جلال الدين عز الدين - خبير في الشؤون الإسرائيلية .. يتكون النسيج الاجتماعي الإسرائيلي من مكونات غير متجانسة، تضم السكان الشرعيين من بقية الشعب الفلسطيني في أراضي 1948م، وأخلاطًا متنافرة من المستوطنين الذين هاجروا إلى فلسطين من مختلف أنحاء العالم. ورغم محاولة الدولة الصهيونية صهر هذه العناصر في بوتقة واحدة من خلال تعميم الأيديولوجية الصهيونية بتياراتها المختلفة: العلمانية (الاشتراكية والليبرالية)، والدينية، فقد كانت النتائج مخيبة للآمال. وبعد أكثر من خمسين عامًا من إنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين إسرائيل العلاقات الصراعية بنية إسرائيل تبدو الروابط الصهيونية المفروضة في حالة اضمحلال، ليرتفع الصوت الإثني، والديني اللاصهيوني، والقومي العربي، والإسلامي، والتقليدي، وتتغير التوازنات داخل أنماط الصراع الإسرائيلي الداخلي المختلفة، منذرة بتحولات شاملة في البنية الإسرائيلية. وتبدو العلاقة بين هذه المكونات اليوم -كما كانت منذ عقود طويلة- علاقة صراع وليست فقط تجاورًا وتنافسًا. سواء في ذلك حالة العلاقات العربية- اليهودية أم العلاقات بين المتدينين والعلمانيين، أم العلاقات بين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين. فكلها صراعات ممتدة، تتضمن أبعادًا طبقية وثقافية- حضارية تضرب بجذورها في أسس البنيان الإسرائيلي. وإضافة إلى ذلك، فإن هذه الصراعات لا تدور حول أفكار وعموميات مجردة، ولكنها -وقد اتخذت أُطُرًا سياسية مؤسسية تعبر عنها وتكرسها- تنعكس بصورة مباشرة في صراع على الموارد؛ ولذا تسخن الصراع الداخلي، وتؤثر في الاستقرار السياسي للائتلافات الحاكمة. وتُبرز دراسة هذه الانقسامات والصراعات الطبيعة المصطنعة للدولة الإسرائيلية، وتهافت فكرة الشعب اليهودي، والمشترك اليهودي الذي قامت عليه الصهيونية وإسرائيل. فبدلاً من أن يعمل إنشاء إسرائيل على تخليص اليهود من سمات "المنفى" السلبية، وتوفير الحياة الفاضلة لهم، كما ادعت الصهيونية، بدت "الدولة اليهودية" ساحة صراع بين هذه المكونات ذات الخلفيات المتباينة، بحيث يتجلى من تحليل هذه الصراعات، أن المكان الطبيعي لكل هذه المكونات ليس "إسرائيل"، ولكن الأماكن الأصلية التي شُتلت منها. فاليهود المغاربة، مثلاً، ما زالوا مغاربة، والإثيوبيون ما زالوا إثيوبيين، والروس ما زالوا روسًا، والأمريكيون والأوربيون، وغيرهم. وهكذا، وبدرجات متفاوتة. الديمقراطية والقناع الزائف كما يبرز تهافت الادعاء بديمقراطية إسرائيل، حيث لا تجتمع ديمقراطية مع احتلال، وظلم ظاهر، وتمييز فاضح حتى داخل "الجماعة" اليهودية، ولا يكفي اتخاذ حرية التعبير والتنظيم معيارًا لهذه "الديمقراطية" التي تكرس بآلياتها المختلفة الظلم والتمييز، وتمتص غضب الضعفاء. وكما يتضح من متابعة الصراعات الداخلية الإسرائيلية -وخاصة في أوقات الانتخابات وعرض الموازنة العامة على الكنيست- تبدو تلك الدولة عبارة عن مجموعة من الضباع التي تتنافس على فريسة، ولا تحفل بقواعد أخلاقية، ولا قيم دينية ولا أيديولوجية، ولا مصالح عامة. وتعتمد أساليب السباب والتشهير والتحريض الذي قد يصل إلى وصم بعضهم بالسباب ومعاداة السامية. خريطة الانقسامات والتوازنات المختلة وفيما يلي محاولة لرسم خريطة لهذه الانقسامات التي تقوم على أسس متعددة: إثنية، ودينية، وأيديولوجية، تجد تعبيرًا لها في أطر سياسية مؤثرة تدافع