يبدو أن الدراما التلفزيونية المصرية أصبحت تنحاز إلى جيل جديد من الشباب والأسماء بعدما غاب عدد من الممثلين والمؤلفين والمخرجين الذين كانت أعمالهم حاضرة بقوة طوال السنوات الأخيرة. علماً أنّ تلك الأسماء (من النجوم والصنّاع) كانت تمثل عنواناً مهماً للدراما التلفزيونية مثل يحيى الفخراني، يسرا، ليلى علوي، إلهام شاهين، صلاح السعدني، محفوظ عبدالرحمن، يسري الجندي، وحيد حامد، جمال عبدالحميد، رباب حسين، بشير الديك وغيرهم. ومن الواضح أن الفترة المقبلة ستشهد استمراراً لهذه الظاهرة بحسب ما يظهر من عقود الأعمال الدرامية. الفنان الشاب محمد رمضان يُحضّر مثلاً لمسلسل جديد بعنوان «الأسطورة» مع مؤلف ومخرج شاب وتتفاوض شركات الإنتاج مع عدد كبير من الممثلين الشباب مثل علي ربيع وسارة سلامة ورامز أمير وحازم سمير وطارق الإبياري وأيضاً أسماء جديدة في التأليف والإخراج لتقديم مسلسلات جديدة في موسم 2016. وأكدت الفنانة صابرين ضرورة وجود مساحة للنجوم الكبار عند شركات الإنتاج التي لها دور كبير في المرحلة المقبلة في ظلّ تراجع شركات الإنتاج التابعة للدولة، خصوصاً أن المؤلفين والمخرجين الكبار ما زال لديهم الكثير ليقدموه ولكن لا بد من إتاحة فرص لهم. ونفت صابرين أن تكون هناك مغالاة من جانب النجوم الكبار في الحصول على أجور مرتفعة موضحة أن أجورهم تتناسب مع خبراتهم وإمكاناتهم وإقبال الفضائيات عليهم، خصوصاً أن الجمهور العربي يبحث دائماً عن أعمال الكبار. وتُضيف في هذا السياق: «على رغم تألق العديد من النجوم الشباب لا يمنع أن يكون هناك ضرورة لمسلسلات من تأليف وإخراج وبطولة أسماء مخضرمة حققت الكثير من النجاحات طوال سنوات طويلة. ويُعدّ الأداء الفني الخاص بكل واحد منهم مدرسة فنية حقيقية تستفيد منها الأجيال الجديدة». أما المنتج الفني محمود شميس فنفى أن يكون سبب تعاون جهات الإنتاج الخاصة مع المؤلفين والمخرجين والنجوم الشباب هو توفير النفقات، لأن معيار الجودة وحده هو المقياس لاختيار السيناريوات التي يتم إنتاجها. وأضاف: «إن إقبال المنتجين والنجوم على التعامل مع مؤلفين شباب يأتي كنتاج للرغبة في التجديد وطرح أفكار جديدة، لكنّ هذا لا يقلل في الوقت عينه من حجم أو مكانة نجوم التأليف والإخراج والتمثيل الكبار الذين تنتج لهم أيضاً أعمال ضخمة ويحققون نجاحات كبيرة، كما أن الفضائيات المصرية والعربية تقبل على شراء حقوق عرض أعمال النجوم الكبار لتحقيقها نسب مشاهدة عالية». ويقول الفنان سمير غانم: «لسنا أمام ظاهرة، بل هذا هو التطور الحتمي للأمور، لأنّ هناك أجيالاً جديدة من النجوم تظهر وليس بالضرورة أن تحل محل النجوم الكبار، ولكن يحدث تداخل الى أن تغطي الموجة الجديدة على نظيرتها». ويرى أنّ الدراما التلفزيونية في مصر رائدة، وهناك مصنع ينتج أجيالاً باستمرار، وهو أبرز ملمح من ملامح الدراما المصرية، والذي يدفع شباباً صغاراً ًإلى أن يصبحوا نجوماً، معتبراً أن هذا الأمر في صالح الفن المصري القادر على استيعاب كل الأجيال وتقديم موضوعات وأفكار تناسب كل الفئات العمرية. وأوضح المخرج محمد فاضل أنّ هذه الظاهرة ليست جديدة لكنها مستمرة منذ أعوام طويلة والمواسم الدرامية المتعاقبة تقدّم أجيالاً جديدة من الكتاب والمخرجين والممثلين ينجح في الاستمرار منهم أصحاب الموهبة الحقيقية فقط، وما يقدمونه من رؤى وأفكار جديدة تضيف لصناعة الدراما التلفزيونية المصرية، «فالمسألة ليست مرهونة بالعمر فقط وإنما بتجدّد الأفكار وتفاعلها مع المتغيرات الجديدة التي تفرض نفسها على الساحة الفنية، فالحكم والفيصل النهائي إذاً لطبيعة العمل ومضمونه ومدى تأثيره على المشاهد». وأكد الناقد كمال رمزي أنّ التناغم بين الأجيال المتباينة مفيد ويرتفع بمستوى الدراما التلفزيونية، كما أن الكبار في العالم يلقبونهم بنجوم العيار الثقيل لأنهم يمنحون المسلسلات قيمة رفيعة في الأداء، وتعاونهم مع الشباب لا ينتقص من قدرهم سواء كان ذلك يتم في السينما أو التلفزيون. وأوضح رمزي أنّ إقبال جهات الإنتاج على التعاقد مع أسماء جديدة في عالم الدراما التلفزيونية يعد أمراً طبيعياً لأنه لا بدّ من التجديد وتقديم أعمال متنوعة تحقق تواصلاً مع الجيل الحالي. ويرجع الكاتب والسيناريست بشير الديك زيادة عدد المؤلفين والمخرجين والفنانين الشباب في الدراما التلفزيونية الى تراجع الإنتاج السينمائي الذي يفترض أن يستوعب الشباب أكثر من الدراما التلفزيونية حيث تشكل لهم السينما مجالاً مفتوحاً لا سقف لهم فيه لاستيعاب أفكارهم وجنونهم، لكنّ الواقع دفع بهم إلى التلفزيون. إضافة إلى أن المؤلفين والمخرجين الشباب يتشابهون في الأفكار والطموح والرؤى والثقافة والأحلام، وتكون لديهم حالة من التردد في التعامل مع المؤلفين الكبار وبالعكس.