في كل مرّة تعلن مهرجانات بيت الدين أن الفنان العراقي كاظم الساهر سيكون ضيفها، تنفد بطاقات الدخول من مراكز البيع في وقت سريع. وفي كل مرة، يقول المرء لنفسه: «لن أحضره هذه السنة، فقد حضرته عشرات المرات. لن يقدم جديداً هذه السنة». لكن سرعان ما يأتي الجواب: «لكن الحفلة في بيت الدين تكون مختلفة، والموعد مع أغان قديمة»... جمهور صاحب «عبرت الشط على موجك» في لبنان، واسع. وهو غير مقلّ في إطلالاته في بلاد الأرز. إلى درجة، أنه يكاد يكون في لبنان طوال السنة، خصوصاً في السنوات الثلاث الاخيرة لأنه يصوّر «ذي فويس - صوت العرب» في بيروت. وبما أن المغني والموسيقي المرهف يعرف جمهوره ويغازله كما يغازل حبيبته، قرر هذه السنة أن يمنحه حفلتين في مهرجانات بيت الدين (أمس، وأول من أمس)، وأخريين في مهرجانات إهدن (في 21 و22 الجاري). الموعد إذاً مميّز مع القيصر الذي تربطه علاقة مميزة بإدارة مهرجانات بيت الدين التي تحتفل هذا العام بمرور 30 سنة على تأسيس مهرجان تحدى ظروفاً قاهرة مرت بها البلاد وأصر على إعلاء صوت الموسيقى والفرح. فقد غازل الساهر جمهوره بأغان قديمة وجديدة، لأكثر من ساعتين، مع أن الوقت المحدد للحفلة هو ساعة ونصف الساعة. فالساهر كريم وجمهوره الذي في غالبيته من النساء يستحقّ! تأخر انطلاق الأمسية الغنائية نحو 45 دقيقة، قبل أن يطل الفنان العراقي بابتسامته ووسامته وأناقته، مرتدياً بدلته السوداء المعهودة، لتشتعل الباحة تصفيقاً وصراخاً، ويعطي فرقته الموسيقية إشارة البداية مع أغنية «اراضي خدودها» من كلمات ابراهيم غازي. ثم انتقل الى أغنية «لو لم تكوني» للراحل نزار قباني الذي اشتهر الفنان العراقي بغناء قصائده الرومانسية، ثم أغنية «المستبدة» للشاعر كريم العراقي بعدما سأل الحاضرين بعفوية «كم مستبدة بيننا هذا المساء؟». أما المفاجأة التي حضّرها الساهر لجمهوره المميز، فهي أغنيته الجديدة «لجسمك عطر خطير النوايا» لنزار قباني، وأداها برفقة بيانو اللبناني ميشال فاضل على وقع صيحات وتصفيق من الجمهور الذي اشتعل حماسة بكلمات القصيدة. وأدى الفنان العراقي في ما تبقى من الأمسية أغاني قديمة ساهمت في ترسيخ شهرته على امتداد العالم العربي، وبينها «ها حبيبي»، و»هل عندك شك»، و»الحب المستحيل»، و»صباحك سكر»، و»زيديني عشقاً» التي وقف معها الجمهور مصفقاً بصخب طوال غنائها. وقوطعت الحفلة أكثر من مرة بعدما قدم بعض الحاضرين باقات ورد للساهر، فيما صعد أحدهم الى خشبة المسرح وتوجه نحو المغني الذي طلب من عناصر الامن البقاء بعيداً. وطالب الجمهور في نهاية الأمسية بأغنية «كثر الحديث»، وهتف بعضهم «بغداد، بغداد»، ليلبي كاظم الساهر طلبهم ويستبدل عبارة «وهل خلق الله مثلك في الدنيا أجمعها» بعبارة «وهل عذب الله مثلك في الدنيا أجمعها»، قبل أن يختتم الحفلة بأغنية «أشهد» التي ظل الجمهور يصفق معها حتى بعد مغادرة الفنان للمسرح.