استحضر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وخصمه الداعية فتح الله غولن التاريخ أمس، إذ استذكر الأول اتهام رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس الذي أعدمه الجيش بعد انقلاب عسكري، بأنه ديكتاتور، فيما اعتبر الثاني أن الحكومة أشدّ ظلماً بعشر مرات من حكم العسكر وهيمنته. وتحدث أردوغان أمام آلاف من أنصاره في تجمّع انتخابي في إقليم أيدين جنوب غربي البلاد، حيث وُلد مندريس الذي أطاحه الجيش عام 1960، وأعدمه بعد سنة مع اثنين من وزرائه. وقال: «كانوا يقولون آنذاك إن مندريس ديكتاتور، والآن يقولون الأمر ذاته عني. آنذاك اعتبروا مندريس عدواً للحرية، ويقولون الأمر ذاته عني الآن». وأضاف: «إما أن نقول إن مندريس ناضل من أجل الديموقراطية، أو سنقف إلى جانب قاتليه. لهذا الخيار معنى». وكرّر رئيس الوزراء أنه يعتزم بعد الانتخابات البلدية استئصال الدولة الموازية» التي يتهم جماعة غولن بإقامتها في مؤسسات البلاد، لا سيّما الشرطة والقضاء، معتبراً أنها «آخر عصابة متبقية، وسننهي تهديدها للدولة والأمن القومي» في تركيا. وأردف: «لا يمكن أحداً أن يتنصت على رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس الأركان، ولو كان هناك قرار من محكمة بذلك». وحضّ المواطنين على «التيقظ أثناء التصويت، وتبليغ الأمن لدى اشتباههم بحدوث تلاعب»، متعهداً «الحزم في الحفاظ على صناديق الاقتراع وحمايتها من أي تلاعب قد تتعرّض له من الدولة الموازية». في المقابل، قال غولن لصحيفة «زمان»، الذراع الإعلامية لجماعته في تركيا: «بعد الانقلاب العسكري عام 1980، تعقّبتني السلطات لست سنوات، كما لو كنت مجرماً. نُفذت مداهمات وتعرّض أصدقاؤنا لمضايقات. وبمعنى ما بات الأمر بالنسبة إلينا أسلوب حياة نعيش فيه تحت مراقبة دائمة في مناخ انقلابي. ما نشهد الآن أشد وأكبر بعشر مرات، مما رأيناه خلال الانقلابات العسكرية». واعتبر أن التهم التي وجهها إليه أردوغان تجاوزت الصفات التي يستخدمها «الكفار» في الإساءة إليه، مضيفاً: «لا يليق برئيس وزراء تركيا أن يستخدم عبارات وصفات مشابهة». وتابع: أنه «لا يستطيع أن يغفر أو يتغاضى عن تجاوزات أردوغان، في ما يتعلق بالحقوق العامة»، في إشارة إلى فضيحة الفساد الكبرى التي تطاول مقرّبين من رئيس الوزراء. وفي الحديث الذي ستنشره الصحيفة طيلة 5 أيام، تحدى غولن أردوغان بقوله: «حاول الجيش القضاء على جماعتي عام 1997، لكنه لم ينجح، وأعتقد بأن أحداً لا يستطيع ذلك». وعلّق وزير العدل بكير بوزداغ على كلام غولن، قائلاً: «ليس جائزاً أو لائقاً أن يتدخل رجال الدين في السياسة، ولا يجوز لرجل يقول إنه داعية إسلامي ولديه جماعة دينية، أن يتحدث في السياسة». ودعا غولن إلى تشكيل حزب سياسي وخوض الانتخابات، «إذا أراد أن تكون له كلمة في عالم السياسة». واحتدمت الحرب الإعلامية قبل الانتخابات البلدية، إذ اتهمت أحزاب المعارضة الحكومة باستخدام سلاح الإعلام ضدها، وأعلنت مجموعة «زمان» التابعة لجماعة غولن أن «المجلس الأعلى للإعلام» فرض عقوبة تاريخية تُعتبر سابقة على شبكتها التلفزيونية الرئيسة «أس تي في»، من خلال وقف 7 برامج 3 أسابيع، ما اعتبرته المجموعة «محاولة لتكميم الأفواه ومنع نشر أخبار حول الفساد الحكومي». واتهمت المعارضة التلفزيون الرسمي بالخروج عن الحياد المفترض في الدعاية للأحزاب السياسية، ومنحه مساحة متساوية للجميع، إذ أفادت إحصاءات بأن التلفزيون الرسمي يمنح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم 10 ساعات من التغطية، في مقابل نصف ساعة لكلّ من «حزب الشعب الجمهوري» و «حزب الحركة القومية» ودقيقتين فقط ل «حزب السلام والديموقراطية» الكردي.