٭عجيب أمرنا ..ضعفاء ..أم جبناء ..نخاف المستقبل ونخاف الجديد بل إننا لازلنا نخبئ أنفسنا في جلباب الماضي وجلباب الجهل ..نشأت الحياة ونشأ معها خوف الانسان من الآخرين ومما يهدد حياته وأصبح جل همه واهتمامه هو ان يؤمن نفسه واهله من الاخطار المحيطة التي قد تهدد حياته وحياة الآخرين، وهذا الخوف ناشئ من الفطرة والغريزة البشرية واحتياجات الانسان البدائي في العصور الاولى والتي من اهمها وابرزها الحاجة إلى الامان ومحاولة التعايش مع قانون الغاب السائد في تلك الفترة، كل هذا من المسلمات ومن البديهيات التي لا تختلف عليها الآراء، ومع مرور الازمنة وتطور نماذج وصور الحياة وحياة الانسان وتكون الصورة النهائية الراهنة والحالية للمجتمع السعودي من أمن واستقرار وثروات نفطية ومجالات تقنية وتكنولوجية رفيعة المستوى واتساع رقعة الدولة واكتساب افرادها العديد من المهارات والعلوم والمعرفة في شتى الميادين، مع كل ذلك تغيرت متطلبات الانسان وأولوية احتياجاته في الوقت الذي كان الامن والاستقرار من أولويات الانسان في العصور القديمة اصبح لا وجود لهذا الاحتياج لانه ولله الحمد اصبح متاحاً ومتوفراً، حتى انه في العديد من الاجيال نشأت على توفر هذا المطلب الاساسي فاصبح لا يعني لهم شيئا لانهم ولفوا عليه ولم يألفوا على غيره، ومن هنا تغيرت أولويات الاحتياجات وأصبحت تأخذ منحى آخر يتمثل في تكوين الذات والتميز عن الآخرين ومحاولة الوصول إلى ما لم يستطع الآخرون الوصول إليه أيضا أخذت هذه الاحتياجات تتطور وتتطور إلى أن وصلت إلى حاجة الانسان إلى ممارسة السلطة باي شكل من اشكالها والرغبة في التحكم بالآخرين والحصول على امكانية التدخل في صنع القرار لهم، كل هذا هو من طبيعة النفس البشرية ومن غرائزها وفطرتها التي فطرت عليها إلا ان ما دعاني إلى كتابة هذا الموضوع هو اننا في مجتمعنا السعودي الحالي الذي وصل ولله الحمد إلى درجات عالية جدا ومميزة من الرقي والتقدم والتقنية والتكنولوجيا في مختلف المجالات لازلنا نعاني من الخوف من المستقبل ولازلنا نمشي بجانب الحائط لنرتكي عليه خوفاً من السقوط، ففي هذا البلد نشأت العديد من القطاعات الخاصة بمختلف احجامها وانشطتها وقد عولت عليها الدولة الكثير من مهام النهوض بالمجتمع والمساهمة في تقدمه وازدهاره واتاحة الفرص الوظيفية لاي فرد من أفراده كل فيما يخصه ويتلاءم مع امكانياته ومؤهلاته، وقد نهض الافراد بهذه القطاعات إلى ان بؤوها اماكن عالية ومتقدمة بل ان البعض من هذه القطاعات الخاصة التي قامت بسواعد وطنية اصبحت تنافس القطاعات المشابهة لها في الدول الصناعية الكبرى كالولايات المتحدةالامريكية وبريطانيا والمانيا، واعود إلى محور حديثي ..حول الخوف من المستقبل ونظرية " امشي جنب الجدار " واشير هنا إلى خوف نزوح العديد من شبابنا من العمل في هذه القطاعات الخاصة والميل للعمل بجهات حكومية ولو كلفهم ذلك انتظار سنوات عديدة إلى ان تحين فرصتهم في الحصول على الوظيفة الحكومية المنتظرة التي يرغبونها خوفاً من العمل في قطاعات خاصة بحجة انها لا تضمن لهم مستقبلهم الوظيفي، وقد يتم الاستغناء عنهم في اي لحظة كانت بسبب او بدون سبب !!وهذا اعتقاد خاطئ ومرفوض جملة وتفصيلا حيث ان الحكومة ممثلة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والتي قامت بوضع قواعد وأسس ولوائح وتعليمات تضمن للموظف حياة وظيفية مستقرة طالما انه ملتزم ببنود العقد التي تم توقيعه عليها قبل استلامه للعمل، وبامكانه الرجوع لهذا العقد متى ما شعر بانه لم يعط حقاً من حقوقه كما ان عليه واجبات تجاه عمله وواجب عليه الالتزام بها وفي جميع القطاعات الخاصة يتم تسليم الموظف الجديد " كتيب " لائحة الانظمة والجزاءات التي تحكم سير العمل بما يرضي الطرفين، ويجب ان نفهم ونعي هنا ان الموظف الحكومي كذلك يخضع لانظمة ولوائح قد يؤدي به عدم تطبيقها إلى الفصل من الوظيفة وانهاء خدماته تماماً، وفي الغالب . فان ما يستوجب الفصل من الوظيفة في القطاع الحكومي والقطاع الخاص متشابهة تماماً، فلما الخوف اذن من القطاعات الخاصة ولم الهروب والنزوح بل والعزوف عنها والانتظار الطويل لوظيفة الحكومة طالما اللوائح والانظمة تضمن حياة وظيفية مستقرة؟ !! فهذا البلد " المملكة العربية السعودية " الذي نعيش فيه وننتمي إليه والذي قد اعطانا الكثير والكثير يستحق منا ان نعطيه كذلك، وان نتذكر بأن من يعمل في اي قطاع سواء كان حكومياً او خاصاً، انما يعمل لهذا الوطن المعطاء ويساهم في دفع عجلة التقدم ..سيما وانه بعمله يوفر حياة كريمة له ولأجيال لاحقة، فدعونا نعمل في القطاعات الخاصة بلا خوف وبلا توهم . غازي الدليمي