عنها وتكرسها، وهذه هي الدلالة الهامة لتناول مثل هذه الانقسامات؛ إذ يمكن من خلالها فهم السياسات الإسرائيلية والتنبؤ بها، في ظل الأوزان النسبية لكل من هذه الفرق في الكنيست والتشكيلات الائتلافية المختلفة. وإلى جانب هذه الانقسامات الكبرى، توجد انقسامات فرعية عديدة طائفية بالأساس، لن يتناولها هذا المقال؛ لأنها لا تخدم هذا الهدف بجدية. ملاحظات عامة على الخريطة وقبل عرض هذه التقسيمات يجدر التنويه إلى الملاحظات التالية: 1 - التقسيمات الواردة هي تقسيمات تحكمية، بحسب الطبيعة الغالبة على مكوناتها، وليست قاطعة صارمة، فحزب العمل مثلاً، يتم إدراجه بين القوى الغربية، ومع ذلك فهو يشمل كثيرًا من العناصر الشرقية من اليهود العراقيين مثلاً، وبعض العناصر العربية، ولكن وجود هذه العناصر لا يغير من طبيعته اليهودية الغربية الصهيونية شيئًا. 2 - وضع الأحزاب العربية ضمن خريطة الانقسامات الداخلية الإسرائيلية لا يعني، بحال، المساواة بين أصحاب الأرض الشرعيين والمستوطنين اليهود -وهي ملاحظة لا يهتم كثير بإبرازها- ولكنه من قبيل تسهيل النظر إلى التركيبة الإسرائيلية المتناقضة. 3 - قد يوجد الحزب داخل أكثر من تقسيم، فمثلا حزب شاس هو حزب ديني، لا صهيوني، بناء على التقسيمات الدينية، ويهودي شرقي بناء على التقسيمات الإثنية، ويميني بناء على الانقسامات الأيديولوجية، وهكذا. وهذا ما يدفعنا في النهاية إلى القول بإمكان تصنيف الفرقاء الإسرائيليين المختلفين -على تعددهم وتناقضهم- ضمن ثلاثة محاور كبرى هي: معسكر اليمين، والمتدينين، والشرقيين، مقابل معسكر اليسار، والعلمانيين، والغربيين. وتميل القوى العربية إلى المحور الثاني، ولكنها خارج المحورين معًا؛ لأنها في علمانيتها الغالبة تقليدية يضرب فيها الدين (الإسلام والمسيحية) والتقاليد المحلية بجذور عميقة، وفي يساريتها تطالب بمطالب تبدو "متطرفة" بالمقارنة باليسار اليهودي، سواء فيما يتعلق بالداخل الإسرائيلي، حيث تطالب بإلغاء الطبيعة الصهيونية واليهودية، وأن تكون إسرائيل "دولة جميع مواطنيها" على التساوي، أم ما يتعلق بالأراضي المحتلة في 1967م، حيث تتسق مع المواقف الفلسطينية والعربية العامة، بل يطالب بعضها – كهدف نهائي – بدولة فلسطينية واحدة في فلسطين الكاملة ثنائية القومية وديمقراطية النظام. كما أن كلا المحورين اليهوديين ينبذانها، ويتعاملان معها كمخزن للأصوات عند الحاجة، وليس كشريك، إن لم يكن التعامل معها على أنها مصدر تهديد للدولة. 4 - التمييز بين الصهيوني واللاصهيوني هو شأن إسرائيلي داخلي، يتعلق بالمرجعيات، والخلفيات الحضارية، وتفضيل صياغات معينة لحياة الفرد داخل "الجماعة" اليهودية، وهوية الدولة، ولا ينصرف إلى مسألة اغتصاب فلسطين أو مدى شرعية وجود إسرائيل، فجميع اللاصهيونيين وحتى المعادين للصهيونية -بما في ذلك الأحزاب العربية- لا تناقش مسألة وجود إسرائيل، ولكنها تعترف بالأمر الواقع وتؤسس عليه رؤاها للهوية وكيفية الحياة في الدولة التي نشأت عن هذا الأمر الواقع. لا سيما أن هذه القضية -وجود إسرائيل- قد سقطت من جدول الأعمال العربي والدولي منذ زمن بعيد، وتم إضفاء شرعية عليها من الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية على الأقل على المستوى الرسمي. 