قبل نحو شهرين فوجئ أهالي مدينتي رفح والشيخ زويد في شبه جزيرة سيناء بأوراق مبعثرة في مناطق عدة وعلى الطرقات بينها قائمة تضم أسماء 76 من شيوخ عواقل سيناء، على اختلاف قبائلهم، مُهددين بالاغتيال من قبل تنظيمات مُسلحة «لتعاونهم مع قوات الأمن والجيش». تلك القائمة كانت ممهورة بشعار جماعة «أنصار بيت المقدس» المتشددة التي تنشط في سيناء وتبنت في شريطين مصورين ذبح 7 من أبناء سيناء اتهمتهم ب «التخابر لمصلحة إسرائيل»، وإعدام واحد من أبناء سيناء بالرصاص في رأسه ونسف منزله، لأنه حسب ما ورد في الشريط المصور تعاون مع أجهزة الأمن وأرشدها إلى منازل المسلحين. وإلى منطقة مكتظة بالسكان في شرق القاهرة، انتقل واحد من شيوخ سيناء الذين وردت أسماؤهم في «قائمة الاغتيالات»، بعدما عُثر على جثث 3 منهم. ومن الحين للآخر، يعثر سكان محليون أو قوات الأمن على جثة ملقاة على طريق رئيس أو في منطقة صحراوية بين مدينتي رفح والشيخ زويد، وهي المنطقة التي ينشط فيها المسلحون. وقال الشيخ الذي فضل عدم ذكر اسمه في مقابلة مع «الحياة»، إنه تلقى «نصيحة أمنية» بمغادرة سيناء إلى حين استتباب الأوضاع الأمنية فيها، لافتاً إلى أنه خشي على حياته بعد مقتل عدد ممن وردت أسماؤهم في تلك القائمة. الرجل يؤرقه العيش في القاهرة، فهو لا يمتهن سوى متابعة تجارته وبيع محصول مزارع الليمون والموالح التي يمتلكها في مدينة الإسماعيلية القريبة من سيناء، لكن في القاهرة اضطر إلى استئجار مصنع صغير لتصنيع أكياس البلاستيك وبيعها للمتاجر، وهي مهنة لا يحترفها، فضلاً عن أنه غير معتاد على الإقامة في القاهرة لفترات طويلة. وأضاف: «لم أعد أعلم متى سأعود إلى داري. بعدما أُبلغت من جهات أمنية بأن الأمور مستتبة ولو أردت العودة فلا مشكلة، انتشرت أخبار الذبح والجثث الملقاة في الشارع، فقررت المكوث في القاهرة لفترة». وأوضح أن شيوخ قبائل كثيرين رحلوا إلى الإسماعيلية، ومنهم من فضل الإقامة قرب مدينته واختار مدينة العريش التي تعد أفضل حالاً من الناحية الأمنية مقارنة بمدينتي الشيخ زويد ورفح. وأضاف: «لدينا اقتراحات لو أخذت بها قوات الأمن لتم القضاء على الإرهاب في شهور، لكن في الحقيقة لا تؤخذ بمشورتنا، وهذا خير دليل على أننا لسنا مرشدين. كل من يدخل منا مبنى المحافظة أو مديرية الأمن ويتم رصده من قبل المسلحين، يعتبرونه مرشداً، وهذا غير صحيح». وقال ل «الحياة» مصدر أمني معني بالوضع في سيناء، إن «قوائم الاغتيالات» التي يتركها المسلحون، هدفها «كسب جولة في الحرب النفسية مع الأمن وأهالي سيناء الذين يصطفون إلى جانب وطنهم». وأضاف: «نحمي كل المواطنين قدر الإمكان، لكن سيناء تشهد حرباً حقيقية ضد الإرهاب، ولذا فمن الأفضل لبعض المستهدفين تركها إلى حين استتباب الأمور، وترك رجال الشرطة يواجهون خطر الإرهاب والاستهداف».