بقلم: كريم المرابط، مدير الحلول الإستشارية في "فيناسترا" في عام 2021، نشرت شركة "فيناسترا" دراسة بعنوان "رحلة إلى التمكين المالي"، والتي تستكشف تصرفات الناس تجاه المال والمؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية. تقدم الدراسة، التي تأتي في وقت تعكف المملكة على تنويع اقتصادها وإدخال الخدمات المصرفية المفتوحة، رؤى قيّمة للعاملين في مجال الخدمات المالية والشركات التي تتطلع إلى تطوير أعمالها بالمملكة. وفي هذا التقرير، نلقي نظرة على الفرص والتحديات التي تكشفها "فيناسترا" للشركات المالية العاملة بالمنطقة. المكونات الثلاثة للتمكين المالي التمكين المالي هو تمكين للناس للتحكم في موقفهم المالي. ومن خلال أحدث الأبحاث العديدة التي أجرتها "فيناسترا" في هذا الصدد على مستوى العالم، تتضح صورة لما يحتاجه الناس ليشعروا بالتمكين المالي. وبشكل عام، فقد حدد البحث ثلاثة مكونات. الأول هو المعرفة: وهي استيعاب ما يحدث بالمال، وماذا نفعل به. والثاني هو التحكم: وهو القدرة على إدارة الأموال بسهولة وفعالية. وأخيراً، العنصر الثالث: وهو أن الشعور بالحرية يتيح للناس الإنفاق والادّخار والاستثمار بحكمة. وعلى هذا النحو، فإن الحرية المالية هي نتاج للمعرفة الجيدة بعالم المال بالإضافة إلى التحكم في أموالك. انفتاح الخدمات المصرفية الرقمية يشعر الناس في المملكة العربية السعودية أن البنوك القائمة توفر المعرفة التي يحتاجون إليها، والتي تتحقق غالباً عبر فروعها، التي لا تزال قناة شائعة بالمملكة، لكنهم ما زالوا يتوقون إلى التحكم والحرية. هنا تتمتع البنوك المنافسة والتطبيقات الرقمية بالقدرة على تعزيز شعور الناس بالتمكين المالي. وهذه لحظة مثالية بالنسبة لهم، لأن سياسة الخدمات المصرفية المفتوحة للبنك المركزي السعودي تهدف إلى تعزيز الابتكار الرقمي في قطاع التمويل. وهو الشيء نفسه الذي قدمته الخدمات المصرفية المفتوحة في أماكن أخرى من العالم، على سبيل المثال في أوروبا وسنغافورة، مما جعل من الممكن لجيل جديد من شركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات التي تخوض غمار التحدي المنافسة في السوق. تعمل بالفعل 97 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية بالمملكة العربية السعودية، حيث حصل كلٌ من stc pay والبنك السعودي الرقمي، على تراخيص الخدمات المصرفية الرقمية. من خلال الخدمات المصرفية المفتوحة تتمتع شركات التكنولوجيا المالية بوضعية جيدة لتعزيز شعور الناس بالتمكين المالي. فهي قادرة على تقديم عددٍ من الخدمات المالية دون الحاجة إلى ترخيص مصرفي، مما يمنح عملاء البنوك إمكانية الوصول إلى مجموعة كبيرة من القدرات، ومنها على سبيل المثال، التمويل الأصغر وإدارة المحافظ وفحص خدمة "اعرف عميلك" (KYC) ومكافحة غسل الأموال (AML)، وحتى التوعية المالية. ولا تعد شركات التكنولوجيا المالية منافسة للبنوك، بل إن دورها "تعاوني"، إذ تقدم شراكات تكافلية يمكن أن تسهّل استفادة العملاء من الخدمات المالية. فرصة كبيرة تتوفر فرصة كبيرة تتيحها هذه القدرات المشتركة بالمملكة. يبلغ متوسط دخل السعوديين حوالي 6,400 ريال سعودي شهرياً، ومتوسط الإنفاق حوالي 2,500 ريال. وهذا يعني أن هناك دخلاً متاحاً للسعوديين يمكن الاستفادة منه في الاستثمارات، ويمكن أن تساعد الخدمات المصرفية المفتوحة في تسهيل هذه العملية بالنسبة لهم. وسواء كان ذلك في الاستثمار الجماعي أو الأسهم أو السلع أو أي شكل آخر، فقد أصبح من الشائع أن يستخدم عملاء البنوك التكنولوجيا المالية لاستثمار دخلهم المتاح. وهناك حوالي 20% من السكان ليس لديهم حسابات مصرفية، ولكن أكثر من 60% لديهم هواتف ذكية، وأكثر من 80% يستخدمون خدمات التجارة الإلكترونية. وبعد تفشي جائحة "كوفيد-19″، سيفضّل 88% من العملاء الخدمات المصرفية الرقمية، على زيارة البنك. الثقة ضرورية إلا أنه على الرغم من الدخل المتاح للمستهلكين السعوديين وخدمات الاتصال والحماس للخدمات الرقمية، فإنهم يعربون عن مخاوفهم بشأن تأثيرات ثغرات أمن المعلومات فيما يتعلق بمشاركة البيانات في الخدمات المصرفية المفتوحة. وبحسب نتائج دراستنا الخاصة بالمملكة العربية السعودية، فإن الثقة، خاصة فيما يتعلق بالخدمات المصرفية الرقمية، مهمة للغاية لمواطني المملكة. ومن هذا المنطلق، وكما هي الحال في الدول الأخرى التي تتطلع إلى تقديم هذه الخدمات الرقمية، تلتزم البنوك والأجهزة التنظيمية وشركات التكنولوجيا المالية جميعاً بتوعية المستهلكين حول فوائد الخدمات المصرفية المفتوحة والمساعدة في غرس هذه الثقة. وبهذه الطريقة يمكن أن يكون ذلك عاملاً جوهرياً للتمكين المالي الذي يحفّز مسيرة تقدم الاقتصادات. للاطلاع على دراسة "رحلة إلى التمكين المالي" هنا