بث فرع تنظيم «داعش» الإرهابي في سيناء أمس شريط فيديو على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» تحت عنوان «حصاد الأجناد»، سعى من خلاله إلى إظهار تماسكه في سيناء، لكن مؤشرات ومعلومات تؤكد أن التنظيم بدأ نشاطه ينحسر، في شكل لافت، سواء في سيناء أو عند تخوم العاصمة المصرية. وبدا أن التنظيم أراد رفع الروح المعنوية لمسلحيه بعد الضربات الموجعة التي تلقاها في سيناء بعد المرحلة الأولى من العملية العسكرية الأكبر للجيش في سيناء، التي قُتل خلالها نحو 700 «تكفيري»، حسب بيانات القوات المسلحة، فضلاً عن «السيطرة التامة» على الطرق الرئيسية بين مدن العريش والشيخ زويد ورفح، والتي مهدت لانطلاق المرحلة الثانية من عملية «حق الشهيد»، بهدف السيطرة على تلك المدن من الداخل، وتطهيرها من أي وجود للمسلحين. ولجأ التنظيم الإرهابي إلى عرض شريط فيديو طويل تضمن عمليات عدة سابقة لتفجير آليات وقتل ضباط والإعداد لهجمات، وخصص الجانب الأكبر من الفيديو لاستعراض هجوم مئات من مسلحيه على مدينة الشيخ زويد، في مطلع تموز (يوليو) الماضي، وهو الهجوم الذي هدف السيطرة على الأرض، لكن الجيش أحبطه وقتل نحو 100 مسلح. وعرض الفيديو التجهيز للهجوم بخطبة دينية لمئات المسلحين الملثمين لحضهم على القتال، ثم وصية انتحاريين هاجما مكمني «أبو رفاعي» و «السدرة» بسيارة مُفخخة، ومشاهد لتفجير المكمنين، قبل أن يتحرك رتل يضم عشرات من سيارات الدفع الرباعي اعتلاها مسلحون للهجوم على المكامن. وظهر أثر الضربات الموجعة التي تلاقها التنظيم في سيناء، من خلال دعوته إلى «اصطياد» الضباط في المكامن، بهجمات بسيطة، يستخدم فيها عادة أسلحة آلية، في محاولة لتخفيف الهجوم على أوكاره. وقال الخبير في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم ل «الحياة» إن «تنظيم «داعش» يلجأ إلى تكتيك «السمكة في الرمال»، حيث يعتمد شن هجمات كبرى على مكامن الجيش، وهو تكتيك أدركه الجيش جيداً، وحدث تطور نوعي في عملياته، ظهر جلياً في عملية «حق الشهيد»، إذ اعتمد الهجوم على بؤر التنظيم الإرهابي... الجيش ذهب إلى أماكن الإرهابيين، وقتل نحو 700 شخص وهذه المبادأة تطور نوعي، وخسارة فادحة لداعش»، مضيفاً: «هذا التطور النوعي سبّب انحساراً لداعش في سيناء في شكل لافت، ودفعه إلى تنشيط خلاياه خارج شبه الجزيرة، من أجل تخفيف الضغط على مسلحيه في سيناء». وتبنى «داعش» في الشهور الأخيرة هجمات عدة قرب القاهرة، أبرزها تفجير مقر الأمن الوطني في شبرا الخيمة، شمال العاصمة، وتفجير مقر القنصلية الإيطالية في وسط العاصمة، فضلاً عن ذبح مواطن كرواتي خُطف من على طريق الواحات قرب ضاحية 6 أكتوبر. وأعلنت وزارة الداخلية قبل يومين قتل 9 «تكفيريين» في مدينة أوسيم في الجيزة، قالت إنهم متورطون في تفجير مقري الأمن الوطني والقنصلية الإيطالية. واندلعت مواجهات أخيراً بين الجيش ومجموعات مسلحة تابعة ل «داعش» في الواحات البحرية، في الصحراء الغربية. وقال مصدر أمني ل «الحياة» إن المعلومات دلت على أن من بين القتلى في مواجهات «أوسيم» مسلحون اشتبكوا مع الجيش والشرطة في الواحات، إذ وجدت آثار إصابات حديثة بالرصاص في أجساد قتيلين على الأقل من بين التسعة، مشيراً إلى أن هناك «علاقة تنظيمية» بين تلك الخلية والمجموعات النشطة في الواحات البحرية. وأعلنت الشرطة أمس أن مسلحين قتلوا جندياً وجرحوا ضابطاً على طريق مصر - أسيوط الزراعي عند مدينة البدرشين، جنوبالقاهرة. ورجح ناجح إبراهيم أن يكون هذا الهجوم رداً على تصفية خلية «أوسيم». وقال ل «الحياة» إن هذه المجموعة يتركز عملها في منطقة الجيزة، ويظهر أن لها مقرات في الجيزة والواحات. وأضاف: «بلا شك المجموعة التي تمت تصفيتها، هناك مجموعات أخرى مرتبطة بها، وهو ما اتضح من الهجوم في البدرشين... هذه المجموعات هي التي كان يشير إليها «داعش» بالحديث عن فرع له في الصعيد. اعتقد أن التنظيم كان يقصد تلك المجموعات في الواحات وأوسيم والبدرشين وأيضاً المجموعة التي أُلقي القبض عليها في جبل «ديروط» في أسيوط، وهو طريق يؤدي إلى الواحات والوادي الجديد». وأوضح: «معلوماتي أن أجهزة الأمن تمكنت من القضاء على 5 أو 6 مجموعات في فترة وجيزة، في تلك البؤر، فضلاً عن الحصول على معلومات ضخمة عن تلك الخلايا». وقال: «تنظيم داعش تلقى ضربات قاسية في سيناء وفي الدلتا، اعتقد أنه لا يتحملها، وبالفعل التنظيم بدأ ينحسر سواء في سيناء أو في الدلتا، بعدما أمسكت سلطات الأمن بخيوط تلك الخلايا، خارج سيناء».