يثير بعض المفكرين والمحللين الإسرائيليين عاصفة سياسية جديدة نتيجة للتطورات الميدانية الأخيرة سواء كانت في الجوانب الاجتماعية الحياتية أو في الجانب الآخر من الحياة السياسية، وفي ظل هذه التحولات الشرق أوسطية السريعة تظهر علامات جديدة تنذر بولادة واقع جديد وحقيقة مهمة لا بد للعقل البشري أن يتداركها ويتفهمها، وبين هذه التحولات وتلك الحقائق يسعى المفكر والمحلل السياسي الإسرائيلي للإبداع في إيجاد المخارج وبذل الجهود للحد من تلك التغيرات التي من شأنها أن تصب في دائرة مضادة، وفي خضم هذا الحراك يسعى قسم من المفكرين والمحللين للبحث عن بر الأمان في منطقة تتعرض لزلزال وبركان شديد من شأنه أن يهدد نظرية الأمن والاستقرار من الخارج، لذا يدور الحديث في الفترة الأخيرة من قبل بعض المحللين والمفكرين عن فكرة "الدولتين لشعب واحد" من باب الولوج في مربع الصراع الداخلي للمجتمع الإسرائيلي ومعالجة التطورات العالقة حفاظا على استمرارية المشروع الصهيوني. تشهد المنطقة تحولات سريعة ومفاجئة إلى حد كبير ولا نبالغ حين نقول بأنها كانت غير مرجوة من قبل الكثير ممن استسلموا لسياسة الأمر الواقع وارتهنوا في مستنقعات ضبابية ضيقة وسيئة الصيت، وفي ظل هذه التحولات يُبحث في الأجندة الإسرائيلية عن سبل لمواجهة هذه التحولات السريعة المرهونة بإرادة الشعوب، وطرح في الآونة الأخيرة العديد من الخيارات ومن ضمنها أولوية معالجة التصدعات في المجتمع الإسرائيلي، فقد احتدمت الصراعات الآيديولوجية والاثنية داخل المجتمع الإسرائيلي في تشكيل هوية المؤسسة الإسرائيلية، وقد ظهر الصراع جليا بطبيعة العلاقة بين الدين والدولة، فهناك خلاف حاد جدا بين التيار المركزي العلماني والتيارات الدينية بمختلف مركباتها، وأشار بعض الباحثين إلى جوهر الصراع والمخاوف الرئيسية التي تمثلت كما أدعى بعض الباحثين والمفكرين أمثال "ارنون سوفير" إلى تحول إسرائيل تدريجيا إلى دولة حريدية غير مستقرة وإلحاق الأضرار بالجوانب السياسية والاقتصادية وفي الإنتاج، هذا بالإضافة إلى الصراع بين التيارات الدينية اليهودية المختلفة فيما بينها، ومما يثير المخاوف العلمانية زيادة النفوذ السياسي للأحزاب الدينية في الحكومات الإسرائيلية المختلفة مثل: البيت اليهودي، غوش أمونيم، الاتحاد الوطني، المفدال التي تمثل الأحزاب الدينية القومية والأحزاب الدينية الاثنية ممثلة: حزب شاس، أحدوت هتوراة، وغيرها من الأحزاب. نتيجة لتدهور الأوضاع داخل المجتمع الإسرائيلي وللخروج من بوتقة الصراع الداخلي الذي يؤرق النخب السياسية والثقافية داخل المجتمع الإسرائيلي، لا سيما المواقف التي اتخذتها بعض الأحزاب اليمينية الدينية من طبيعة الاحتجاجات الإسرائيلية التي اندلعت في الأشهر الماضية على خلفية سوء الحياة الاجتماعية، فخلافا لقطاعات واسعة من الشعب الإسرائيلي وقفت الأحزاب الدينية ضد الاحتجاجات وضد فكرة "دولة الرفاه" كما أدعى الباحث "يئير شيلغ". يقترح بعض المحللين والصحفيين أمثال "تسيون دلل" إقامة نموذج يعتمد على مفاهيم توراتية دينية وتاريخية تعود بالأساس إلى حقبة سليمان عليه السلام في بناء الممالك الإسرائيلية القديمة للحد من الصراع المتفاقم بين التيار العلماني والتيار الديني، ومن خلال هذا النموذج يمكن إقامة دولتين لشعب يهودي واحد، ويسعى الاقتراح لتطبيق نموذج مشابه على طريقة مملكة يهودا وإسرائيل. • دولة يهودا: بحيث تضم مملكة يهودا كل من المناطق الشرقية ابتداء من كريات شمونة (الخالصة)، طبريا، صفد، العفولة من الناحية الشمالية وتمتد حدودها حتى بئر السبع في الجنوب، وتكون عاصمتها القدس، وبناء على هذا المخطط تكون يهودا دولة دينية وتحت وصاية الشريعة اليهودية الدينية وتضمن وجود التجانس اليهودي. • دولة إسرائيل: تمتد حدودها من نهاريا في الشمال على طريق الساحل وتضم كل من النقب وايلات وتكون دولة علمانية يختار شعبها الحكومة التي تمثله. يقوم هذا النموذج بوضع بنود وتصورات لتوحيد الدولتين في الجوانب الاقتصادية والأمنية العسكرية وفي الجوانب القضائية بما يضمن أمن واستقرار كلا الطرفين، ويتطرق الاقتراح إلى تقسيم فلسطينيي الداخل بين المنطقتين الدينية والعلمانية بشكل متساوٍ.