اصطحب العم محمد أبنائه والبعض من أحفاده إلى حيهم القديم لإلقاء النظرة الأخيرة على أماكن تجمعهم وتسامرهم وملتقى افراحهم واتراحهم.. ووقف العم محمد على الأطلال مسترجعاً شريط الذكريات وأيام الطفولة قاصا لأطفاله وأحفاده ابرز الاحداث الجميلة والحزينة التي وقعت في حيهم الشعبي القديم الذي سيتم ازالة الكثير من المباني والدور السكنية لصالح مشروع أنفاق المشاة في الحجون الموصلة للساحات الشمالية للحرم المكي الشريف. ويقص العم محمد ان منطقة الحجون كانت قديما تحتض الكثير من المقاهي الشعبية والتي منها قهوة السيد مساوا التي كانت ملتقى لأعيان ووجهاء الحجون وكانت تحف بها الكراسي الفاخرة والجلسات الزاهية و مقاهي أبو رزق والسيد علي وغيرها من المقاهي التي يتسامرون فيها كما ان الحجون بها حي (المدابغية) الذي يعتبر من أقدم الأحياء في مكةالمكرمة ويتميز هذا الحي بانتشار روائح الجلود مع روائح أشجار الشبت والعرعر ومر العم محمد هو وابنائه واحفاده مرور الكرام لإلقاء النظرة الأخيرة على الحي، بعد أن دكت آليات ومعدات القطع الصخري بنايات الحي الذي عاشوا وترعرعوا فيه. وأوضح عضو اللجنة العقارية بالغرفة التجارية والصناعية بمكةالمكرمة وعضو اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودي اسامة فرغلي انه تتم هذه الايام عمليات هدم وازالة 95 عقار في منطقة الحجون لصالح مشروع أنفاق المشاة لافتا الى ان سعر المتر الواحد يبدأ من 7000 الاف ريال ويصل الى 45 الف ريال. وقال استاذ التاريخ و الحضارة الاسلامية و مديرادارة المتاحف بجامعة ام القرى الدكتور فواز الدهاس ان الحجون الجبل المشرف اليوم على ما يعرف بريع الحجون ، وهي الثنية المعروفة بإسم كداء في كتب المعاجم والسير ، والذي دخل منه سعد ابن عبادة يوم فتح مكة ، والمتأمل في هذا الموقع يرى الجبل يمتد من الشمال إلى الجنوب قبل شقه . وكانت مقبرة أهل مكة تقع في سطحه الشرقي وقد كان الطريق منها وإليها شاقاً بسبب وعورة مسالكها لا سيما أن مواصلات ذلك العصور كانت الدواب . وعندما شُقت هذه الثنية فسهلت ومهدت ربط بين شمال المقبرة وجنوبها بنفق تمر السيارات من فوقه عندما نعبر الثنية الى الابطح أو الحرم وقد دخل منها صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مضيفا بالقول ان بعض كتب التاريخ اوردت أن أول من مهدها هو الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ثم الخليفة عبد الملك بن مروان ثم المهدي العباس ، ثم مهدت مؤخراً في العهد السعودي ، وأصبح الطريق معبداً بالاسفلت يربط بين غرب مكة وشرقها وحجزت جانبي الجبل بجدار أقيم بشكل هندسي جميل لمنع تساقط الأحجار منه على المارة خاصة ًمع هطول الأمطار.