لا تقلق عزيزي القارئ، فأنا لست مصاباً ب»أنفلونزا الخنازير»، كما أنني لا أعاني من أعراض «أنفلونزا الطيور» أو حتى «الخيول»، ولا أي نوع من أنواع الأنفلونزا ما ظهر منها وما بطن. وكل ما في الأمر أن حساسية تصيب أنفي عندما أسمع عن الأنفلونزا. لكنني أعود وأقول وأؤكد أنني لا أخشى من الأنفلونزا عموماً، لسببين رئيسين، الأول لأنها على أشكالها تقع، لذلك أصيب بها اثنان من الصهاينة، والثانية أن وزارة الصحة طمأنتنا بأن المرض لم يتسرب إلى داخل البلاد حتى الآن، وأن المملكة آمنة «إن شاء الله» من هذا الوباء، وأن العلاج متوافر، وبأنها شددت من إجراءاتها الاحترازية لمنع المرض من دخول البلاد، ما يعني أن المرض لن يتمكن من تجاوز الحدود، ولا حتى بتأشيرة «أنفلونزا بشرية». هذه المعطيات جميعاً تجعلني أنامُ قرير العين، مشرعاً نوافذي، لا كما يشعر الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يعتصره الخوف من إصابته بالمرض، بعد أن مات رجلاً من جرائه وكان أوباما قريباً منه في زيارته الأخيرة إلى المكسيك. عموماً دعونا نتحدث عن هذا الوباء، فالخنازير يمكن أن تصاب بأنفلونزا البشر أو أنفلونزا الطيور. وعندما تصيب فيروسات أنفلونزا من أنواع مختلفة الخنازير يمكن أن تختلط داخل أجسامها لتظهر فيروسات خليطة تنتقل مرة أخرى إلى البشر، ومن ثم انتقالها من شخص لآخر. ولكن كيف يمكن التعرف على أعراض المرض؟ يقول الخبراء: إن أعراضه لا تختلف عن أعراض الأنفلونزا المتوافرة في «الأسواق المحلية» لكن بدرجة أكثر حدة. ذلكم كان رأي الخبراء، أما بالنسبة لرأيي الشخصي حول كيفية التعرف على الأعراض والتمييز بين أنواع الأنفلونزا، فهي كالتالي: إذا سمعت أحدهم يعطس بشكل متواصل وبصوت عالٍ، فتلك أنفلونزا بشرية «لا تهمك»، وإذا كان العطاس بشكل متقطع، فتلك طيور، وهذه وزارة الزراعة تمكنت من القضاء عليها بعد إفناء أعداد كبيرة من الثروة الداجنة لدينا، «لا عليك»، أما إذا كان العطاس متفاوتَ الصوت فهي أنفلونزا خيول، وهذه تجعل من صاحبها وقوراً، فاقترب منه. لكن إذا كان العطاس متذبذباً وتارة مع سوائل وأخرى من دونها، والحمرة تغطي أنف صاحبها، فنصيحتي لك عزيزي القارئ، أطلق ساقيك للريح وقف عند أول هاتف بشرط ألا يكون مصرفياً، لأنه لا يعمل، وأجرِ اتصالك على الأرقام المحددة من جانب وزارة الصحة، وإذا ما كانت الخطوط مشغولة فعاود الاتصال «فخدمتنا هي غايتهم»، وإذا لم يُجب أحد على الهاتف، أيضاً عاود الاتصال، فقد تكون فترة صلاة، وإذا ما شعرت أن أعصابك بدأت تخونك نتيجة عدم الرد، اتجه على الفور إلى أقرب مستشفى، أكرر مستشفى، لأن مستوصفاً أهلياً من شأنه أن يشخص حالة الأنفلونزا، بأنها طيور «وهو المتداول الآن»، وسيشخّص السعال ب»الديكي»، أي سيجمع بين «رأسين في الحلال» طمعاً في «السعي»؛ لذلك أقول مستشفى، وإذا ما وصلت هناك واستقبلك موظف الاستقبال ببرود، لا تنفعل، واحتسب إلى الله، وإذا ما تمكنت أخيراً من مقابلة الطبيب، وتطوع بالقيام من مقعده وأجرى الكشف الطبي، فاحمد الله كثيراً، وإذا أعطاك وصفة تتضمن حبوباً للصداع، فخذها على الفور و»توكل على الله»، فيجب أن تدرك أن النية هي الأهم في مثل هذه الحالات، ولا شك أن نية الطبيب هي العلاج، فخذ دواءك واتعظ، فقد كان بإمكانك اختصار هذا المشوار بالذهاب إلى أي صيدلية، وهناك سيتم تشخيص الحالة وتقديم العلاج، وبغض النظر عن ملاءمته من عدمها فذلك يعيدنا إلى مربع النية. كل ما سبق قد يحدث، لكن نقولها بصدق: الاستعدادات اسطوانة مللنا منها، فهي تتكرر مع كل وباء ينتشر في العالم المحيط، ويتضح العكس. المطلوب والأهم من وجهة نظري هو التعريف بالمرض من خلال برامج ومنشورات. والمطلوب أيضاً نشر ثقافة الوقاية من الأمراض والأوبئة عموماً، لماذا يجب علينا الانتظار حتى يصل إلينا الوباء؟ وما دور الوزارة الوقائي في مثل هذه الحالات، وأي دواء سيكون متوافراً في لحظة فزع فيما لو تم - لا سمح الله - اكتشاف أي حالة؟ وما الذي بإمكاننا تقديمه لمن يعطس غير «يرحمك الله»؟