخابات المقبلة إذا ما أقر مجلس النواب القانون الجديد بصياغته الجديدة. وفي الوقت الذي أحالت فيه الحكومة مشروع قانون الانتخاب إلى مجلس النواب خلال الدورة الاستثنائية التي رفعت في 21 الشهر الماضي، أعلن مجلس النواب فتح القانون للحوار مطلع الأسبوع المقبل.