5 - اليمين واليسار في إسرائيل يكتسبان معاني متعددة، حيث يوجد أكثر من معيار للتمييز بينهما: - فمن حيث الهوية -وبالأخص الموقف من الدين- تبدو الأحزاب التقليدية والمتدينة أحزابًا يمينية، مقابل الأحزاب العلمانية التي ترفع شعارات حقوق الإنسان والمساواة والعالمية، وهي التي تندرج ضمن اليسار. - من حيث التكوين الطبقي، يبدو الأمر مثيرًا للارتباك، حيث تمثل الأحزاب اليسارية الطبقات المترفة والرأسماليين الكبار في المجتمع الإسرائيلي؛ ولذا تدعو إلى "السلام" والتجمعات الإقليمية كالشرق أوسطية مقابل الأحزاب اليمينية التي لا تمثل -ولكنها تقوم على أصوات- الطبقات الدنيا، وإن كان الأمر قد تعدل خلال العقد الأخير، حيث يئست تلك الطبقات من تمثيل الحزبين اليميني واليساري الكبيرين (الليكود والعمل) لمصالحها، وأخذت تنمو الأحزاب المعبرة عنها وخاصة حزب شاس، والأحزاب العربية، وإلى حد ما الأحزاب الروسية. ومن حيث الموقف من الصراع العربي– الصهيوني، يبدو موقف الأحزاب المتشددة في التمسك بالأراضي المحتلة في 1967م يمينًا، والأخرى يسارًا، ومع ذلك فقد طرأ تغير واضح مع بلوغ عملية التسوية الجارية منتصفها، حيث بدا بوضوح تراخي المقاومة العربية، واضمحلال الموقف السياسي الفلسطيني (نتيجة لقمع الانتفاضة وضعف المقاومة)؛ الأمر الذي سهَّل على اليسار الإسرائيلي المتحمس للتسوية -للتخلص من أعباء الانتفاضة بالأساس- الانتقال يمينًا، والتحالف مع قوى يمينية للفوز في الانتخابات دون خسائر كبيرة؛ وبذلك اتسعت المساحة التي تجمع الأحزاب اليهودية من اليمين إلى اليسار في الوسط مقابل الأحزاب العربية التي يمكن القول: إنها وحدها تمثل اليسار بهذا المعيار (الموقف من التسوية). الانقسامات والقوى السياسية الإسرائيلية الانقسامات الإثنية: ينقسم المجتمع الإسرائيلي من الناحية الإثنية إلى مجموعتين كبيرتين: أولا: السكان الشرعيون ويطلق عليهم "فلسطينيو 1948م" أو "عرب 48" أو "عرب الداخل". ويلاحظ في العقد الأخير تزايد الوعي القومي فيما بينهم وتزايد معدلات تصويتهم للأحزاب العربية، وخاصة مع ما حققته هذه الأحزاب من نهوض بمطالبهم في الكنيست. وأهم هذه الأحزاب: الحركة الإسلامية، والحزب الديمقراطي العربي، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة العربية للتغيير. ثانيًا: المستوطنون اليهود، وقد هاجروا إلى إسرائيل في موجات متتابعة منذ بداية القرن العشرين، وأسسوا دولة استيطانية في فلسطين، ويتعددون بتعدد البلدان والمناطق التي هاجروا منها، وتبرز من بينهم أربع مجموعات رئيسية ممثلة بأحزاب سياسية، وهي: الروس، ويمثلهم حزبا إسرائيل بعالياه، وإسرائيل بيتينو، والمغاربة، ويمثلهم حزب شاس، وحركة جيشر، والإثيوبيون وهم ممثلون في حزب شعب واحد، وأخيرًا الأوربيون والأمريكيون، وتمثلهم الأحزاب اليهودية الغربية المختلفة، وهي: العمل، الليكود، المركز، شينوي، ميرتس، الوحدة الوطنية، يهدوت هتوراه، المفدال الانقسامات الدينية ينقسم المجتمع الإسرائيلي من الناحية الدينية إلى قسمين: متدينين، وعلمانيين. المتدينون: يعتبر المتدينون أقلية في إسرائيل سواء في الجانب العربي أم الجانب اليهودي، ولكنهم أقلية مؤثرة، ويزداد ثقلها النسبي مع الوقت. وينقسمون إلى عرب، وأغلبيتهم العظمى من المسلمين، وتمثلهم الحركة الإسلامية، يهود، وينقسمون إلى: أ_ من حيث الموقف من الأيديولوجية الصهيونية التي قامت عليها الدولة إلى: متدينين صهيونيين ويمثلهم المفدال وميماد، ومتدينين لا صهيونيين (أو حريديم/ متشددين/ أصوليين) ويمثلهم