تمكن علماء في جامعة ولاية أوهايو الأميركية من بناء دماغ بشري، يشبه دماغ جنين عمره خمسة أسابيع، من خلال تعديل خلايا الجلد، في سابقة قد تفسح المجال أمام المختصين لاكتشاف علاجات لبعض الأمراض الفتاكة خلال خمس سنوات عبر دراسة كيفية تطورها وتجربة العقاقير اللازمة لعلاجها. ويحتوي الدماغ، الذي لا يتجاوز طوله اثنين إلى ثلاثة ميليميترات، أي ما يعادل ممحاة قلم رصاص، على خلايا ومحاور عصبية، وتشعبات وخلايا مناعية، و 98 في المئة من الجينات الموجودة في دماغ الجنين، وحبلاً شوكياً أولياً، وأنسجة أولية لتشكل العين. ولبناء هذا الدماغ، حول فريق من الباحثين بإشراف رينيه أناند، خلايا جلد للبالغين إلى ما يعرف ب "الخلايا الجذعية المستحثة المتعددة القدرة" (آي بي أس) من طريق تغيير جيناتها، وقام افراد الفريق بعد ذلك بتحفيز هذه الخلايا المعدلة صناعياً لتنتج أنواع الخلايا المختلفة لدوائر الدماغ، والتي تتألف من خلايا عصبية تنقل المعلومات من خلال الإشارات الكهربائية. ونقلت قناة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية عن كبير مراسليها الطبيين الدكتور سانجاي غوبتا قوله إن "فكرة أخذ خلايا جلدية وإعادتها إلى مرحلة تكوينها الأولى ثم تلقينها كيفية التحول إلى خلايا دماغية، هو حلم راودنا سنوات طويلة"، مضيفاً أن "هذا الحلم أصبح أقرب بكثير إلى الحقيقة، إذ ستشكل هذه الأدمغة الصغيرة حقل تجارب للتوصل إلى علاجات لكل مريض على حدة، بدلاً من العقاقير الشاملة المستعملة اليوم". و قال أناند، كبير الباحثين في جامعة ولاية أوهايو: "واجهنا مصاعب منذ فترة طويلة في محاولاتنا لحل مشكلات أمراض الدماغ المعقدة والتي تسبب آلاماً هائلة ومعاناة، لكن قوة نموذج هذا الدماغ تحمل بشائر جيدة جدًا لصحة البشر، لأنها تمنحنا خيارات أفضل وأكثر أهمية لاختبار وتطوير علاجات، بخلاف (الاختبارات التي تجرى على) القوارض". ويعد هذا النموذج من الأدمغة مختلفاً عن المحاولات التي سبقته، إذ يحتوي على معظم أجزاء الدماغ البشري التي يحتاجها المختصون لدراسة امراض مثل الزهايمر والتوحد والسرطان. وأوضح أناند أنه "في حال أردنا دراسة الزهايمر، فسنحتاج للجزء الوسطي من الدماغ، والذي لم تستطع المحاولات السابقة إعادة انتاجه، لكننا تمكنا من فعل ذلك وسنبدأ بدراسته قريباً". وينوي الباحثون استعمال هذه النموذج الجديد لمحاكاة عملية التدهور الدماغي الذي يشهده المصابون بمرض "الزهايمر" والشلل الرعاشي، ثم دراسة كيفية تعاطيه مع علاجات مختلفة، في وقت نقلت "سي أن أن" عن الباحث في "هارفرد" رودولف تانزي قوله إن "الباحثين لا يزالون في حاجة إلى اكتشاف طريقة لتسريع عملية تدهور الدماغ لمحاكاة أمراض مثل الزهايمر والشلل الرعاشي". وأعرب تانزي عن أمله بأن يتوصل العلماء إلى علاج لهذه الأمراض خلال 10 سنوات "إذ اننا نحتاج إلى تعميم ما تم التوصل إليه إلى مئات المختبرات المتخصصة في دراسة الأمراض الدماغية المختلفة، وفي حال تم وضع هذه الاختراع في المختبر الصحيح، فمن الممكن تقليص الفترة إلى خمس سنوات".