طالبوا بضرورة مراعاته دون إخلال .. شرعيون: أكد شرعيون ومختصون أن جهود المملكة في خدمة حجاج بيت الله داخلة ضمن إطار مبدأ التيسير في الدين قائلين «تمكن هذه الخدمات والمرافق الحجيج من إتمام الركن بيسر وطمأنينة، وهذا محقق لمبدأ التيسير، علاوة على أن الخدمات تدل على العناية الكبيرة التي توليها المملكة لهذا الركن والحجاج». ولفتوا إلى أن الدين قائم على مبدأ التيسير، وأن العلماء ييسرون في أحكامه، وأن فريضة الحج تقوم في أساسها على التيسير، إذ لا يحج المرء إلا إذا تمكن وفق الإطار المتاح له، متبعا في ذلك قول الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، محذرين في الوقت ذاته من التيسير الذي لا أصل له والذي يقود إلى الخلل أحيانا. وبينوا أن مبدأ التيسير تزداد الحاجة له لكثرة القادمين من أقطار المعمورة، إذ يسهم في تفادي الحاج المشاق الناجمة عن تلكم الأعداد، مطالبين بضرورة مراعاته، كونه قاعدة شرعية هامة. ويبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن أن يصل التيسير؟ وما ضابط التحكم به؟ وهل فعلا يظل تيسير الفتاوى على الحجيج هو الأصل. ويؤكد عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي عبدالله بن منيع أن الدين قائم على مبدأ التيسير، وأن علماءه ييسرون في الحج وغيره، قال الله سبحانه وتعالى: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)، مضيفا «التيسير من مبادئ التشريع الإسلامي العام، والله سبحانه يقول: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، ويقول (ما جعل عليكم في الدين من حرج). وذكر أن قاعدة التيسير موجودة ومطبقة على عموم الدين كالطهارة والعبادات، إذ كان عليه الصلاة والسلام يوصي به بقوله «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا». وأشار إلى أن عائشة رضي الله عنها قالت عن رسول الله «ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه». وبين أن الحج ركن عظيم، وأن أداء هذه الفريضة مرتبط بقدرة المسلم، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، حيث قال الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا). وخلص إلى أن «على الحاج أن ييسر ويفتح المجال لغيره، وأن يلتزم بالأنظمة لأنه مأجور على ذلك». حسب الأدلة من جهته، بين عضو هيئة كبار العلماء صالح بن فوزان الفوزان أن التيسير في الحج يكون حسب الأدلة، مع التقيد بأداء الأحكام كما شرعها الله سبحانه وتعالى، إذ يقول الله: (وأتموا الحج والعمرة لله)، مضيفا «إتمام الركن الخامس يكون بالوجه الذي أداه الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم)». وحذر من الترخيص الذي لا دليل له، أو غير المستند إلى دليل صحيح، قائلا «الأدلة الشرعية لا تستعمل على غير مدلولاتها»، ولافتا إلى أن «الحج جهاد وفيه مشقة»، محذرا من التساهل الذي لا يستند إلى أصل. قاعدة شرعية الداعية الدكتور سعد البريك أوضح أن الحج درس تربوي تطبق فيه قاعدة التيسير في الحج، قائلا «على العلماء ومن يتصدى للفتوى مراعاة هذا المنهج في التيسير، إذ يقوم الدين على ذلك، كما أن القاعدة الشرعية تقول (المشقة تجلب التيسير)». وذكر البريك أن التيسير نشأ من رحم رحمة هذه الشريعة التي راعت الطبيعة البشرية، فلم تكلف الإنسان ما لا يطيق، كما راعت الظروف الزمانية والمكانية للعبادات، وهذا باب واسع من أبواب الشريعة، إذ تحقق قول الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). ولفت إلى أن خدمات المملكة لحجاج بيت الله تحقق قاعدة التيسير في الحج، مطالبا بضرورة مراعاة هذه القاعدة الشرعية. ونوه بأن التيسير في الحج يبدأ منذ التلبية بالإحرام، حينما يشترط الحاج الذي يخشى فوات الحج عنه بقوله: «فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني». ويواصل «مما يبين مدى التيسير في الحج أن الصلاة بعد الطواف يصليها المرء في أي مكان من المسجد الحرام حينما لا يتمكن من ذلك سواء خلف المقام أو حينما يتسبب في التضييق على الطائفين». وأضاف «بعد انتهاء المسلم من الشوط الأول في السعي يشرع له الوقوف للدعاء، وهذا فيه استعداد ونشاط قبل البدء بالشوط الثاني، كما أن يوم التروية إنما هو استعداد ليوم الحج الكبر عرفة، وبعد عرفة يشرع للحاج المبيت في مزدلفة استعدادا لأعمال يوم النحر». الدين يسر ورفض المشرف على كرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وأستاذ العقيدة في جامعة الملك سعود الدكتور خالد القاسم القول بأن العلماء ييسرون الأحكام الدينية من باب المجاملات، قائلا «الدين ميسر في أصله»، مشيرا إلى أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحج مكلل بالتيسير ويغلب عليه رفع الحرج، مبينا أن الدين يحوي قواعد فقهية معتبرة، مثل: إذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب التيسير. وطالب الفقهاء بالتيسير على الحجيج قدر الإمكان، خصوصا فيما لا تتواجد فيه نصوص قطعية واضحة، تمسكا بقاعدة السنة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: «افعل ولا حرج». ولفت القاسم إلى أن المؤسسات الدينية لها اجتهاداتها وقناعاتها وفقهها، وليس مطلوبا منها الموافقة على دعوات التيسير، خصوصا أنها أدرى بالعلوم الشرعية الدينية. وذكر أن خدمات ومشاريع المملكة لخدمة الحجيج تحقق هذا المبدأ أولا، فضلا عن أنها تبين مدى عنايتها بالحجيج والمشاعر وكل ما من شأنه أن يخدم الشريعة ومقدساتها.