بين فترة وآخرى، أحاول أن أذكر ماذكره السابقون من جيل الحكايات والروايات، والتي قد تصل في تفاصيلها الي التخيلات، والتي قد تكون بين الحقيقة والخيال في سردها غالبا، ومن هذه حكاية ( زاهية ) البطلة الكريمة العفيفة والتي ماتت ( مغيولة ظلماً ليلاً ) عندما كانت تسير في تجارتها ليلاً على الطريق التجاري البري متجهة الي وجهتها، ولما وصلت الي قرب محطتها الأخيرة، وإذا باصوات غريبة تقترب وتبتعد وتصدر كلمات وإتهامات غير مفهومة، تصدر من الجبال السوداء والتي تسمى الحرة البركانية. وعندها تحرك الجمل التي كان يحملها هي وتجارتها، وزادت خطواته وسرعته، تحركت وأخرجت سلاحها، خوفاً من قطاع الطريق فقد كانوا يكثرون في ذلك الوقت .وحاولت زاهية البطلة ان تسيطر على سرعة الجمل خوفاً من صخور الحرة البركانية، ولكن الأصوات مازالت تطاردها فصاحت بأعلى صوتها: أأنتم من الجن أو من الإنس؟ فيقول الرواة في سابق الزمان أنهم ردوا عليها فقالوا: من الجن.عندها أرتبكت وسقطت من جمّلها بين صخور الحرة البركانية، والتي سميت فيما بعد باسمها. ولن تنتهي قصتها بسقوطها ووفاتها بسبب الجن، ففي منتصف كل شهر قمريّ واذا انتصفت الشهر وصار القمر بدراً، يخرج خيال زاهيه على جملها، ويمرّ من المنطقة المحيطة بالحرة المسمَّاه باسمها، ويشاهده من يمرّ ليلاً، وهو يصدر كلمات حزينة غير مفهومة، ولكن من في المنطقة يعرفونه بأن هذا الصوت الحزين هو صوت الجن الذين قتلوا زاهية نادمين على فعلتهم، ومن أجل ذلك يخرجون بخيالها وهي راكبة على جملها، حتى يستمر ذكرها ويتداوله الرواة. ولم تنته قصة زاهية، بل مستمرة في أحداثها وفصولها المخيفة، وكأنها فيلم رعب مخيف! في ذات يوم خرج بعض من سمعوا بالقصة، فتأثروا وذهبوا لمشاهدة خيال زاهية وجملها، ولما وصلوا الي المكان المحدد، البعض شاهدها، والبعض لم يشعر بها ولم يشاهدها رغم تإكيدات أصحابه أنها مرت بجانبهم، لتنقل حكايتهم الرواة وتزيد قصتها إثارة وتشويقا ولتستمر ولاتنتهي حكاية زاهية عند هذا الفصل الدرامي، بل في يوم في منتصف شهر مقمر، حاول عدد من الشباب الأصحاب ممّن سمعوا قصتها، أن يخرجوا إلي المكان بحثاً عن زاهية وجملها، ولما وصلوا إلي المكان، وإذا هذا الجمل أمام سيارتهم فخافوا وارتبكوا وسقطت سيارتهم في الرمال و(غرزت ) وجلس الاصحاب في سيارتهم حتى الصباح وهم يشاهدون العجب العجاب من جمال وحيوانات مختلفة يهيأ لهم أنها تحادثهم . وفي الصباح ومع طلعة النهار، نزل الشباب خائفين مرتعبين من مشاهدات الرعب التي شاهدوها في الليل وأصلحوا سيارتهم ورجعوا إلى منازلهم وهم في حالة وَهَم وخيال ورعب وخوف لاينسى بسهولة، وقرروا ألاّ يعودوا لمثل هذه المغامرات الخيالية مرةً أخرى.