يعيش حزب «نداء تونس» صاحب الغالبية في البرلمان، مرحلة انقسام حاد بين قياداته تهدّد وحدة الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي منذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة. وعقدت قيادات بارزة في حزب «نداء تونس» السبت اجتماعاً عاماً في مدينة «جربة» جنوب البلاد، للنظر في الخلافات الداخلية والتباحث من أجل عقد مؤتمر تأسيسي للحزب الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي قبل اكثر من ثلاث سنوات. وطالب الحاضرون في اجتماع جربة بطرد قياديين من الحزب وهما الأزهر الكرمي، الوزير المستقيل من حكومة الحبيب الصيد والمؤسس في الحزب، إضافة الى القيادي النقابي البارز عبد المجيد الصحراوي، وذلك بعد تصريحاتهما التي تحدثت عن «فساد وأموال مشبوهة تحاول السيطرة على الحزب»، في اتهامات اعتبرها الشق المنافس بأنها غير شرعية نظراً لأنها لم تصدر عن المكتب السياسي. واعتبرت قيادات في «نداء تونس» من بينها حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، ان «هناك أطرافاً داخل الحزب تريد السيطرة عليه والتفرد بالقرارات»، داعية الى تشكيل هيئة مستقلة تشرف على المؤتمر التأسيسي الأول للحزب. في المقابل، يعتبر الشقّ الآخر الذي يقوده الأمين العام للحزب محسن مرزوق أن اجتماع جربة الأخير يعتبر «انقلاباً على الحزب ومحاولة من نجل الرئيس لوراثة الحزب عن أبيه»، ويقود الأمين العام ومعه قيادات اخرى، تياراً ينسب نفسه الى اليسار يضم وزراء وقيادات نقابية وحقوقية معروفة على الساحة التونسية بمناهضتها لحركة «النهضة» الإسلامية المشاركة في الائتلاف الحكومي. لكن الشقّ الذي يقوده نجل الرئيس يضم قيادات ابرز، من بينها رئيس المجلس النيابي ورئيس الكتلة النيابية للحزب ووزراء السياحة والتربية والمال ومدير الديوان الرئاسي وعدداً من رجال الأعمال البارزين والمقربين من النظام السابق، ويدعم هذا الشق التقارب مع الإسلاميين. وتصاعدت الأزمة بخاصة بعد استقالة الوزير الأزهر العكرمي من الحكومة ومطالبة قيادات مقربة من الأمين العام محسن مرزوق بتغيير حكومة الحبيب الصيد وتعيين قيادي في الحزب على رأس حكومة جديدة، وهو ما ترفضه قيادات اخرى على رأسها نجل الرئيس. ويواجه «نداء تونس» العلماني رغم فوزه بالانتخابات البرلمانية وتشكيله للحكومة، أزمة كبيرة، ما دفعه إلى إجراء تغييرات هيكلية في قياداته قبل أشهر. ويعتبر مراقبون ان الخلافات تعمّقت في الحزب منذ استقالة الرئيس الباجي قائد السبسي منه إثر توليه رئاسة الجمهورية. وتعتبر قيادات يسارية في الحزب أن نجل الرئيس يسعى الى السيطرة على الحزب في خطوة نحو وراثته السلطة عن والده الباجي قائد السبسي، وقال الوزير المستقيل الأزهر العكرمي ان «الحزب بصدد التلاشي وهو مهدّد بالانقسام في اي لحظة». وعلى رغم تدخل رئيس الجمهورية من اجل فض الخلاف داخل الحزب، فإن كل فريق تمسك بموقفه ورفض التعاون مع الطرف الآخر، ما دفع جل الأطراف الى الاتفاق حول عقد مؤتمر تأسيسي مطلع العام المقبل تشرف عليه لجنة مستقلة.