وصف أستاذ الدراسات العليا في جامعة أم القرى عضو مجلس الشورى السابق الدكتور حاتم العوني، العمليات الإرهابية داخل المساجد بأعمال «الكفار»، مؤكداً أنه من أعظم الجرائم وأقبح الموبقات، جاء ذلك في الوقت الذي توالت فيه العمليات الإرهابية التي تستهدف المصلين داخل المساجد، فيما أستنكر السعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي هذه العمليات الإرهابية، مستدلين بشدة حرمتها بآية: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). وحرص كثير من المغردين ومستنكري الحادثة على إرفاق الآية في تغريداتهم، وفي الصور التي صممها هواة، بعد تلك الحوادث. فيما لجأ الكثير من العلماء ورجال الدين أيضاً للاستناد للآية الكريمة ذاتها في استنكارهم للأحداث الإرهابية الأخيرة التي قام بها تنظيم داعش الإرهابي. وقال العوني ل«الحياة»: «لا شك أن استهداف المساجد بالتفجير والتخريب من أعظم المنكرات، لأنه استهدافٌ لبيوت الله تعالى التي أذن الله تعالى برفعها وأن يُذكر فيها اسمه سبحانه وأن يُسبِّح له فيها المؤمنون بالغدو والآصال، وأمرنا بتعظيمها وتطهيرها وتطييبها، ولذلك قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِين لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)»، مضيفاً: «أن هذه الآية ذهب كثير من المفسرين أنها نزلت تخبر عن تخريب الكفار لأماكن الصلاة، والمقصود أن الله تعالى يخبر أن هذا الفعل (وهو تخريب المساجد) هو في الأصل من أعمال الكفار، وإن لم يكن وحده دالاً على الكفر، لكنه من أعمال أهل الكفر، كقتل المؤمنين الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، أي: من أعمال الكفار، وإن لم يكن كفراً وحده تعظيماً لهذه الجريمة. فكذلك تخريب المساجد: هو من أعظم الجرائم وأقبح الموبقات». وأوضح العوني بأن الله تعالى جعل من فوائد الجهاد في سبيل الله حماية المساجد ودور العبادة، فقال تعالى (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا). مشيراً إلى أن الإسلام حرّم الاعتداء على الكنائس ومعابد اليهود والمجوس، من أهل الذمة، وحرّم هدمها على الفاتحين، بل أوجب حمايتها، وهي معابد كُفر، رعاية لحرمتها عند أهلها، فكيف بمساجد المسلمين التي أقيمت لتوحيد الله تعالى وعبادته والصلاة والذكر. بدوره، قال المستشار القضائي الخاص الشيخ صالح اللحيدان ل«الحياة»، لا ينظر في هذه الآية إلى سبب النزول من حيث السبب، لأن العلماء قعّدوا قواعد لكي تنطلق منها الأحكام الشرعية، وهنا أخذوا العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومثل ما يقع في المساجد من استهداف لها وللمصلين تعمه هذه الآية وتشمله، وتابع «قد يتأخر بعض المصلين من الصلاة بإحدى المساجد بسبب هذه الحوادث، وقد يمتنع البعض الآخر من أداء صلاة الجماعة، وهذا الوزر يتحمله الفاعل ومن أدلجهم ومن أرشدهم ومن تعاطف معهم إلى يوم القيامة»، وأضاف اللحيدان «من استغل المساجد التي يؤدي فيها المصلون عبادتهم يشابه فعله فعل اليهود والنصارى وينطبق عليه الوعيد في هذه الآية».