ترحال وراء ترحال .. وطريق يقود لطريق .. وكل محطة خبرة مضافة, وصدفة تثري التجربة. في عنيزة ولد عبدالرحمن أباالخيل عام 1925, لأب ثري تناقلته تجارته بين مسقط الرأس والبصرة.. وكان المهد بيت الجد للأم، التاجر المشهور عبدالله البسام, وفي كنف الاخوال. * في رحلته مع العلم, كانت الخطوة التمهيدية في كتاب الشيخ الدامغ, حيث اكتفى منه بتعلم الحرف قراءة وكتابة، ليأتيه سخاء الصدفة الاولى، بافتتاح اول مدرسة حديثة ثم "العزيزية" اول مدرسة نظامية، وكان عبدالرحمن اول الداخلين واول المتفوقين، يرافقه عبدالعزيز الخويطر (الوزير والمستشار السابق). * ومن العزيزية الى البصرة برفقة والده، وهناك التحق لفترة بمدرسة النجاة بالزبير، ليشد بعدها الرحال عائدا الى عنيزة، لتبدأ محطة جديدة بالمعهد السعودي ومدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة، وحفزه مدير المعهد الأديب الراحل عبدالله عبدالجبار على الدراسة في القاهرة، لتأتي بعدها المفارقة بأن أصبح عبد الجبار مسؤول البعثات الطلابية في مصر. *تحقق حلم أبا الخيل بتلقي العلم في القاهرة .. وهناك في كلية الآداب جامعة فؤاد الاول (جامعة القاهرة حاليا) نهل الطالب عبدالرحمن أباالخيل من معين المعرفة على يد طه حسين وبنت الشاطئ وامين الخولى واحمد أمين وسهير القلماوي، ليعود إلى الوطن بشهادته الجامعية وبزوجته المصرية السيدة صفية. * بعد عمله لفترة قصيرة بديوان الخارجية في جدة، عاد الى القاهرة ملحقا سياسيا في السفارة السعودية, ليستمر الترحال بعدها الى بيروت، فعودة اخرى الى المملكة مديرا عاما لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، ليختاره الأمير فيصل في آخر حكومات عهد الملك سعود، وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية سنة 1961 لمدة 15 عاما انجز خلالها نظامين أحدهما للعمل والعمال والآخر للضمان الاجتماعي والتنمية الاجتماعية.. وحين عرضهما على الأمير فيصل طلب منه استمزاج رأي العلماء حولهما.. وبعد اجراء بعض التعديلات وافق عليهما شفاهة وكتابة الشيخان ابن باز وابن حميد فتم اقرارهما وصارا نافذين. * بعد وفاة الملك فيصل أعيد تشكيل الحكومة برئاسة الملك خالد ليعود ابا الخيل الى القاهرة سفيرا فوق العادة, ثم عودة الى جدة وجها اجتماعيا بارزا وتصبح داره منتدى النخبة. * وفي مساء الاثنين الموافق 11 يناير الحالي (2021) أعلنت وفاة عبدالرحمن ابا الخيل ثالث وزير للعمل والشؤون الاجتماعية في تاريخ المملكة الذي قدم الكثير في خدمة الوطن وعرف بانحيازه مرتين للعمال ومستحقي الضمان الاجتماعي.