في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات في مجال صناعة السيارات والاضطرار إلى التخلي عن برنامج نمو طموح لشركة رينو وخسائر تعاني منها شركة نيسان قام كارلوس غصن بأكثر ما يحب القيام به .. اقتنص صفقة. وكان بعض مراقبي صناعة السيارات توقعوا أن ينأى غصن بنفسه ويترك لمساعديه إدارة الشركتين اللتين دمجهما معا في تحالف قوي ناطح شركات تويوتا وفولكسفاغن وفورد في السوق العالمية. ويستطيع غصن مواصلة هذه المسيرة بعد أن اجتذب دايملر إلى تحالف مع رينو ونيسان موتور اليوم الأربعاء، لينتج سيارة مرسيدس الجديدة ويعمل على إنتاج سيارات صغيرة ومحركات وسيارات كهربائية. وعقدت الشركتان محادثات تتعلق بمشاريع مشتركة، مثل إنتاج قواعد عجلات للسيارات الصغيرة، وبعض المكوّنات المشتركة للشاحنات الخفيفة والسيارات الكهربائية. وبدت أوضاع رينو غير مستقرة في الآونة الأخيرة مع طلب الحكومة الروسية أموالا لضخها في شركة افتوفاز المنتجة لسيارات لادا والتي تمتلك رينو حصة 25 بالمئة فيها كما فشل اتفاق بين رينو وشركة ماهيندرا اند ماهيندرا في الهند فيما ظلت مسألة دخولها الأسواق الصينية معلقة. وتعرضت رينو التي كانت مملوكة للدولة سابقا لضغوط من الحكومة الفرنسية عندما أعلنت عزمها نقل جزء كبير من إنتاج سياراتها كليو الصغيرة إلى تركيا وتحدد البورصة الفرنسية سعر سهم الشركة بأقل من إجمالي قيمة حصتيها في شركتي نيسان وفولفو السويدية التي تنتج الشاحنات. وبدا أن نجم غصن آخذ في الأفول بينما اختطف سرجيو مارشيوني الرئيس التنفيذي لفيات الأضواء من خلال صفقة مع كرايسلر. لكن رجل الأعمال المولود في البرازيل تمكن من إقناع الرئيس التنفيذي لدايملر ديتر تسيتشه الذي كان مترددا في البداية إثر خروجه لتوه من انفصال مكلف عن كرايسلر بإبرام صفقة. وغصن رجل طموح يجذب إليه انتباه الجمهور بسهولة رغم ضآلة جسمه نسبيا. ويفكر ويتحدث من خلال رؤى ويفكر في نفسه وشركته بعد أعوام من الآن بدلا من تشتيت ذهنه في المشكلات الحالية. وقد شجع فكرة توفير سيارات رخيصة لعامة المستهلكين في الأسواق الصاعدة ورعى فكرة السيارة الكهربائية قبل كثيرين غيره. ولم يخف غصن أبدا إيمانه بأن هناك عددا كبيرا جدا من شركات السيارات في العالم وأن التحالفات ستستمر. ولد غصن في بورتو فيلهو بالبرازيل في التاسع من مارس اذار 1954 لعائلة لبنانية. وفي سن التاسعة سافر إلى بيروت مع أمه والتحق بمدرسة فرنسية يديرها قساوسة يسوعيون. وأهله هذا للالتحاق بمدرسة ثانوية في باريس وكليتين تقنيتين رفيعتي المستوى. والتقى غصن بالرجل الثاني في رينو باتريك بيلاتا أثناء دراسته. وعمل غصن في بداية مشواره في شركة ميشلان في كليرمون فيران بوسط فرنسا حيث أمضى كما يفعل أي مستجد في ذلك المجال عدة أسابيع في خط إنتاج إطارات. ووصل غصن إلى مناصب مدير مصنع ورئيس قسم البحوث ورئيس أعمال الشركة في امريكا اللاتينية ومقره البرازيل وبهذه الصفة أقام غصن تحالفا مع شركة يونيرويال جودريتش. ولأنه كان من الطبيعي آنذاك أن يتولى إدوارد ميشلان الذي توفي في حادث عام 2006 رئاسة الشركة انضم غصن إلى المجلس التنفيذي لرينو في 1996. وأبرم الرئيس التنفيذي لرينو آنذاك لويس شفايتزر صفقة للتحالف مع نيسان التي تعاني وأرسل غصن لتغيير أوضاع الشركة. وأخذ نقل غصن مساعديه المخلصين مثل بيلاتا والمدير المالي تييري مولونجيه وأغلق عددا من المصانع واستغنى عن آلاف الوظائف. واستحق غصن في اليابان لقب "نجم الأعمال" بفضل تغطية إعلامية مكثفة ونشر كتاب رسوم كرتونية عن حياته. وغصن أب لأربعة أولاد وتمتلك زوجته ريتا مطعما لبنانيا في طوكيو. وكرئيس تنفيذي لشركتين تفصل بينهما آلاف الأميال يقسم غصن حياته بين باريس وطوكيو والولايات المتحدة حيث يدرس عدد من أبنائه. ___________ * مارسيل ميكلسون