صرخت الجمعيات النسائية المغربية الأسبوع الماضي في وجه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عبر وقفة احتجاجية أمام البرلمان في الرباط رافعات شعار «بنكيران إلزم حدودك» احتجاجاً على ما قاله أخيراً من أنه:»عندما خرجت النساء في المغرب إلى العمل انطفأت البيوت»، و»أنتم عشتم في بيوت تضم الثريات حيث كان دفء أمهاتكم ينتظركم»، وهو ما اعتبرته الحركات النسائية مهيناً للمرأة. كذلك لم يمنع شغف مباريات المونديال الشباب من مساندة الوقفة الاحتجاجية النسائية عبر المشاركة في هذه المحطة النضالية وذلك بالتضحية بساعات مشاهدة في سبيل اسماع صوتهم للرأي العام، دفاعاً على المرأة المغربية «التي يحق لسياسي المطالبة بعودتها للبيت وكأننا في زمن الحريم» على ما قالوا. هذا الواقع لمشاركة المغربيات وفعاليتهن اثبتته التلميذة هدى النيمي، ابنة أحد الأحياء الشعبية في الدار البيضاء والتي خطفت الأنظار بدخولها عالم التحدي والتفوق من بابه الواسع وذلك بحصولها على معدل 19.45 كأعلى نقطة في المغرب في نتائج امتحانات البكالوريا للموسم الدراسي 2013/2014. فعلى رغم ظروفها الاجتماعية وبخاصة يتمها من جهة الأب، حرصت التلميذة البالغة من العمر 18 سنة برفقة والدتها آمنة الأستاذة في إحدى المؤسسات التعليمية أن تتابع دراستها وتتألق فيها، وهي المؤسسة التي أهلتها بحكم تفوقها الدراسي لتتمم تعليمها الإعدادي والثانوي تخصص الفيزياء، وعرفت بين أصدقائها وصديقاتها والأطر التعليمية في المؤسسة بمثابرتها وعملها الجاد. فالتلميذة هدى هي ثمرة مشروع فريد من نوعه على الصعيد الوطني تشرف عليه أم التلميذة هدى واختير له شعار «مستقبلي. هدفي، أخلاقي» وتم تنفيذه في المؤسسة التعليمية بتنسيق مع الجهات الرسمية. ويقوم هذا المشروع على تهيئة التلاميذ منذ الأول ابتدائي لاختيار مهنة والعمل على تحقيقها من خلال استدعاء أصحاب هذه المهن للمدرسة الذين يقدمون للأطفال نبذة عن مسارهم الدراسي والمواد التي يجب التفوق فيها للوصول إلى هدفهم، وكانت هدى واحدة من المستفيدين من المشروع الطموح. وعرفت نتائج البكالوريا لهذا العام تسجيل «مناصفة» بين الذكور والإناث، إذ قارب مجموع التلميذات الناجحات ال 50 في المئة، (49.8 في المئة) من مجموع الناجحين، فيما بلغت نسبة النجاح لديهن 43.06 في المئة مقابل 36،25 في المئة لدى الذكور. وكانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني أعلنت أن عدد الناجحين في الدورة العادية لامتحانات البكالوريا دورة لهذا العام، بلغ 156 ألفاً و429، مسجلة بذلك ارتفاعاً ناهز 6.4 في المئة، مقارنة بالموسم الماضي، فيما بلغ عدد الناجحين الممدرسين 141 ألفاً و984 تلميذاً وتلميذة، بنسبة نجاح وصلت إلى 44.03 في المئة، (مقابل 43.61 في المئة السنة الماضية). في المقابل استقبلت مجموعات فايسبوكية خبر نجاح التلميذة هدى بالتهاني والتبريكات، الا ان بعض المغردين تساءلوا عما أعددت الدولة لهؤلاء الناجحين في الدراسة من مشاريع مستقبلية تساهم في رفع مستواهم المعيشي والمهني في الوقت الذي لا تزال الموازنة المرصودة للبحث العلمي دون مستوى الطموحات. فهي اليوم لا تتعدى 0.8 في المئة من الناتج الداخلي الخام، في حين أن المتوسط العالمي يصل إلى 2 في المئة عموماً، وحتى 4 في المئة في الدول المتقدمة، ما يدل على أن الجامعة والبحث العلمي خارج أولويات الدولة وهي غير مهتمة بتخريج النخب، إضافة الى أن معظم الجامعات في المغرب تركز على عملية التدريس أكثر من تركيزها على البحوث العلمية. وكانت الباحثة في علم الاجتماع فاطمة المرنيس أشارت الى الطفرة التي أحدثتها قضية تعليم الفتيات في المغرب في أحد مؤلفاتها على «أن إصرار المرأة المغربية على التعليم يظهر من خلال مؤشرات عدة، منها الحصول على نقاط أعلى من الذكور، والإرادة التي لا تقهر في مواصلة تعليمهن بعد الزواج وولادة الأطفال، ومنذ عقد من الزمان فحسب، كان الزواج يعد بمثابة نهاية لكل مطامح الزوجة الشابة في التعليم، في حين أن مواصلتها دراستها بعد الزواج والأولاد أصبحت تمثل عادة معمولاً بها وبخاصة لدى الأجيال الشابة، وبالتالي فإنه لا يكفي أن تكون المرأة جميلة ومزينة بإتقان لكي تطمح إلى السعادة في المغرب الحديث حيث غدا المستوى العلمي يشكل ضرورة ويوفر وضعاً حيوياً يوازي الجمال».