تجد جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن نفسها أمام استحقاق فقدان الشرعية معنوياً، بعد أن فقدتها قانونياً، في حال تمسكت مجموعة «مبادرة الشراكة والإنقاذ» المشكلة من قيادات إخوانية تاريخية بمشروعها الباحث عن كيان سياسي جديد، وانسحابها ضمنياً من حزب «جبهة العمل الإسلامي» الذراع السياسية للجماعة. و»مبادرة الشراكة والإنقاذ» التي تشكلت على خلفية أزمات تنظيمية داخل جماعة «الإخوان»، خلصت في نهاية المطاف إلى «استعصاء الحل في فض الاشتباك التنظيمي الحاصل بين الجماعة كتنظيم دعوي، وجبهة العمل كتنظيم سياسي» وفق المراقب العام السابق للجماعة سالم الفلاحات القيادي البارز المحسوب على تيار الحمائم. وأمام حالة الاستعصاء تلك، فإن مشهد خروج القيادات من الجماعة والحزب يزيد من التحديات التي تواجهها قيادة «الإخوان المسلمين» الأردنية، التي تعاني اليوم من موقف قانوني صعب، بعد أن توجهت قيادات سابقة لتأسيس جسم مرخص ورِث شرعياً ممتلكات الجماعة، وأطلق على نفسه «جمعية الإخوان المسلمين»، بقيادة المراقب العام الأسبق والقريب من مراكز القرار الرسمية عبد المجيد الذنيبات. وتجد الحركة الإسلامية نفسها اليوم موزعة على اتجاهات مرشحة للتعدد أكثر؛ فبعد تأسيس «جمعية الإخوان» الوريث القانوني للجماعة، وفصل قيادة «الإخوان» لأعضاء «مبادرة زمزم» التي تسعى للإعلان عن نفسها كحزب سياسي، لجأت قيادات «المبادرة» إلى الإعلان عن «تشكيل كيان سياسي جديد». قيادات من «المبادرة» اتهموا صراحة قيادة «الإخوان» ب»رفضها التدخل في تغيير قيادة الحزب، بذريعة استقلالية مؤسسات الأخير في اتخاذ القرارات الداخلية»، وهو ما لم تنفه الجماعة وفق تصريحات سابقة للناطق الإعلامي باسم «جبهة العمل الإسلامي» مراد العضايلة القيادي المحسوب على تيار الصقور المسيطر، والذي أكد رفض الجماعة ل»إصرار أعضاء المبادرة في تدخل قيادة الجماعة وتغيير قيادة الحزب»، حيث أشار إلى أن «الحزب له مؤسساته وهيئاته المستقلة، ما يتطلب حواراً معه إذا ما أصرت المبادرة على توصياتها في تغيير قيادته». لكن قيادات «المبادرة» الإخوانية اعتبرت أن المبررات التي ساقتها قيادة الجماعة الحالية تصلح لتكون سبباً ل «دعمهم في الإعلان عن حزب سياسي جديد، ينتمي للإخوان، لكنه يمارس قناعته السياسية وفق قيادته المنتخبة، وأنه من حق الجماعة أن تملك أذرعاً سياسية تتناسب مع اجتهادات القيادات لديها». ويقول سالم الفلاحات الذي سبق له أن تولى موقع المراقب العام للجماعة واستقال على خلفية قرار مشاركة الجماعة في الانتخابات النيابية العام 2007، التي شهدت عمليات تزوير وتجاوزات واسعة وفق ما تضمنه تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان (جهة رسمية مستقلة) في ذلك الوقت «إذا كان الحزب مستقلاً عن الجماعة، فلماذا الاستياء من الذين يبحثون اليوم عن تشكيل كيان سياسي جديد، نلتقي خلاله مع الجماعة على العمل الدعوي، ونمارس من خلاله قناعاتنا في العمل السياسي». الفلاحات يكشف ل»الحياة» فشل جهود عشرين عاماً من محاولات الفصل بين العمل الدعوي لجماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية، والعمل السياسي لذراعها «جبهة العمل الإسلامي»، ويؤكد أن فكرة تشكيل الحزب العام 1992 جاءت على أساس أن يكون حزباً سياسياً وليس دينياً، ومستقلاً عن قيادة الجماعة. ويضيف الفلاحات أن «العمل مع قيادات حزب الجبهة الحالية مغلق تماماً، ولا يمكن لقيادات سياسية إخوانية تاريخية صاغت المبادرة الإصلاحية الداخلية أن تجلس في بيوتها وتعتزل العمل العام، وأنه إذا لم نلتق مع الحزب القائم بشكل تنظيمي، فلنلتق على شكل العمل الوطني في حال الوصول لشكل الكيان السياسي الجديد مستقبلاً». بالمقابل، أبدت قيادة جماعة «الإخوان المسلمين» تحفظها على بعض ما وصفه المتحدث الرسمي باسمها بادي الرفايعة ببعض الحقائق المتعلقة ببيان «الإنقاذ» التي تداولها الإعلام، فيما رأى أن الجماعة «متمسكة» بالحوار الذي اعتبر أنه لم ينتهِ بعد. وشدد الرفايعة في تصريحاته ل»الحياة» على أن الجماعة تنظر لهم «بتقدير بالغ» بوصفهم قيادات سابقة وتاريخية في الجماعة، وأضاف أن «الأزمة لا تزال ضمن ما يمكن التعامل معه من الجماعة ولدينا القدرة على تجاوز الإشكال». وترك الرفايعة في حديث الباب موارباً أمام التفاهم مع القائمين على «المبادرة»، من دون التفصيل في طبيعة الحلول المقترحة المقبلة. من جهة ثانية أغلقت السلطات الرسمية أمس الساحة المجاورة لفندق الريجنسي في العاصمة عمان، وهي الساحة التي عادة ما تنفذ الحركة الإسلامية فيها مهرجانات شعبية خطابية في مناسبات مختلفة. وأكد مصدر أمني أردني مسؤول ل»الحياة» أن إغلاق الساحة جاء لأسباب أمنية، وأسباب تتعلق بالراحة العامة، بعد أن تقدم عدد من السكان المجاورين بشكاوى من الإزعاجات المتكررة لاستخدام الساحة سواء لنشاطات سياسية، أو حتى رياضية في ساعات متأخرة من الليل، مشيراً إلى أن النية تتجه لتحديد أماكن النشاطات الجماهيرية مستقبلاً.