تجمع مئات من أهالي شمال سيناء أمس أمام مستشفي العريش العام لتسلم جثث 9 أشخاص من أسرة واحدة، بينهم طفل وطفلة، قتلهم مسلحون ملثمون في هجوم لافت على منزلهم في مدينة العريش. وقالت مصادر قبلية ل «الحياة» إن القتلى التسعة من عائلة العييادة التابعة لقبيلة الرميلات، وهي من كبرى قبائل رفح والشيخ زويد. وقبائل الرميلات والرويشات وبيلي والأحوات من أبرز القبائل التي أعلنت مساندتها الجيش في الحرب ضد جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش». كما أن الهجوم وقع بعد ساعات من إصدار التنظيم شريطاً مصوراً توعد فيه ب «ذبح» المتعاونين مع السلطات. لكن لم تحدد السلطات أي أسباب للهجوم الذي نجا منه سائق سيارة أجرة من أبناء عمومة القتلى. وتحدث السائق الناجي ويدعى علاء أحمد سالم أبو عياد، بعدما خضع لعملية جراحية بُترت فيها قدماه ويده اليمنى عن أن شخصاً مجهولاً هاتفه وأبلغه بأن عائلته تتعرض لهجوم، فهرع إلى المنزل ليتلقى قبل الوصول بعشرات الأمتار قذيفة «آر بي جي» دمرت سيارته وقتلت طفلته. وتواجد عشرات من مرشحي البرلمان في مدن العريش والشيخ زويد ورفح وسط الأهالي لتقديم العزاء والمساعدة في إنهاء إجراءات دفن القتلى. وفي تلك الأثناء تلقى المرشحون عشرات المطالب من الأهالي بضرورة التركيز، في حال نجاحهم، على إعادة الأمن إلى مدن شمال سيناء. وتلقى مرشحو دائرة رفح والشيخ زويد مطالب من أهالي القتلى بضرورة العمل على إعادتهم مرة أخرى إلى قراهم ومنازلهم، خصوصاً أن العائلة المغدورة نزحت مع مئات الأسر من رفح، بعد قرار الجيش إنشاء منطقة عازلة بين سيناء وقطاع غزة. ولمحافظة شمال سيناء 5 نواب يتنافسون على المقاعد الفردية وتقع ضمن 7 محافظات خصص لها 15 مقعداً في نظام القوائم، وسيجري الاقتراع فيها يومي 22 و23 الشهر الجاري. وبالنسبة إلى المقاعد الفردية، قُسمت المحافظة إلى 4 دوائر تضم 5 مقاعد هي العريش، ولها مقعدان، ورفح والشيخ زويد، وبئر العبد، ووسط سيناء، ولكل منها مقعد واحد. وتعد دائرة رفح والشيخ زويد الأخطر على مستوى مصر، كونها تقع في قلب المواجهات بين الجيش ومسلحي «داعش». ويتنافس على مقعدها 4 مرشحين هم جمال عمر، وإبراهيم شعيرة، وصالح أبو رياش، وأمل فارس. والأول خاض الانتخابات أكثر من مرة في العقود الماضية، أما الباقون فتلك أولى تجاربهم. وقال أهالي من الشيخ زويد ورفح إن ملصقات المرشحين بدأت تُغرق شوارع المدينتين، وأكثرها لعمر، لكن الجولات الميدانية في المدينتين تتم على أضيق نطاق خشية الإجراءات الأمنية، وتعتمد بالأساس على المندوبين. وقال عمر، وهو من قبيلة الرميلات، إن مطالب الناس في رفح والشيخ زويد تُركز بالأساس على الأمن. وأوضح: «نطلب كل شيء لأنه لا يوجد عندنا أي شيء، لكن نقطة البداية دائماً في الأمن. كل الوسائل التي تخص معيشة الإنسان على الأرض شبه معدومة، أو تأتي بالكاد. نحن نعذر الحكومة والجيش والدولة، لأننا نعلم أن المنطقة ملتهبة، غير أننا نعاني كثيراً... أي هجوم يحدث تُغلق الطرق وتُشدد المكامن في الإجراءات، ويُحاصر بعض المناطق ويُمنع دخوله. نريد بعض التيسيرات الأمنية أولاً، وتهيئة الأجواء لعودة المهجرين إلى مناطقهم وقراهم، من حيث إعادة تأهيل وتشغيل المدارس والمصالح الحكومية والمستشفيات. نريد الحد الأدنى الذي يُمكننا من تحمل الحياة». وأضاف عمر ل «الحياة»: «الأهالي صابرون ويساندون الدولة وجيشها، لكن نحن ننتظر حداً أدنى من الأمن يتبعه تحسن في الأمور المعيشية. نريد بناء رفح الجديدة والشيخ زويد الجديدة، كي نُشجع الناس على العودة إلى مناطقهم... المهجرين كالغرباء في العريش وبئر العبد، لا يملكون شيئاً بداية من السكن حتى العمل، ويتحملون على أمل العودة، لكن في كل الأحوال ومهما طالت المدة، فلن نسمح ليد الإرهاب بأن تعبث بمقدراتنا وتتاجر بنا». أما في العريش فالمشاكل أقل من معاناة أهالي رفح والشيخ زويد. ويتنافس 19 مرشحاً على مقعدي المدينة، بعدما قُتل مرشح حزب «النور» السلفي مصطفي عبدالرحمن. وتنتشر الملصقات الانتخابية في العريش بكثافة عن رفح والشيخ زويد، ويجول المرشحون فيها وسط أنصارهم على دواوين العائلات، وينظمون مسيرات انتخابية، يشارك فيها داعموهم، إذ تظل الأوضاع الأمنية أفضل من رفح والشيخ زويد، رغم تعدد الهجمات في العريش في الأسابيع الأخيرة، بعد تضييق الجيش الخناق على المسلحين في رفح والشيخ زويد، والسيطرة على الطرق الرئيسة بينها والانتشار داخل المدينتين. وقال ل «الحياة» المرشح المستقل في مدينة العريش جمال البنديري إن مطالب أهالي العريش تدور أيضاً حول مفهوم الأمن، في محاولة للحد من الهجمات والتفجيرات التي زادت وتيرتها، فضلاً عن مطالب أخرى تتعلق بتيسير الإجراءات الأمنية وفتح طرق ومداخل عدة في المدينة، أو تمهيد طرق بديلة لها، فضلاً عن رفع حال الطوارئ أو إلغاء حظر التجول في المدينة، وإن كان هذا المطلب توارى بعد أن تم تقليص ساعات حظر التجوال في العريش ليبدأ من الواحدة ويستمر إلى الخامسة صباحاً. وأشار إلى أن «العريش كبقية الدوائر تتطلع إلى تحسين الخدمات والمرافق فيها، سواء التعليم أو الصحة أو النقل».