وجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رسالة تحذير قوية الى أطراف المعارضة السورية، وقال إنها «ستفقد مواقعها في مجمل العملية التفاوضية إذا امتنعت عن حضور لقاء موسكو» مع النظام. وجاء هذا التحذير مع إعلان وزير الخارجية الأميركية جون كيري تأييد المساعي الروسية لجمع الأطراف السورية في محادثات سلام. والتقى كيري أمس الموفد الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في جنيف. في هذا الوقت، عرض الرئيس السوري مجدداً خدماته في «الحرب ضد الإرهاب»، ودعا الدول الغربية إلى «تبادل معلومات» مع حكومته في هذا الشأن. لكن الوزير كيري رد على ذلك بالقول: «حان الوقت لكي يضع النظام السوري الشعب أولاً، وأن يفكر في عواقب أعماله التي تستقطب المزيد والمزيد من الإرهابيين إلى سورية». وفي موسكو، فُسّرت لهجة لافروف الحادة أمس، وتحذيره المعارضة من مقاطعة «حوار موسكو»، بأنها تعكس خيبة أمل روسية بعد إعلان عدد من أطراف المعارضة البارزة نيتها عدم المشاركة في اللقاء الذي يُفترض أن يعقد بين 26 و29 من الشهر الجاري. وكانت موسكو أعلنت أنها سترعى لقاءات بين أطراف المعارضة السورية وممثلي النظام في موسكو، ووجهت الدعوة الى 28 شخصية معارضة سورية تنتمي الى تيارات المعارضة المختلفة في الخارج والداخل. وخفضت موسكو لاحقاً سقف التوقعات عندما أعلنت أن اللقاء سينعقد «بمن حضر». وقالت مصادر ديبلوماسية في موسكو ل «الحياة»، إن اللقاء المزمع تنظيمه سيبدأ باجتماع قوى المعارضة للاتفاق على ورقة عمل مشتركة، على أن تكون الحلقة الثانية جلسة مفاوضات مع ممثلي النظام. وأعلنت موسكو أن تنظيم اللقاء يجري على أساس بيان «جنيف1» الموقع في حزيران (يونيو) 2012، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن الرؤية الروسية لتفسير البند الذي يتحدث عن تشكيل هيئة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، لا تقوم على سحب صلاحيات الرئيس بشار الأسد، خلافاً للتفسير الغربي للاتفاق. الى ذلك، أعرب المبعوث الرئاسي الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، عن أمل بلاده في ألا تتجه المعارضة السورية الى مقاطعة مؤتمر موسكو. وأوضح: «ما زال لديهم متسع من الوقت ليفكروا، وكل شخص حر في اتخاذ القرار الذي يناسبه. قمنا بإرسال الدعوات، وربما نرسل المزيد منها. أرسلنا تقريباً 25 الى 30 دعوة للمعارضة السورية. وننتظر أن يأتوا في كل الأحوال». واستبعد بوغدانوف أن تكون مواقف بعض قوى المعارضة المتحفظة عن الدعوة الروسية ناجمة عن ضغوط غربية عليها، مشيراً الى أن «كل الزملاء الذين تواصلنا معهم رحبوا بمبادرتنا». وفي نيويورك، قال ديبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن، إن المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا «يواجه صعوبة في إقناع دمشق بقبول تجميد القتال في حلب، وهو ما اضطره للعودة الى دمشق في محاولة لإقناع الحكومة السورية بمقاربته». وأرجأ مجلس الأمن إحاطة كانت مقررة لدي ميستورا في 20 الشهر الحالي «الى وقت لاحق بناء على طلبه»، بحيث «لا يستبق اجتماعات المعارضة في القاهرة في 21 الشهر الحالي ومؤتمر موسكو في 26». وقال الديبلوماسي: «الحكومة السورية سارعت إلى الترحيب بمقاربة دي مستورا في البداية ولكنها الآن ترفض تجميد القتال في حلب تخوفاً من أن يكون ذلك فرصة للمجموعات المعارضة لاستعادة المبادرة». وحول دوافع موسكو لاستضافة جلسة الحوار بين السوريين قال: «روسيا تعلم أن كلفة دعمها الأسد باتت مرتفعة، وهي تبحث عن مخرج سياسي». وأكد أنه «بالنسبة إلينا لا يمكن أن يتضمن أي حل سياسي إبقاء السلطات الأمنية في يد الأسد». وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في خطاب ألقاه على حاملة الطائرات «شارل ديغول» في تولون قبل توجهها إلى الخليج، إن «علينا التعامل مع التهديدات العديدة الآتية من الخارج، والوضع في الشرق الأوسط يبرر وجودنا العسكري، كما أن علينا دعم القوات والدول التي تواجه الإرهاب». وأكد أن «شارل ديغول ستشارك في العمليات العسكرية ضد داعش في العراق»، كما أسف لعدم تدخل الأسرة الدولية في صيف العام 2013 في سورية. وتابع: «فرنسا كانت على استعداد، الأوامر أعطيت، القوات متأهبة. لقد تم تفضيل طريق أخرى، وها نحن نرى نتائجها».