قال مستثمرون في قطاع المخابز إنهم يواجهون تحديات ألقت بظلالها عليهم، وهو ما أدى إلى انسحاب المئات منهم خلال الأعوام الأخيرة بعد تسجيل الخسائر ودخول العمالة المتستر عليها في القطاع والتلاعب بالمنتجات. وأوضحوا في حديثهم إلى «الحياة» أن أبرز التحديات التي تواجههم تتمثل في ارتفاع إيجار المباني وشح العمالة المدربة وارتفاع تكاليف النقل والمواد الخام، في مقابل اتهامات من المستهلكين بسوء المنتجات وعدم اهتمام المستثمرين في القطاع والذين يسيطرون على قرابة 4200 مخبز في أنحاء المملكة بتقديم منتجات نوعية على رغم امتلاك الكثير منه خبرة طويلة وعدم قدرتهم على تقديم منتجات أفضل. وقال المستثمر في قطاع المخابز فهد الشمري، إن التوجه اليوم لدى كثير من المستثمرين للانسحاب من القطاع بشكل كامل أو التوجه للتقنين والتحول إلى صناعة بعض المعجنات والمخبوزات ذات الربحية الأعلى، مشيراً إلى أن القطاع يعاني منذ زمن طويل من تعقيدات تتعلق بطبيعة النشاط نفسه، إضافة إلى المنافسة الشديدة، ودخول عدد من المنافسين من العمالة المتستر عليها في القطاع، وهو ما أدى إلى التلاعب بالوزن والجودة وأضر بسمعة العاملين في القطاع بشكل واسع. ونفى صحة ما يتردد بأن كل المخابز تتلاعب بالوزن؛ لتحقيق فوائد أعلى، مبيناً أن الحكم في هذه القضية هم المستهلكون أنفسهم الذين تجدهم يتزاحمون على مخبز معين لجودة منتجاته ويحجمون عن آخر يتلاعب ويغش في الجودة والوزن. وحول العقبات التي تهدد القطاع، قال الشمري: «أهمها يتمثل في شح العمالة المدربة وارتفاع أسعار المواد الخام وتكاليف العمالة في مقابل أسعار محددة مفروضة، مضيفاً: «ارتفاع التكاليف أمر مؤرق لكل المستثمرين في القطاع، وهذا ما يدعوهم للهرب صوب بعض الصناعات الجديدة مثل الكعك والفطائر؛ إذ هناك أريحية في تحديد أسعارها وسهولة تصنيعها وتسويقها، ولذلك نحن بحاجة إلى لتسهيل عمليات استقدام العمالة المدربة وخفض التكاليف». وأشار المستثمر محمد الصالح إلى أن التحديات للعاملين في هذا القطاع كبيرة، مبيناً أن من أهم المعايير التي يجب أن تؤخذ في الحسبان هي نوعية الطحين المستخدم، سواء من النوع أم الفاخر أم العادي وطرق التسعير المستخدمة. ولفت الصالح إلى انسحاب مئات المستثمرين من القطاع في المملكة، إذ أقفل في مدينة الرياض وحدها أكثر من 100 مخبز، إضافة إلى تكاسل بعض المخابز في تطبيق معايير السلامة والنظافة، وهو ما يؤدي إلى إغلاق كثير منها، علاوة على تردي المنتجات النهائية، ويحتاج إلى تدخل حكومي؛ لإعادة دعم القطاع وتأهيل المستثمرين فيه، مضيفاً: «نسمع كثيراً عن شكوى المستهلكين من رداءة الخبز ومعهم الحق، ولكن يجب تأهيل المستثمرين في القطاع ومتابعتهم لإخراج المتسترين والمتلاعبين من السوق، ومهما تم سنّ أنظمة بلا رقابة فلن تنجح». وطالب الصالح بتشديد العقوبات على المتلاعبين، وفي المقابل تكريم المخابز المميزة التي تقدم منتجات مميزة وكذلك تسهيل الاستقدام لها وخفض الرسوم، متطرقاً إلى غلاء أسعار النقل والإيجارات التي تضيق في بعض الأحيان على المخابز في الأماكن المميزة مثل شمال الرياض فتغلق بعد أعوام بسيطة. وحول مشكلة العمالة بالاستعاضة عنها بتدريب كوادر سعودية، خصوصاً من الفتيات للعمل في هذا القطاع، أكد الصالح ترحيبهم بهذه الخطوة بل ودعمهم لها، في مقابل دعم صندوق الموارد البشرية لها وتقديم الدعم لهؤلاء الشبان والشابات للحصول على رواتب وبدلات جيدة، كون كثير من المخابز تستطيع تقديم مزايا جيدة لهم، ولكن بشكل محدود لا تضمن لهم معه الاستمرار، وهو ما قد يخلق مشكلة دائمة للمخابز بتسرب العاملين ومن ثم التوقف بشكل متقطع. العنزي: القطاع بحاجة إلى تدخل فوري لوقف التلاعب قال المختص بشؤون المستهلك سعد العنزي، إن قطاع المخابز بحاجة إلى تدخل قوي وفوري لوقف التلاعب الذي يحدث في القطاع والمتضرر منه المستهلكون، إذ تتمادى هذه المخابز في التلاعب، وخصوصاً في المدن الصغيرة مع ضعف الرقابة لتقدم منتجات سيئة يتم التلاعب فيها بأشكال عدة. وبين العنزي أن التلاعب بالوزن هو أبسط الأمور، علاوة على سوء النظافة وطريقة إعداد الخبز وحفظ الطحين في أجواء موبوءة داخل صالات الخبز، مستذكراً رصد أمانة إحدى المناطق أكثر من 2200 مخالفة في 400 مخبز تنوعت بين عدم حصول العمالة على الشهادة الصحية، وافتقار العمالة لأبسط المعلومات في التعامل مع الغذاء وحفظ الأدوات بشكل جيد وصحي، إضافة إلى سوء المبنى وضعف تجهيزاته وعدم جاهزيته من الناحية الفنية لانسياب خط سير الغذاء بشكل منظم تفادياً لخطورة حدوث مختلف أنواع التلوث، في مقابل سلامة أقل من 20 في المئة من المخابز. وتابع: «هذا رقم يدل على خطورة ما تعيشه المخابز من سوء أحوال، وإذا كان أقل من 20 في المئة سليمة فهذا يعني أن أقل من 20 في المئة من المستهلكين هم الذين يحصلون على مخبوزات جيدة مع الأسف». يذكر أن قرابة 4200 مخبز تعمل في كل مناطق المملكة، وتستهلك قرابة 2.5 مليون طن من الطحين سنوياً بحسب مؤسسة صوامع الغلال، وتعتبر منطقة مكةالمكرمة هي الأعلى في الاستهلاك اليومي.