يلتقي معارضون سوريون الأسبوع الحالي في موسكو لإجراء محادثات تبدو فرص نجاحها ضئيلة وسط سعي روسيا إلى استطلاع إمكانية تشكيل تحالف جديد ضد المتطرفين يضم نظام الرئيس بشار الأسد. ويواجه المسعى الروسي الهادف لإعادة الرئيس السوري إلى الساحة الدولية تحديات عدة في ظل العداء الذي تكنه قوى المعارضة للأسد ومقاطعته من الدول الغربية والدول العربية النافذة. وتواجه روسيا صعوبة أيضاً في إقناع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض الذي يعد أبرز ممثلي المعارضة السياسية في الخارج، ومن المقرر أن يلبي رئيسه خالد خوجة المقرب من تركيا دعوة لزيارة موسكو اليوم. ويقول نائب رئيس «الائتلاف» هشام مروة لوكالة «فرانس برس»: «لا يمكن مكافحة الإرهاب في سورية إلا من خلال هيئة حكم انتقالي توحد السوريين»، مضيفاً: «لا يمكن للأسد أو أي من المجرمين أن يلعبوا دوراً في المرحلة الانتقالية أو في مستقبل العملية السياسية في سورية». ومن المقرر كذلك أن تزور موسكو عدة شخصيات من تجمع «مؤتمر القاهرة» الذي يضم معارضين سوريين في الداخل والخارج. ويقول المعارض السوري البارز هيثم مناع وهو أحد مؤسسي هذا التجمع: «الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية يمر عبر تغيير سياسي في سورية يوحد كل القوى السورية». ويضيف: «نريد إقناع (وزير الخارجية الروسي سيرغي) لافروف الجمعة (غداً) بضرورة دعم المقاربة العملية التي اقترحها (المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان) دي ميستورا، بمعنى التقدم بشكل متواز في معالجة مسائل عدة (أمنية وإنسانية) في إطار عملية يمكن أن تؤدي إلى مؤتمر سلام جديد يسمى جنيف 3». وفشلت جولتا مفاوضات سابقتان بين ممثلي النظام والمعارضة في جنيف بوساطة من الأممالمتحدة في 2012 و2014. واقترح دي ميستورا نهاية تموز (يوليو) دعوة ممثلي النظام والمعارضة إلى محادثات تتطرق في شكل مواز إلى أربعة ملفات أساسية هي «الأمن للجميع (عبر وضع حد للحصارات وتقديم المساعدات الطبية والإفراج عن المعتقلين) والمسائل السياسية (بينها الانتخابات وحكومة انتقالية محتملة) والطابع العسكري (مكافحة الإرهاب واحتمال وقف إطلاق النار) وإعادة إعمار البلاد». وترى دمشق أنه لا بد من تشكيل حكومة انتقالية تضم النظام وقوى المعارضة تحت سلطة الأسد، وتنظيم انتخابات تشريعية في الخريف، ومن ثم تعديل الدستور لتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية. ويوضح مصدر سياسي سوري لوكالة فرانس برس أن «هذه العملية قد تستغرق سنوات عدة، وبأي حال طيلة ولاية الأسد الرئاسية التي تنتهي من حيث المبدأ عام 2021». ومن المقرر أن يستقبل لافروف أيضاً صالح مسلم رئيس «حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي»، الحزب الكردي الأبرز في سورية، بعدما ساهم إعلان الأكراد إدارة ذاتية موقتة في شمال سورية في جعل الصراع أكثر تعقيداً وفي إثارة مخاوف تركيا التي تخشى إقامة حكم ذاتي كردي على طول حدودها مع سورية. ويرى الخبير في الشأن السوري توما بييريه أن لا فرص نجاح للمبادرة الروسية. ويقول: «ليس لدى المعارضة أي سبب يدفعها للانخراط في عملية إعادة تأهيل النظام هذه. لا تملك روسيا شيئاً لتقدمه، فهي تتمسك بالموقف ذاته منذ 2011: بقاء الأسد في السلطة». ويضيف أن مساعي روسيا «ستلاقي بالتأكيد دعم الأسد وإيران مقابل رفض المعارضة ورعاتها الاقليميين». لكن موسكو على الرغم من ذلك تبقى متفائلة مع اعترافها بتعقيدات هذه العملية. وتقول الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا: «لا نرى أي خطة بديلة (...) تحديداً لدى الغربيين بإمكانها أن تنجح واقتراحاتنا حول نزع السلاح الكيماوي في سورية نجحت. لاقت موافقة النظام في دمشق وكذلك واشنطن (في 2013) وخففت من حدة التوتر». وحول فرص نجاح هذه المبادرة، تجيب: «لسنا هنا في معرض تقديم توقعات. كل ما نقوم به نفعله بناء على تواصل مع شركائنا في الخارج».