شاس، ويهدوت، هتوراة. ب_ من الناحية الطائفية إلى: متدينين شرقيين، ويمثلهم شاس، ومتدينين غربيين، ويمثلهم يهدوت هتوراة، والمفدال. العلمانيون: ينقسمون بدورهم إلى عرب: ويمثلهم كل من: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة الحزب الديمقراطي العربي التجمع الوطني الديمقراطي الحركة العربية للتغيير ويهود ويمثلهم أحزاب: العمل، الليكود، ميرتس، شينوي، المركز، إسرائيل بعالياه، إسرائيل بيتينو، الوحدة الوطنية، شعب واحد. ويمثل العلمانيون أغلبية المجتمع الإسرائيلي. الانقسامات الإيديولوجية: ينقسم الإسرائيليون من الناحية الأيديولوجية إلى قسمين كبيرين هما: اليمين واليسار اليمين: ينقسم بدوره إلى يمين ديني، وتمثله الأحزاب اليهودية الدينية، وتشمل: (شاس، المفدال، يهدوت هتوراة). يمين علماني ويشمل أحزاب (الوحدة الوطنية، وإسرائيل بعالياه، إسرائيل بيتينوا، الليكود، جيشر). اليسار: وينقسم إلى قسمين: أ_ يسار يهودي، ب- يسار عربي أولا اليسار اليهودي وهو أقرب إلى الوسط منه إلى اليسار ويمثله كل من أحزاب (ميرتس، شينوي، العمل، المركز شعب واحد). ب_ يسار عربي، وهم بمجموعاتهم المختلفة يقعون أقصى يسار الخريطة السياسية الإسرائيلية، وخاصة بمعيار الموقف من عملية التسوية، ويمثلهم أحزاب: (القائمة العربية الموحدة، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة العربية للتغيير). عرب: وهم السكان الشرعيون ويطلق عليهم فلسطينيو 1948م أو عرب 48 أو عرب الداخل. ويلاحظ في العقد الأخير تزايد الوعي القومي فيما بينهم وتزايد معدلات تصويتهم للأحزاب العربية، وخاصة مع ما حققته هذه الأحزاب من نهوض بمطالبهم في الكنيست. وأهم هذه الأحزاب: (الحركة الإسلامية، الحزب الديمقراطي العربي، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير). يهود: المستوطنون اليهود، وقد هاجروا إلى إسرائيل في موجات متتابعة منذ بداية القرن العشرين، وأسسوا دولة استيطانية في فلسطين، ويتعددون بتعدد البلدان والمناطق التي هاجروا منها، وتبرز من بينهم أربع مجموعات رئيسية ممثلة بأحزاب سياسية، وهي: الروس، ويمثلهم حزبا (إسرائيل بعاليا، إسرائيل بيتينو)، والمغاربة، ويمثلهم (حزب شاس وحركة جيشر)، والإثيوبيون وهم ممثلون في حزب شعب واحد وأخيرًا الأوربيون والأمريكيون، وتمثلهم الأحزاب اليهودية الغربية المختلفة، وهي: (العمل، الليكود، المركز، شينوي، ميرتس، الوحدة الوطنية، يهدوت هتوراة، المفدال). المتدينون: يعتبر المتدينون أقلية في إسرائيل سواء في الجانب العربي أم الجانب اليهودي، ولكنهم أقلية مؤثرة، ويزداد ثقلها النسبي مع الوقت. وينقسمون إلى عرب، وأغلبيتهم العظمى من المسلمين، وتمثلهم الحركة الإسلامية. ويهود وينقسمون إلى: أ_ من حيث الموقف من الأيديولوجية الصهيونية التي قامت عليها الدولة إلى: 1- متدينين صهيونيين ويمثلهم المفدال وميماد. 