حملت الحكومة الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس، بصمات الرئيس رجب طيب أردوغان، إذ ضمّت شخصيات مقرّبة من الأخير، بينهم صهره. وبذلك يكون داود أوغلو فشل في استثمار أول نجاح سياسي له، وتحويل انتصاره في الانتخابات النيابية المبكرة التي نُظمت مطلع الشهر الجاري، عاملاً يفاوض به أردوغان على موقع أفضل في إدارة السياسة في البلاد. وفرض الرئيس التركي إرادته ورؤيته على تشكيلة الحكومة الجديدة التي أُعلنت بعد تأخير دام أسبوعاً، بسبب خلاف بين الرجلين على تشكيلتها وإصرار أردوغان على استبعاد علي باباجان منها، على رغم أن داود أوغلو كان وعده باستلام حقيبة الاقتصاد. بعد هذا الوعد، وافق باباجان على خوض الانتخابات الأخيرة على قوام حزب «العدالة والتنمية،» بعدما كان أعلن اعتزاله العمل البرلماني، على خلفية سجال بينه وبين أردوغان حول إدارة الملف الاقتصادي الذي أراد الرئيس التركي تسليمه إلى صهره برات البيرق. لكن الأخير تولى وزارة الطاقة والمعادن في نهاية الأمر. وبذلك يبدو موقف داود أوغلو صعباً أمام باباجان الذي أمّنت مشاركته في الانتخابات دعماً شعبياً للحزب الحاكم، بسبب شعبيته وثقة الأسواق فيه، لكنه الآن خارج الساحة السياسية، علماً انه أشرف على الاقتصاد التركي 13 سنة، منذ تسلّم «العدالة والتنمية» الحكم عام 2002. وكان باباجان ضحّى بالتقديم لأكثر من منصب دولي كان مرشحاً له، من أجل داود أوغلو الذي رجاه الوقوف إلى جانبه في الانتخابات، مع ضمانات له بإبقاء حقيبة الاقتصاد معه. كما رضخ رئيس الوزراء لدخول بن علي يلدرم، مستشار أردوغان الأكثر وفاءً، الحكومة وزيراً للمواصلات والاتصالات، كما في عهد حكومات الرئيس التركي. وكان الأخير حرّك يلدرم لجمع تواقيع من أجل عزل داود أوغلو والترشّح لزعامة الحزب بدلاً منه، خلال مؤتمره الأخير، عندما حاول رئيس الحكومة انتخاب مكتب تنفيذي للحزب من رجاله المخلصين. وأفادت مواقع إخبارية بأن داود أوغلو وأردوغان اجتمعا سراً خمس ساعات الإثنين، لمناقشة تشكيل الحكومة، في إشارة إلى عمق الخلاف بينهما. لكن التشكيلة جاءت شبيهة في شكل كبير بالحكومة الأخيرة لأردوغان، وتضمّ رجاله المخلصين، مثل إفكان آلا في الداخلية، ويالتشن أكدوغان نائباً لرئيس الوزراء مسؤولاً عن الملف الكردي، ونابي أفجي وزيراً للتعليم، وعصمت يلماز وزيراً للدفاع، وبكير بوزداغ وزيراً للعدل، ولطفي علوان نائباً لرئيس الوزراء. وجاءت الصيغة التوافقية الوحيدة في الحكومة، بتسليم وزير المال السابق محمد شيمشيك، الذي يحظى أيضاً بدعم الأسواق الاقتصادية الأجنبية، نائباً لرئيس الوزراء مسؤولاً عن الاقتصاد، يشاركه في ذلك مصطفى إليطاش، رجل أردوغان. ويبدو أن الأخير اقتنع بأن تعيين صهره مسؤولاً عن الاقتصاد، قد يسبّب رد فعل سلبياً في الأسواق العالمية. واحتفظ وزير الخارجية محمود شاوش أوغلو بحقيبته. وقال داود أوغلو إن «للحكومة مهمة نقل تركيا إلى أفق جديد»، مضيفاً: «هذه مسؤولية ضخمة، ولكننا نحظى بدعم فوزنا في الانتخابات التي شهدت نسبة مشاركة بلغت 85 في المئة». سنحقّق كل وعودنا». وأشار إلى أن الحكومة ستركّز على «إصلاحات بنيوية»، وصوغ دستور جديد. في غضون ذلك، أعلن الجيش التركي مقتل خمسة من مسلحي «حزب العمال الكردستاني»، في غارات جوية وعملية برية استهدفت مواقعه في إقليم هكاري جنوب شرقي البلاد. إلى ذلك، طالب رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي صلاح الدين دميرطاش القضاء بالتحقيق في «محاولة اغتيال» استهدفته الأحد، حين تعرّضت سيارة كان يستقلها لإطلاق نار. لكن الشرطة اعتبرت أن الضرر في السيارة «نجم عن ارتطام جسم صلب» بالزجاج، لا من إطلاق نار.