تزداد أعداد الحجيج عاما بعد عام مع ضيق في المكان والزمان مما يجعل الحاجة ملحة دوما لفتاوى التيسير في الحج، لتفادي المشاق. ويظل السؤال المحير يراود الكثيرين إلى أي مدى يمكن أن يصل إليه التيسير؟ وهل ستتخذ إجراءات تجاه الأكشاك التي تبين الأحكام للحجيج بعد صدور الأمر الملكي باقتصار الفتوى على هيئة كبار العلماء؟ وما البدائل التي تيسر على الحجيج الحصول على الفتوى في حال توقف الأكشاك؟ وهل التيسير على الحجيج في الفتاوى هو الأصل، أسئلة طرحتها عكاظ على عدد من العلماء والفقهاء والمسؤولين وخرجت بالإجابات التالية: مبدأ التيسير بداية أكد عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الدكتور عبدالله بن منيع أن الدين قائم على مبدأ التيسير وأن كبار العلماء يسيرون وفق هذا الأساس سواء في الحج وغيره. وأبان أن اقتصار الفتوى عليهم يعد مكملا للتيسير سواء في الحج أو سائر أنواع العبادة كما يحد القرار من الفتاوى الشاذة التي قد تعسر على البعض فالله سبحانه وتعالى يقول: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)، مضيفا «إن التيسير من مبادئ التشريع الإسلامي العام والله يقول في كتابه (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ويقول سبحانه وتعالى (ما جعل عليكم في الدين من حرج)». وذكر أن قاعدة التيسير موجودة ومطبقة على الدين كافة كالطهارة والعبادات والحج وهذا ما كان يوصي به صلى الله عليه وسلم بقوله (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا). وأشار إلى أن عائشة رضي الله عنها قالت عن رسول الله «ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه». مرجعية كبار العلماء ونفى مستشار وزير الشؤون الإسلامية الشيخ طلال العقيل إغلاق المراكز والأكشاك الموزعة على المشاعر بعد صدور الأمر الملكي باقتصار الفتوى على هيئة كبار العلماء قائلا «دور الدعاة في الأكشاك توعوي وإرشاد وإيضاح الاستفسارات والدلالة على السنة وليس إطلاق الفتاوى». وأبان أن دورهم أي الدعاة يرتكز على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وبم بدأ، وما طريقة العبادة الحقة، وهذا مستقى من فتاوى العلماء وليس للدعاة فيه اجتهاد، واستشهد ببعض ما يجيب عليه الدعاة في الأكشاك كمن يسأل عن تجاوز الميقات دون إحرام وغيرها من الأسئلة المكرورة التي يتولون توضيحها بما تلقوه من العلماء، فالمتواجدون في الأكشاك هم أصحاب فضيلة، ومن كبار الدعاة، وأستاذة جامعات، وطلبة العلم المشهود لهم بالعلم والعقل والاعتدال. وأشار إلى أن السؤال المتطلب لفتوى يرجع فيه الداعية لأحد أعضاء هيئة كبار العلماء بعدها يدلي بالإجابة للحاج ثم تعمم الفتوى على سائر الدعاة، قائلا إن الفتاوى الكبيرة والمعاصرة لابد الرجوع فيها إلى المفتي أو أحد أعضاء هيئة كبار العلماء. وذكر العقيل أن الهدف المنشود من تواجد الكشك في المشاعر مساعدة وطمأنة من يؤدون الركن العظيم، فالحاج يتشتت ذهنه إذا لم يجد إجابة، كما يصاب بخيبة أمل ويخاف على رحلة عمره وماله إن لم يجد دليلا، لكن الوعي وتقديم الرأي السديد يجعل الحاج بأمان وطمأنينة. وأفصح عن الطريقة التي يتعامل معها الدعاة أمام أسئلة الفتوى فيجمعون الأسئلة التي ترد إليهم ويعرضونها على هيئة كبار العلماء بعدها تعمم الإجابة على كافة الدعاة. وأفاد أن 700 داعية يجتمعون مع مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في اليوم الخامس أو السادس من الحج لطرح الأسئلة المكررة وهذا دليل الحرص على الفتوى. وتطرق إلى أن وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ ركز العام الحالي على فقه التيسير في الحج كموضوع الرمي وتقديمه على ذبح الهدي، ومساحة منى وعدم استيعابها العدد الكبير، وكيف يمكن التيسير في المبيت عند الزحام في أقرب مكان من منى مثلا كعرفة أو العزيزية. وأوضح أن هذه القاعدة أي التيسير تسهم وبشكل عملي في القضاء على بعض العادات السلبية كالافتراش، فالمفترشون إن علموا بجواز المبيت في غير منى عند الزحام قل الافتراش إضافة إلى إسهامه في حل كثير من المشكلات. وكشف مستشار الوزير عن تعاون الوزارة مع كافة القطاعات الحكومية لتعزيز الواجبات وتأدية الأدوار بما يكفل تميز الحج، وذكر أن تعليمات الوزير مكنتهم من الوصول إلى الحاج في وقت مبكر وذلك عبر القنوات الفضائية قائلا «أنتجنا 200 حلقة وزعناها على 83 قناة وقد بدأ عرضها مع بداية الشهر الحالي على عشر لغات أساسية وركز طرح الموضوع فيها على 400 محور تعالج ما يتعلق برحلة الحج والقيم والآداب والأخلاق لمطلوبة فيه». قواعد معتبرة ورفض المشرف على كرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وأستاذ العقيدة في جامعة الملك سعود الدكتور خالد القاسم القول بأن العلماء وخاصة في السعودية ييسرون الأحكام الدينية من باب المجاملات قائلا إنما الدين ميسر في أصله، وأشار إلى أننا إن نظرنا إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحج لوجدنا أعماله مكللة بالتيسير يغلب عليها رفع الحرج كما يحوي الدين قواعد فقهية معتبرة فمثلا إذا ضاق الأمر اتسع والمشقة تجلب التيسير. مؤكدا أهمية تيسير الفقيه على الحجيج قدر الإمكان خصوصا إذا لم يجد نصا قطعيا واضحا في الحج، متمسكا بالسنة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم «افعل ولا حرج». وحذر القاسم من مغبة دعوات التيسير أن تكون وسيلة للضغط على المؤسسات الدينية، قائلا المؤسسات لها اجتهاداتها وقناعاتها وفقهها وليس مطلوبا منها الموافقة على دعوات التيسير خاصة وأنها تحوي الفقه والعلم وأهل هذه المؤسسات أدرى بالعلم الديني الشرعي.