2- ومتدينين لا صهيونيين أو حريديم متشددين أو أصوليين ويمثلهم (شاس، ويهدوت هتوراة). ب_ من الناحية الطائفية إلى: متدينين شرقيين ويمثلهم شاس. ومتدينين غربيين ويمثلهم يهدوت هتوراة والمفدال. العلمانيون: ينقسمون بدورهم إلى: - عرب ويمثلهم كل من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحزب الديمقراطي العربي، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير. - يهود ويمثلهم أحزاب: العمل، الليكود، ميرتس، شينوي، المركز، إسرائيل بعالياه، إسرائيل بيتينو، الوحدة الوطنية، شعب واحد، ويمثل العلمانيون أغلبية المجتمع الإسرائيلي. اليمين: ينقسم بدوره إلى يمين ديني، وتمثله الأحزاب اليهودية الدينية (شاس، المفدال، يهدوت هتوراة). يمين علماني ويمثله كل من أحزاب (الوحدة الوطنية، إسرائيل بعالياه، إسرائيل بيتينو، الليكود،جيشر). اليسار: وينقسم إلى قسمين: أ_ يسار يهودي، وهو أقرب إلى الوسط منه إلى اليسار ويمثله كل من أحزاب: (ميرتس شينوي، العمل، المركز، شعب واحد). ب_ يسار عربي، وهم بمجموعاتهم المختلفة يقعون أقصى يسار الخريطة السياسية الإسرائيلية، وخاصة بمعيار الموقف من عملية التسوية، ويمثلهم أحزاب: (القائمة العربية الموحدة، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة العربية للتغيير). الحزب الديمقراطي العربي: تأسس في 1988م كأول حزب عربي في إسرائيل، على يد عضو الكنيست المنشق من حزب العمل عبد الوهاب دراوشة. وقد جاء تكوين هذا الحزب كثمرة لتزايد الوعي الفلسطيني بين عرب 1948م على أثر الانتفاضة، حيث انسحب دراوشة من حزب العمل احتجاجًا على سياسة وزير الدفاع آنذاك إسحق رابين في قمع الانتفاضة، وشارك في الحزب عدد كبير من رؤساء السلطات المحلية وزعماء دينيين ورجال أعمال وزعامات محلية بدوية، تحالف فيما بعد مع الحركة الإسلامية، ودخل انتخابات 1999م في إطار القائمة العربية الموحدة، وفاز بمقعدين. ويتزعمه حاليًا عضو الكنيست طلب الصانع. يرفع الحزب -مثل بقية الأحزاب العربية العلمانية- شعار السلام والمساواة، من أجل تحقيق حق الشعب الفلسطيني في أراضي 1967م في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، وإزالة المستوطنات وعودة اللاجئين الفلسطينيين، ومن جهة أخرى تحقيق المساواة بين اليهود وعرب 48 في إسرائيل ونزع الصبغة اليهودية والصهيونية عنها. التجمع الوطني الديمقراطي: نشأ سنة 1996م على يد عزمي بشارة، ممثلاً للتيار الناصري. ودخل انتخابات 1999م في إطار تحالف سمي التجمع الوحدوي الوطني العربي مع الحركة العربية للتغيير، وحصل على مقعد في إطار هذا التحالف، كما ترشح زعيمه عزمي بشارة لانتخابات رئاسة الوزراء في 1999م، من أجل زيادة الثقل التساومي للقوى العربية في مواجهة باراك ونتانياهو معًا، وفرض المطالب العربية عليهما، وقد نجح في الحصول من باراك على وعود مكتوبة بتلبية مطالبه فيما يتعلق بالاعتراف بالقرى العربية، وتوظيف المتعلمين في الدوائر المختلفة، وتطوير التجمعات العربية، وغيرها. يكافح التجمع من أجل تحدي الطبيعة اليهودية الصهيونية لإسرائيل، ويطالب بالاعتراف بالأقلية الفلسطينية في إسرائيل كأقلية قومية ذات حقوق جماعية، وإدارة ذاتية، خاصة في مجالات التربية والتعليم ("حكم ذاتي ثقافي"). أما موقفه من عملية التسوية، فيقترح إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة في أراضي 1967م، بما فيها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإزالة المستوطنات، وذلك كحل مؤقت في سبيل تحقيق الحل الدائم، وهو دولة ديمقراطية علمانية ثنائية القومية في كامل فلسطين. الحركة العربية للتغيير: تكونت عشية انتخابات 1999م، ويرأسها أحمد الطيبي المستشار السابق لرئيس السلطة الفلسطينية، دخلت الانتخابات في إطار تحالف مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سمي التجمع الوحدوي الوطني العربي، الذي حصل على مقعدين، وبعد