صعدت موسكو لهجتها حيال حلف شمال الاطلسي (ناتو)، وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن «مواجهة» جديدة، واتهم الحلف بالعودة إلى منطق «الحرب الباردة» . وشن لافروف أمس، هجوماً قوياً جديداً على الحلف بسبب إصراره على إجراء مناورات عسكرية على الأراضي الجورجية برغم اعتراض روسيا. واتهم الوزير الروسي الدول الأعضاء في «الأطلسي» بالعودة إلى «منطق المواجهة في عهود الحرب الباردة» مؤكداً في الوقت ذاته، أن بلاده لا تعتبر الحلف عدواً أو مصدر خطر عليها . وكان التوتر الذي خيم على علاقات موسكو و «الأطلسي» بعد أزمة القوقاز الصيف الماضي، بدأ يتراجع قليلا خلال الفترة الأخيرة، وأعلن الحلف عن استئناف اتصالاته التي كانت مقطوعة مع روسيا. لكن نيات إجراء مناورات عسكرية للحلف في جورجيا الشهر المقبل، أثارت غضب موسكو بقوة واعتبرها الروس محاولة جديدة لإعادة تسليح خصمهم الأساسي الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، وحذروا من أن دعم الأخير يمكن أن يؤدي إلى تصعيد خطر جديد في المنطقة . واعتبر لافروف أن «الفتور الذي سيطر على علاقاتنا مع الأطلسي كشف عن مشاكل جدية في الحوار الثنائي». وأوضح أن المشكلة تكمن في موقف الحلف من أحداث القوقاز و «هم (بلدان الأطلسي) رفضوا حتى مناقشة أسباب نشوء النزاع» حول أوسيتيا الجنوبية. وبالتزامن مع تصعيد الخطاب الروسي ضد الحلف، شرعت موسكو في اتخاذ خطوات سياسية لتأكيد جديتها في معارضة تعاون الأطلسي مع الجورجيين . إذ أبلغت القيادة العسكرية الروسية أول من أمس، رسميا قيادة الحلف بقرار مقاطعة اجتماع لرؤساء أركان بلدان مجلس «روسيا - الأطلسي» الذي كان مقرراً في السابع من أيار (مايو) المقبل. وقال مصدر في البعثة الروسية لدى الأطلسي إن ممثل روسيا العسكري الجنرال أليكسي ماسلوف قدم هذا الإشعار إلى المسؤولين في قيادة الحلف. كما حذر ممثل روسيا الدائم لدى الحلف ديمتري روغوزين من احتمال أن يؤدي إجراء المناورات إلى تصعيد عسكري مباشر. وقال إنه لا يستبعد وقوع ما وصفها بأنها «استفزازات» خلال المناورات ضد عسكريين أمريكيين وأوروبيين، تهدف إلى إشعال فتيل أزمة جديدة . مشيراً إلى أنه «يمكن أن نتوقع أي شيئ من ساكاشفيلي». وأوضح أن الحلف «سيتحمل المسؤولية الكاملة عن تلك الاستفزازات في حال وقوعها». وزاد روغوزين أن روسيا «قد تتراجع نهائياً عن استئناف الاتصالات بالأطلسي إذا لم يتخل عن إجراء المناورات العسكرية في جورجيا». في المقابل أكد متحدث باسم «الأطلسي» بأنه يواصل الاستعدادات لتدريباته العسكرية في جورجيا على الرغم من احتجاجات موسكو ومقاطعتها اجتماع مجلس «روسيا - الأطلسي» وزاد أن موسكو أبلغت في شأن «التحضيرات لهذه التدريبات منذ عام». ومن المقرر أن يجري الحلف مناوراته في جورجيا في الفترة من السادس من أيار (مايو) ولغاية مطلع حزيران (يونيو) بمشاركة 19 بلداً من أعضاء الحلف والبلدان المشاركة في برنامج «شراكة من أجل السلام» وبينها عدد من البلدان المرشحة للانضمام إلى الأطلسي في وقت لاحق. ويرى مراقبون روس أن أصرار بعض الأطراف في الأطلسي على إجراء المناورات في جورجيا يهدف إلى تعكير أجواء اللقاء المقبل بين الرئيسين الروسي ديمتري مدفيديف والأميركي باراك أوباما. وينتظر أن تُعقد القمة الثانية للرئيسين في موسكو نهاية شهر حزيران. واعتبر الخبير العسكري الروسي فلاديمير يفسييف أن هذه المناورات «ينظمها قسم معين من الأوساط الحاكمة الغربية ولا يزال يصر على وجوب مواجهة روسيا ويتجاهل مواقف أوباما في شأن الانفتاح على روسيا وإعادة إطلاق العلاقات معها».