أنهى وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي زيارة للعاصمة الأميركية جمعته بأركان الادارة وبينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومدير مكتب التحقيق الفدرالي (أف.بي.أي) روبرت مولر أمس، وتم التأكيد خلالها على التزام الحكومة اليمنية محاربة تنظيم «القاعدة» والبحث في استراتيجية «شاملة» على مدى خمس سنوات لمحاربة التطرف تشمل الشقين العسكري والاقتصادي. وفي هذا السياق اعلنت السلطات اليمنية امس إلغاء منح تأشيرات الى الاجانب في مطاراتها واشترطت حصول اي راغب في زيارة اليمن على تأشيرة مسبقة من بعثاتها الديبلوماسية، في مسعى لضبط دخول متطرفين الى اراضيها بعد تقارير عن توجه عشرات السجناء الاميركيين السابقين الى اليمن بحجة درس اللغة العربية و «اختفاء» بعضهم هناك، حيث يرجح انضمامهم الى تنظيم «القاعدة». وأكد الناطق باسم السفارة اليمنية في واشنطن محمد الباشا ل «الحياة» أن القربي عقد «لقاءات مثمرة» خلال زيارته التي استمرت ثلاثة ايام والتقى خلالها مستشار الأمن القومي جيمس جونز وقيادات في مجلسي الشيوخ والنواب، قبل لقاء كلينتون أمس. وقال الناطق أن الزيارة ركزت على ثلاثة أهداف، أولها «دحض الشائعات والتأكيد أن اليمن ملتزم محاربة القاعدة التي تشكل تهديداً لأمن واستقرار اليمن قبل كل شيء»، وثانيا «التحضير لدعم اقليمي ودولي في هذا المجال والاعداد لمؤتمر لندن الأسبوع المقبل» والمخصص للبحث في التهديد الارهابي في اليمن، أما الهدف الثالث فهو «وضع استراتجية شاملة للتعامل مع هذا التحدي ليس فقط من المنظور الأمني والعسكري بل أيضا لجهة التنمية الاقتصادية وتأهيل المجتمع من خلال الاصلاح الاقتصادي ومحاربة الفقر». وعلمت «الحياة» من مصادر ديبلوماسية غربية أن محادثات القربي مع المسؤولين الأميركيين تطرقت الى «وضع استراتيجية للسنوات الخمس المقبلة» لمساعدة اليمن في مواجهة التحديات على المستويين الأمني والتنموي. وكانت ادارة الرئيس باراك أوباما طالبت الكونغرس بتخصيص 63 مليون دولار من المساعدات لليمن في 2010، كما تعهدت وزارة الدفاع بمضاعفة مساعداتها لتصل الى 132 مليون دولار مخصصة بمعظمها لتجهيز وتدريب القوات اليمنية. وعن لقاء القربي بكلينتون، أكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل «الحياة» أن واشنطن نقلت الى الوزير اليمني «ترحيبها بجهود حكومته في ملاحقة قيادات القاعدة»، وشددت على انها «ستعمل مع المجتمع الدولي لتحفيز الحكومة في صنعاء على اتخاذ خطوات نحو استقرار وسلام اليمن والمنطقة». واضاف المسؤول: «على المجتمع الدولي أن يقول بشكل واضح أنه يتوقع من الحكومة اليمنية القيام بأفعال في هذا الاتجاه». وأبدى مخاوفه من كون الصراع مع «الحوثيين» والانفصاليين في الجنوب «يلهي الحكومة عن التعامل مع تهديد القاعدة»، مكرراً موقف واشنطن بالدعوة الى حلول «سياسية» لهاتين الأزمتين. وأكد المسؤول الأميركي أن الاستراتيجية حول اليمن ترتكز على تحسين قدراته في محاربة الارهاب في المدى القصير والسعي الى اصلاح الأداء الحكومي في المدى الأبعد. وقال أن «تأكيد القربي بأن هناك مئات (بين 200 و300) عنصر من القاعدة في اليمن يعكس أهمية التعاون المشترك» في محاربة هذا التهديد. وفي صنعاء، افادت «وكالة الانباء اليمنية» الرسمية ان «اليمن ألغى منح تأشيرات للاجانب في المطار لمنع تسلل ارهابيين الى البلاد». ونقلت صحيفة «26 سبتمبر» التابعة لوزارة الدفاع عن مصدر عسكري قوله انه «في ضوء هذا القرار، فإن منح التاشيرات للاجانب لن يتم بعد الان الا عبر السفارات اليمنية في الخارج وبعد العودة الى الجهات الامنية المسؤولة للتحقق من هويات المسافرين». واضاف ان الاجراء «يضمن الحيلولة دون تسلل اي عناصر مشتبهة بالارهاب». وكان تقرير رفع الى مجلس الشيوخ الاميركي قبل يومين حذر من احتمال ان يكون تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» يدرب في اليمن أكثر من ثلاثين اميركيا اعتنقوا الاسلام في السجن. وجاء في التقرير ان هؤلاء الاميركيين قصدوا اليمن بعد اطلاق سراحهم بهدف تعلم اللغة العربية على حد قولهم لكنهم «قد يتلقون تدريبا هناك لدى القاعدة». واعلنت بريطانيا اول من امس تعليق الرحلات المباشرة مع اليمن في اطار تعزيز الاجراءات الامنية اثر محاولة نيجيري تدرب في اليمن تفجير طائرة اميركية خلال رحلة بين امستردام وديترويت اواخر الشهر الماضي. وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي استمعت الاربعاء الى شهادة مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان عن الوضع في اليمن، فاعتبر ان الحرب التي تشنها السلطات اليمنية على «القاعدة» تشكل «انعطافا حاسما» لكنه اكد ان واشنطن ليست «ساذجة» وليس لديها اوهام حول دور الحكومة اليمنية «المحدود ببيروقراطية ضعيفة وفاسدة في الغالب وتفتقر الى المصادر». وقال فيلتمان: «الحكومة اليمنية واجهت صعوبات عدة» مشيراً الى اعمال العنف في شمال البلاد وجنوبها والى «عجز» الحكومة عن تأمين الخدمات للمواطنين». ولكنه اوضح انه «لناحية عزم وارادة الحكومة اليمنية على مواجهة التهديد الذي يمثله ناشطو القاعدة في البلاد فنحن نرى اشارات مشجعة في الاجراءات التي اتخذت مؤخرا». واعلن في صنعاء امس ان رئيس الوزراء اليمني علي محمد مجور سيمثل بلاده في مؤتمر لندن الدولي حول اليمن الاربعاء المقبل حيث «سيطالب المجتمع الدولي بالوقوف الى جانب بلاده للتغلب على التحديات التي تواجهها». على صعيد آخر، قتل جندي يمني وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في كمين في محافظة مأرب (شرق) غداة غارات شنها الطيران اليمني ضد معاقل مفترضة ل «القاعدة» في هذه المنطقة.