نجح الممثل والمخرج العراقي طارق عبدالواحد الخزاعي في أن يصبح نجماً تلفزيونياً على مستوى مملكة السويد، من خلال سلسلة إعلانات لحساب شركة اتصالات سويدية ضخمة يقدمها التلفزيون السويدي يومياً. وتحول الخزاعي ظاهرة تلفزيونية غير متوقعة في حياة السويديين التي تميل نسبياً إلى التحفظ تجاه الإعلانات التجارية الاستهلاكية، وغطت صوره محطات القطارات المنتشرة في البلاد. يقول الخزاعي رداً على سؤال حول المصادفة التلفزيونية التي جعلته نجماً في هذه الدولة الاسكندنافية الباردة وكيف أمكنه أن يقنع شركة الاتصالات بالمجازفة بالعمل مع ممثل غير سويدي ينطق اللغة السويدية، مثل عموم المهاجرين الذين وفدوا إلى البلاد من دون تكلف أو تحسّب مسبق: «أنا لم أقنع القائمين على الشركة، بل هم من اقتنعوا بعد سلسلة اختبارات امتدت على مدى ثلاثة أسابيع إلى جانب 130 ممثلاً سويدياً من أصول مختلفة، وكنت الفائز الأول وفق قرار لجنة فنية متخصصة في الدراما التلفزيونية» وأضاف: «أعتقد أن هذا يكشف أيضاً ميل السويديين إلى دمج قطاعات واسعة من المهاجرين في عموم الحياة والمجتمع السويديين». طارق الخزاعي الذي ظهر في أعمال فنية تلفزيونية وسينمائية ومسرحية كثيرة في العراق والأردن، قبل أن ينتقل للعيش في مملكة السويد مع مطلع الألفية الجديدة، ويعمل على تأسيس فرقة (مسرح بلا حدود) فيها، يقول رداً على سؤال حول إسهامه مع المخرج يوسف فارس في قلب مبادئ الإعلان التلفزيوني في بلد متقدم من خلال الاسكتشات التمثيلية الهزلية التي دأب عليها أخيراً: «لا يجب أن ننسى أن السويديين عموماً محبون للفن، وأعتقد أن جهة متخصصة في الشركة من خلال تعاونها المثمر مع المخرج يوسف فارس ارتأت أن تتقدم بإعلانات تحمل أبعاداً كوميدية، من خلال الفعل الدرامي، بعيدة عن التهريج المجاني قبل الإعلان عن البطاقة الخاصة بها كشركة اتصالات معنية بالسوق، وهذا ما حدث بالفعل معنا أنا وزميلي كرستر حين تمكنا من تقديم هذه الإعلانات القريبة من قلوب المشاهدين بهذه الطريقة». ويقول كريم كومفيك وهو الاسم الذي اشتهر به الخزاعي بعد هذه الهبة الدرامية الإعلانية، حول ما إذا كان تجديد عقده أخيراً مدة خمس سنوات مع الشركة دليلاً على نجاح الإعلانات التي يقدمها وتقرب السويديين منه كنجم إعلاني: «لقد لمست حب السويديين لنا في الأمكنة العامة. الجميع يريد التقاط الصور معنا وهذا دفع الشركة لزيادة مرتبي ومنحي ميزات إضافية في العقد، بعد ارتفاع نسب المبيعات في شكل ملحوظ وغير متوقع، وأعتقد أن تعاوني الفني مع المخرج يوسف فارس وزميلي الممثل كرستر هو أساس هذا النجاح من خلال فهم أبعاد كل إعلان على حدة». وحول المسؤول عن أفكار الإعلانات التي يقدمها عبر الشاشة الصغيرة وموقع «يوتيوب» يقول الخزاعي: «ثمة لجنة متخصصة تختار الفكرة وتدرس مدى تأثيرها في المشاهدين وهي تشترط أن تكون خفيفة وكوميدية وسريعة التأثير من خلال علاقتها بالزمن نفسه وبالجمهور. أذكر مرة التقيت سيدة في الطريق واستوقفتني قائلة: أتدري لماذ نحبك أنت وزميلك كرستر؟ لأنكما تقدمان لنا الضحكة والفرح والحب قبل أن تروجا للإعلان الذي سيفرض علينا شراء بطاقة الاتصالات في وقت لاحق، وهذا فهم متقدم لصوغ الإعلان في هذه البلاد. ومرة استوقفني رجل عجوز بقوله ما تفعلونه في هذه الثواني جيد. يكفي أنكم لا تصدعون رؤوسنا لساعات مثل الساسة». ويقول الخزاعي إن الإعلانات التي جعلته نجماً تلفزيونياً في مملكة السويد شكلت مفاجأة كبيرة للجميع وهي لن تجعله يقف مستقبلاً عند حدود الاسكتشات الهزلية: «الحقيقة حلمي أكبر من الإعلان التلفزيوني، إذ إنني أراه حالة موقتة، فقد عملت في الدراما مع مخرجين كبار في العراق مثل المخرج محمد شكري جميل، وسلام الأعظمي، والمصري صلاح أبو سيف، والإسباني بنيتو رافائيل فرانشيسكو، والسويدي يوسف فارس، وها أنذا بصدد العمل مع المخرج العراقي طارق الجبوري، وقد أنهينا سيناريو الفيلم المزمع إنتاجه في العام المقبل، ويتحدث عن المهاجرين العرب وطرق اندماجهم بالمجتمع السويدي في شكل شفاف ورومنطيقي، ولا يخلو من مشاهد قليلة للتراجيديا مع أداء أغان باللغة العربية والسويدية معاً، وفي شكل هارموني وموزون لا يكون دخيلاً عليها. وهناك نصوص مكتوبة عبر حوارات باللغتين العربية والسويدية لتنفيذها بالتعاون مع القنوات التلفزيونية السويدية والعربية، بغية مد جسر التعاون بين الدراما السويدية والعربية كما يفعل الأتراك ولكن بلا عنف وقتال ورصاص، لا سيما أن بين العرب في السويد مواهب رائعة في التمثيل والتصوير والإنارة والمكياج والموسيقى ينبغي اكتشافها من خلال الإنتاج الفني، وهناك أفكار لإنتاج أفلام وثائقية لها علاقة بالتطور الحضاري الإنساني، وكذلك علاقة السويديين بالعرب منذ أيام الفايكنغ ما بعد عام 700 م. وهي موثقة تاريخياً».