انهارت مؤشرات البورصات في مختلف انحاء العالم أمس وخسرت الأسهم خمسة تريليونات دولار بينها تريليون يورو للأسهم الاوروبية، منذ ان أعلنت الصين خفض قيمة عملتها اليوان وبدء التباطؤ في الدورة الاقتصادية. وقال محللون في اسواق المال أن حملة تراجع البورصات لم تصل الى القعر بعد، وأن ما جرى أمس يشبه الى حد ما، ما حدث في الاسواق الدولية بعد انهيار المصرف الأميركي ليمان براذرز في 14 أيلول (سبتمبر) 2008. وانعكست خسائر الاسواق المالية سلباً على النفط الذي واصل تدهوره. وتراجع دون مستوى 38 دولاراً للخام الأميركي الخفيف ودون 42 دولاراً لخام القياس الأوروبي «برنت». وقال محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين لدى «أليانز بنك» أمس إن الاضطراب الذي تشهده أسواق الأسهم يخلق فرصاً للمستثمرين لكنه قد يثني مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الأميركي) عن رفع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة الشهر المقبل. وأضاف «أن أسواق الأسهم قد تتراجع أكثر بكثير بعدما دفعت سياسات المصارف المركزية الأسعار الى الارتفاع بشكل كبير «متجاوزة العوامل الأساسية». وأبلغ العريان شبكة تلفزيون «سي. ان. بي. سي.» في نيويورك، «إنه وقت جيد للمستثمرين، ومن المفارقات أنه سيكون من الصعب للغاية على مجلس الاحتياط أن يتحرك في أيلول ومازلنا أعلى بكثير من ما تبرره العوامل الأساسية» وهو ما عزاه إلى «الثقة الكبيرة في المصارف المركزية» إضافة إلى نقص النمو الاقتصادي. وتوقع إن تواصل الأسهم هبوطها الجاري قبل أن تتعافى حيث يجب أن «تهبط إلى مستويات لا تبررها العوامل الأساسية حتى يرجع الناس إلى الشراء». وبدأ يوم أمس بتراجع قيم الأسهم الصينية نحو تسعة في المئة وتراجع الدولار والسلع الأولية الرئيسية بشكل حاد. وانخفض مؤشر يوروفرست 300 للأسهم الأوروبية 6.2 في المئة وتراجع مؤشرا داو جونز الصناعي (أكثر من الف نقطة عند الفتح) وستاندرد اند بورز 500 بما يزيد على أربعة في المئة لكل منهما، ما أضاع مكاسب حققها المؤشران منذ مطلع السنة. وأفضى التراجع في السوق الصينية إلى انخفاض الأسواق الآسيوية مع فشل تدخل بكين الأخير لاستعادة الثقة، في ظل تزايد القلق في شأن الاقتصاد. وتراجعت الأسهم الصينية بعدما بلغت الذروة منتصف حزيران (يونيو) الماضي، وتدخلت السلطات في شكل واسع في محاولة لكبح جماح التدهور، لكن القلق إزاء نسبة النمو والشكوك لا تزال مستمرة. وضاعف الخفض المفاجئ في سعر صرف اليوان المخاوف من أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بات أضعف مما كان يعتقد، ما أفضى إلى عمليات بيع كثيفة أضاعت مبلغاً يزيد على 5 تريليونات دولار من قيمة أسواق الأسهم العالمية. وأغلق مؤشر شنغهاي متراجعاً بنسبة 8.49 في المئة أو 297.83 نقطة، مسجلاً 3.209.91 نقطة وهو التراجع الأكبر منذ أكثر من ثماني سنوات. وقاد التراجع الكبير في أسواق الصين الأسواق الرئيسة في العالم إلى التدهور، إذ خسر المؤشر الرئيس في هونغ كونغ 4.89 في المئة، ومؤشر نيكي في طوكيو 4.61 في المئة وهو أدنى مستوى في ستة أشهر، ومؤشر تايبيه 7.46 في المئة. وفي أوروبا انخفض مؤشر بورصة لندن 288.78 نقطة متراجعاً من 6037.18 نقطة مستوى إقفال الجمعة الى 5898.78 نقطة أمس. وخسر مؤشر «داكس» الألماني 3.15 في المئة من قيمته. وتراجعت بورصة باريس بنسبة 2.70 في المئة، وفقَد مؤشرها الرئيس 124.85 نقطة، ليصل إلى 4506.14 نقطة وهو أدنى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) الماضي. وخسر المؤشر الرئيس في بورصة ميلانو 4 في المئة، وفي بورصة بلجيكا اكثر من 5 في المئة، وفي بورصة اوسلو التي تهيمن عليها المواد الأولية، 6 في المئة. وفي موسكو تراجع مؤشر «آر تي أس» 4.21 في المئة، ومؤشر «ميسكس» 1.76 في المئة. وبذلك تكون البورصة لحقت بركب الأسواق المالية الآسيوية والأوروبية التي تأثرت بتباطؤ الاقتصاد الصيني. وانسحب التراجع على الأسهم الأميركية مع تسجيل مؤشر «داو جونز» اكبر تراجع في يوم واحد خلال أربع سنوات، كما فقد مؤشر «ستاندارد اند بورز 500» 5.2 من قيمته عند الفتح. وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «هيكيتانغوي» في شانغهاي لإدارة الأصول تشن كانغ لوكالة «بلومبيرغ»، ما حصل في الأسواق «كارثة حقيقية»، وأنه «لا شيء يمكن وقف ذلك». واعتبر المحلل زان تشانغ في «هايتونغ» للأوراق المالية، أن «الوصول إلى القاع ضروري»، مشيراً إلى «حصول مزيد من الانخفاض». ولم ينفع تدخل السلطات الصينية بنحو 200 بليون دولار في وقف تراجع الأسواق الصينية أو حتى تدهور اليوان.