«على خريج الثانوية العامة هذا العام، الإلتحاق بالمعاهد وغيرها من الدروس الخصوصية ليتمكن من الحصول على مقعد في جامعة يمنية. ناهيك عن من يفكر في الدراسة في الخارج» تقول الطالبة مروى حسين (18سنة) مشيرة الى أهمية تعويض النقص في الدروس الذي شهده العام الدراسي 2014 -2915 بسبب القتال. في المقابل يسعى الطالب الجامعي حمزة (25عاماً) الى توسيط معارفه لدى مدرس مادة الاقتصاد الكلي ليقنعوه بمساعدة حمزة على النجاح في مادته التي كان اداؤه فيها ضعيفاً. وتظهر البيانات الرسمية تقدماً للإناث على الذكور في التحصيل الدراسي والحرص على النجاح والتفوق اعتماداً على الذات، بيد أن تعليم الفتاة ما زال الى انخفاض ويحتل ذيل الاهتمام الشعبي والرسمي. وتضاعف النزاعات المسلحة والازمات الاقتصادية من معدل حرمان الاناث من التعليم وتسربهن من المدرسة. ويعد التعليم اكثر القطاعات المدنية تضرراً جراء الحرب الاهلية التي تشهدها البلاد، على خلفية انقلاب مسلح تنفذه منذ ايلول (سبتمبر) 2014 قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ومليشيا الحوثيين (حركة انصارالله) المدعومة من إيران. واضافة الى تعطل الدراسة في حوالي 70 في المئة من المدارس قبل نهاية العام الدراسي وحرمان حوالي مليوني طالب من استكمال عامهم الدراسي تسببت الحرب في ارتفاع نسبة الاطفال خارج المدرسة الى 47 في المئة (2.9 مليون طفل) مقابل 27.5 في المئة عام 2012. وفي حال الحرب كما في حال السلام تظل الأنثى الخاسر الاكبر وتقدر نسبة الأمية القرائية والكتابية بين الاناث باكثر من 60 في المئة مقابل 33 في المئة بين الذكور وتتوقع تقارير رسمية اتساع الفجوة بين الاناث والذكور في التعليم حتى بعد انتهاء الحرب. «تعددت الاسباب والوأد واحد « تقول فاطمة ( 20عاما) معتبرة حرمان الاناث من التعليم هو استمرار لظاهرة وأد الإناث قبل الاسلام, ووفق الثقافة التقليدية ما زالت الانثى مجرد «عورة» و»عار» أو كائناً مقلقاً لذكور العائلة خصوصاًَ اذا غادرت المنزل للدراسة أو العمل او بلغت سن العشرين من دون زواج». ولا تزال بعض العائلات اليمنية تحتفظ بتقليد قديم فتنادي على اناثها في حضور الاغراب بأسماء مذكرة أو بأم فلان في حال كانت متزوجة. ويربط باحثون بين تفاقم ظاهرة زواج الصغيرات والازمات الاقتصادية وعدم الاستقرار وطبعاً الخروج مبكراً من المدرسة. وتشرح فاطمة كيف احتال عليها والدها ليقنعها بالزواج ما تسبب في حرمانها من مواصلة تعليمها وتقول: «بعد نجاحي في الصف الثاني الثانوي عام 2013 ظل أبي وأمي يحضانني على الزواج من ابن عمي، وعندما لاحظا عدم رغبتي بالزواج قبل اكمال دراستي وعدني والدي انه سيلزم من يتزوجني بالسماح لي بمواصلة دراستي». لكن ما حدث بعد ذلك وفق فاطمة أن الزوج رفض السماح لها العودة الى المدرسة وعندما اشتكت الى والدها رد عليها بأن طاعة الزوج واجبة. وتمثل الطالبة في ثانوية عدن النموذجية، مروى حسين مثالاً ليمنيات قلائل يحظين بدعم الاسرة. فوالد مروى استاذ جامعي وشخص منفتح، يشجعها على متابعة التعليم ولا شك سيسمح لها بالسفر خارج البلاد للدراسة الجامعية، بحسبما تقول. وكانت عائلة مروى نزحت الى حضرموت ضمن آلاف العائلات التي نزحت من عدن الى مناطق أخرى ودول مجاورة هرباً من القتال الذي شهدته المدينة. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عادت مروى الى عدن لاداء امتحان الثانوية العامة بعد استقرار الاوضاع في المدينة في حين لم يتمكن الطلاب والطالبات في مدينة تعز من اداء اختباراتهم بسبب استمرار القتال. ووفق تقارير محلية ودولية، تسببت الحرب الاهلية الثانية في تدمير نحو 400 مدرسة واحتلال عشرات المدارس من قبل الجماعات المسلحة. وتتوقع تقارير رسمية اضطراد تسرب الإناث في مستويات التعليم المختلفة خصوصاً مع توقف التمويل الخارجي وبرامج تشجيع تعليم الفتاة وهي عبارة عن مبالغ مالية وغذاء تعطى لآباء الفتيات لتشجيعهم على تعليم بناتهم. لكن هذه البرامج لم تترك تاثيراً كبيراً بحسبما جاء في تقويم أجرته جهات محلية لأنه توقف ارسال الفتيات الى المدارس فور توقف الدعم، ولم يؤسس لأي تغيير في العقلية السائدة. ويطاول تهميش الإناث مختلف المجالات بدءاً من التعليم ما قبل المدرسي الى التعليم العالي والعمل والاسرة وصناعة القرار. وعلى رغم عدم وجود فارق كبير بين اعداد الذكور والإناث من اجمالي السكان البالغ 26 مليون نسمة. بيد ان الفجوة بين الذكور والاناث لا تزال كبيرة وتصب في مصلحة الذكور. ويشكل تسرب الاناث في المرحلة الثانوية الاعلى. وبحسب الاحصاءات الرسمية فان اكثر من 71 في المئة من الفئة العمرية 15-17سنة خارج التعليم الثانوي منهم 70 في المئة اناث. كما لا يزيد معدل التحاق الاناث في الجامعات عن ثلث اجمالي الملتحقين. ويبلغ معدل التحاق الاناث في التعليم الثانوي 23.8 في المئة مقابل 32.2 في المئة للذكور. ويشكل بعد المدرسة والاختلاط وعدم وجود معلمات من أسباب عدم إلحاق الآباء بناتهم في التعليم فنسبة المعلمات لا تتجاوز 31 في المئة من اجمالي معلمي التعليم الاساسي والثانوي. ووفق مسح القوى العاملة لعام 2014 بلغت نسبة مشاركة الإناث في قوة العمل 6 في المئة فقط مقابل 65.8 في المئة للذكور فيما يقدر معدل البطالة عند الإناث ب 26.1 في المئة مقابل 12.3 في المئة عند الذكور، علماً ان تهميش الإناث يمتد الى البرلمان والحكومة والقضاء ومتوسط الأجر الشهري من أي وظيفة حكومية أو خاصة.