الانتخابات انفصلت وتقاسمت مع التجمع المقعدين. الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش): تكونت في 1977 من حزب ركح (المنشق من الحزب الشيوعي الإسرائيلي في 1965) وشخصيات عربية ويهودية يسارية من المثقفين. وقد غلب عليها الطابع العربي الفلسطيني مع الوقت، وازداد مؤيدوها من الوسط العربي في إسرائيل، وخاصة من قطاعات العمال والمثقفين الشباب، فيما ينحصر تأييدها بين اليهود في قطاع هامشي. يرأسها محمد بركة، وحصلت في انتخابات 1999 على خمسة مقاعد. وتدعو إلى التعايش والتعاون بين العرب واليهود في إسرائيل، من منطلق المساواة التامة، وإلغاء الطابع التمييزي العنصري لإسرائيل في الداخل، والطابع الاستعماري في الخارج، من خلال انسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة في 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967، بما فيها القدسالشرقية. حزب العمل: أسس سنة 1968م من اتحاد ثلاثة أحزاب عمالية هي: مباي، وأحدوت هعفودا - بوعالي تسيون، ورافي، ثم تحالف مع حزب مبام في 1969م تحت اسم المعراخ (التجمع). وفي 1992م انسحب مبام، وبقي حزب العمل. وفي 1999م وفي مسعى من زعيم الحزب إيهود باراك لزيادة شعبيته، وتغيير صورة الحزب كحزب للنخبة اليهودية الغربية العلمانية، تحالف مع حركتين هامشيتين هما ميماد وجيشر، ودخل الانتخابات تحت اسم إسرائيل واحدة. وحصلت القائمة على 26 مقعدًا، منها ثلاثة مقاعد لجيشر ومقعد واحد لميماد حسب الاتفاق الائتلافي بين الكتل الثلاثة، 22 مقعدًا للعمل. وفاز زعيم القائمة إيهود باراك برئاسة الوزراء. يؤمن حزب العمل بالفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في فلسطين من خلال إقامة دولة فلسطينية، مع الحفاظ على الاحتلال الإسرائيلي للقدس، وبقاء المستوطنات، وفرض قيود على سيادة الدولة الفلسطينية وعلاقاتها الخارجية. ميرتس: تكون في 1992م من تكتل ثلاثة أحزاب علمانية هي مبام وراتس وشينوي. وفي 1999م انشقت شينوي وخاضت الانتخابات مستقلة. وقد حصل ميرتس على 10 مقاعد في انتخابات 1999م، منها مقعد لأول نائبة عربية في الكنيست حسنية جبارة. ويتزعم الحزب يوسي سريد. يؤمن ميرتس بالفصل بين الفلسطينيين وإسرائيل من خلال إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع الحفاظ على الاحتلال الإسرائيلي للقدس. ويعارض الاستيطان في الأراضي المحتلة في 1967م. وتعتبر القضية الأولى لميرتس هي الحفاظ على الطبيعة العلمانية الليبرالية لإسرائيل. يؤمن الحزب أيضًا بالمساواة الكاملة بين اليهود وعرب 1948م في إسرائيل؛ ولذلك فقد احتدم الصراع بينه وبين القوى الدينية في إسرائيل وبخاصة حركة شاس. شينوي: تأسس حزب شينوي في 1974م، وانضم لميرتس في 1992م، ثم انسحب من ميرتس وخاض انتخابات 1999م بشكل مستقل، وذلك احتجاجًا على سياسة يوسي سريد المهادنة للأحزاب الدينية. وحصل على ستة مقاعد منفردًا. دعا شينوي في أعقاب الانتخابات إلى تكوين ائتلاف حكومي علماني، ورفض دخول ائتلاف باراك لمشاركة المتدينين في الحكومة، وتعتبر القضية الرئيسة للحزب هي محاربة هيمنة المتدينين على الحياة العامة في إسرائيل، من خلال وزنها وثقلها التساومي في تكوين الائتلافات الحكومية. أما موقفه من التسوية فهو يؤيد الانفصال بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال إقامة دولة فلسطينية، مع الحفاظ على الاحتلال الإسرائيلي للقدس، ويعارض الاستيطان في أراضي 1967م. شعب واحد: تأسس هذا الحزب عشية انتخابات 1999م بقيادة عضو الكنيست عمير بيرتس زعيم الهستدروت (اتحاد نقابات عمال إسرائيل)؛ وذلك للتعبير عن مصالح العمال، في وقت تحاول فيه إسرائيل الاندماج في العولمة والخصخصة، واستطاع الحصول على مقعدين في الكنيست. وقد انضمت إليه بعض الطوائف الإثيوبية بعد يأسها من تمثيل حزب العمل لها أو تمثيل حزب المهاجرين الجدد الذي انغلق على المهاجرين الروس. موقفه من قضايا التسوية غير واضح. الليكود: تأسس في 1973م من تحالف حزبي حيروت والأحرار، بهدف كسر احتكار حزب مباي (حزب العمل لاحقًا) للسلطة، وبالفعل نجح التكتل في الفوز بالسلطة لأول مرة في 1977م، بالتعاون مع القواعد اليهودية الشرقية الناقمة على سياسة حزب العمل. ثم اندمجت مكوناته في 1985م وحلت هياكلها التنظيمية، وأصبح الليكود قطبًا موازيًا لحزب العمل في السياسة الإسرائيلية الداخلية. وفي انتخابات 1999م تشرذم الليكود وفشل في الحفاظ على السلطة، وهزم زعيمه بنيامين نتانياهو أمام منافسه إيهود باراك في انتخابات رئاسة الوزراء، وحصل الحزب على 19 مقعدًا. آمن الليكود بفكرة "أرض إسرائيل الكاملة" ومنح الفلسطينيين في أراضي 1967م حكمًا ذاتيًّا محدودًا، وعارض اتفاقيات أوسلو، ولكنه اضطر إلى قبول الأمر الواقع، والتعايش مع عملية التسوية وإفشالها من الداخل بعد تولي نتانياهو الحكم في 1996م، واعتمد في ذلك على التحالف مع القوى الدينية، التي أصبح لها مكانة هامة في ظله، وأثار بذلك نقمة الجمهور الإسرائيلي العلماني، بما في ذلك أعضاء من الليكود الذين استقالوا من حكومة نتانياهو، وانسحبوا من الليكود نفسه بعد فشلهم في الإطاحة بنتانياهو. وتم إسقاط نتانياهو في انتخابات 1999م، وتولى إريل شارون قيادة الليكود كرئيس مؤقت، ويعاني الحزب من أزمة كبيرة في صياغة برنامجه، واختيار قيادة قادرة على منافسة باراك في الانتخابات التالية. ميماد: أنشئ حزب ميماد قُبيل انتخابات 1988م، على يد الحاخام إيهود عميطال، ويعتمد على أصوات اليهود الغربيين وخاصة الناطقين بالإنجليزية. وقد فشل في دخول الكنيست في انتخابات 1988م و 1992م و 1996م، حتى تحالف مع إيهود باراك وحزب العمل وحركة جيشر تحت قائمة إسرائيل واحدة في انتخابات 1999م، وحصل حسب الاتفاق بين هذه الكتل الثلاث على مقعد واحد في الكنيست الحالية. يسعى الحزب إلى تكوين جمهور ديني عقلاني، والتقرب بين العلمانيين والمتدينين من خلال العقلانية والاعتدال، من أجل الحفاظ على الطبيعة اليهودية لإسرائيل. أما مواقفه السياسية فهي أقرب إلى حزب العمل، وقد أعلن زعيمه أنه منزعج من انحياز الجمهور المتدين في إسرائيل لليمين؛ الأمر الذي أعطى الانطباع بأن المتدينين متطرفون ومتخلفون. ومع ذلك يؤكد أن الأراضي المحتلة في 1967م مقدسة كبقية "أرض إسرائيل" بزعمه، بما في ذلك الجولان. أما مصير هذه الأراضي فيتقرر برأيه حسب المصلحة، فإذا كانت المصلحة في التمسك بها فليكن، وإلا فإنه يجب إعادتها إلى أصحابها. جيشر: تكونت من انشقاق عن الليكود قبيل انتخابات 1996م، وتتكون أساسًا من اليهود المغاربة العلمانيين، ويرأسها ديفيد ليفي. تحالفت مع الليكود وتسوميت في انتخابات 1996م، ثم انشقت من التحالف وتحالفت مع حزب العمل وحركة ميماد في انتخابات 1999م، تحت اسم إسرائيل واحدة، وحصلت على ثلاثة مقاعد وفقًا للاتفاق الائتلافي مع حزب العمل، وتولى رئيسها وزارة الخارجية. تتفق الحركة مع الليكود في برنامجه السياسي، ولكنها تُولِي اهتمامها للقضايا الاجتماعية لليهود الشرقيين. ويعكس انضمامها إلى إسرائيل وحدة التحول الذي حدث في حزب العمل والتقاء اليمين واليسار في وسط قائم على الإجماع اليهودي فيما يتعلق بالحل النهائي للقضية الفلسطينية. حزب المركز (الوسط): تشكل في 1999م من تحالف شخصيات من أحزاب متعددة جمعتها النقمة على حكم بنيامين نتانياهو والرغبة في إسقاطه من ناحية، ومن الناحية الأخرى البحث عن مواقع أفضل في قائمة الحزب الناشئ مما في قوائم أحزابها. وترأسه وزير الدفاع المخلوع من حكومة نتانياهو إسحاق مردخاي، الذي ترشح لرئاسة الوزراء أيضًا، معتبرًا أن نتانياهو خطر على الدولة، وباراك عاجز عن إلحاق الهزيمة بنتانياهو، وذلك اعتمادًا على استطلاعات الرأي التي كانت المُوَجِّه الأساسي لسياسة الحزب وترتيب قياداته، ولكن أسهمه ما لبثت أن تراجعت لصالح إيهود باراك، وانسحب ليلة الانتخابات بعد أن بدا واضحًا فوز باراك، وحصل الحزب على 6 مقاعد في الكنيست الحالية. جاء برنامج حزب الوسط عامًّا وفضفاضًا، وحاول الجمع بين الاتجاهات المتعارضة داخله وفي الساحة الإسرائيلية عامة، ومع ذلك نص على حل وسط إقليمي مع عدم العودة إلى حدود 1967م، وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين، والإبقاء على القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبقاء المستوطنات تحت السيادة الإسرائيلية، وهي نفسها ثوابت برنامج باراك وحزب العمل والأحزاب الصهيونية. حزب الوحدة الوطنية: تكوَّن في 1999م من تحالف أحزاب: موليدت، وحيروت الجديد، وتكوماه، وكلها أحزاب تمثل أقصى اليمين الإسرائيلي، والمستوطنين في الأراضي المحتلة سنة 1967م، وتؤمن بشعار "أرض إسرائيل الكاملة"، وبعضها (موليدت خاصة) يؤمن بترحيل الفلسطينيين. وقد اتهمت هذه الأحزاب نتانياهو بأنه لم يعد يمثل اليمين، بسبب توقيعه اتفاق الخليل ثم مذكرة واي ريفر وشروعه في إعادة الانتشار في بعض المناطق الفلسطينيةالمحتلة. واعتبرت أن مثل هذه الاتفاقيات لا تقود إلى السلام ولكن إلى سفك الدماء وقد ترأس التحالف اليميني بني بيجن زعيم حزب حيروت، وترشح لرئاسة الوزراء مقابل نتانياهو. وحصل الحزب على 4 مقاعد في الكنيست. إسرائيل بعالياه: نشأ عشية انتخابات 1996م، بقيادة ناتان شارانسكي، ويستمد قوته من المهاجرين الروس الجدد الذين يربو عددهم على نصف مليون مهاجر، ويعانون صعوبات متنوعة في الاندماج في الحياة السياسية والاجتماعية الإسرائيلية، نتيجة لاختلاف اللغة والثقافة والنظرة السلبية من المستوطنين القدامى للمستوطنين الجدد، وخاصة الروس، لا سيما وقد فشلت الأحزاب الصهيونية القائمة (وخاصة الليكود والعمل) في احتوائهم. وقد استطاع الحزب الحصول على سبعة مقاعد في انتخابات 1996م، وحافظ على وزنه في انتخابات 1999م حيث حصل على ستة مقاعد، على الرغم من تكون حزب منافس هو حزب إسرائيل بيتيو. ويرجع ذلك إلى أربعة أسباب هي: أولاً_ اختلاف جمهورَيْ الحزبين، حيث يمثل إسرائيل بعالياه المهاجرين الروس أساسًا، فيما يمثل إسرائيل بيتينو جمهور يهود الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي السابق أساسا، وثانيًا_ أن المجتمع الروسي يمثل مجتمعًا مغلقًا داخل المجتمع الإسرائيلي؛ ولذا فهو يتمتع بثبات نسبي في تأييد أحزابه.